ليسا بنصرين لطهران- منى سالم الجبوري

 

سوط الانتقادات اللاذعة الموجهة للحکومة والقضاء البلجيکي على أثر إخلاء سبيل الدبلوماسي الايراني “أسدالله أسدي”، الذي کان محکوما بالسجن لأکثر من 20 عاما بتهمة قيادته لمجموعة إرهابية کانت تنوي تفجير التجمع السنوي للمعارضة الايرانية في باريس عام 2018، وذلك على أثر صفقة وصفتها المقاومة الايرانية وأوساط دولية مختصة بحقوق الانسان بالمشينة، حتى نقلت وسائل الاعلام الدولية نبأ إطلاق سراح “حميد نوري”،(نائب المدعي العام في سجن جوهر دشت أيام محاکمة آلاف السجناء السياسيين في عام 1988) المحکوم بالسجن المٶبد في السويد على خلفية دوره في محاکمات السجناء السياسيين التي وصفها مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية بأنها کانت محاکم صورية، وإطلاق سراح نوري جرى أيضا على أثر صفقة مشابهة بين ستوکهولم وطهران.

هذان الحدثان يلفتان النظر کثيرا من حيث إنهما ليسا بحدثين إعتياديين يمکن المرور عليهما مرور الکرام، بل إنها غير عاديين، فالاول يتعلق بدبلوماسي إيران کان يشغل وقت قيادته لتلك المجموعة الارهابية التي کانت تحاول تفجير مکان التجمع السنوي للمقاومة الايرانية في باريس، منصب السکرتير الثالث في السفارة الايرانية في فيينا، أما الثاني فإنه کان هناك أکثر من 100 شاهد ضده على إنه کان أحد المسٶوليين القضائيين الذين شارکوا في إرتکاب مجزرة آلاف السجناء السياسيين عام 1988، وهذا يعني بأنهما لم يکونا مجرد محکومين عاديين، فالاول تم إعتقاله متلبسا بجريمة قيادة مجموعة إرهابية والثاني تم إعتقاله بتهمة إشتراکه في جريمة إبادة آلاف السجناء السياسيين وهي الجريمة التي وصفتها أکثر من منظمة حقوق انسان دولية وفي مقدمتها منظمة العفو الدولية بأنها جريمة ضد الانسانية، ولذلك فإن إطلاق سراحهما يحمل أکثر من معنى سلبي وحتى يضع علامة إستفهام على مصداقية مبادئ وقيم حقوق الانسان في الاتحاد الاوربي ونفس الشئ بالنسبة للموقف من الارهاب، خصوصا وإن عملية تفجير مکان التجمع السنوي للمقاومة الايرانية لو کان قد کتب لها النجاح فإنها کانت ستکون کارثة إنسانية غير عادية لأن عشرات الالاف من الايرانيين وغير الايرانيين کانوا يحضرون ذلك التجمع.

الملفت للنظر کثيرا هنا، إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية، وکما نقلت عنه وکالة مهر الايرانية المقربة من الحرس الثوري، بأن الافراج عن حميد نوري الذي قضى في الحجز 1680 يوما تحت ظروف لن توصف وتتعارض مع الاسس الاولية لحقوق الانسان وإن محاکمته لم تکن قانونية وإفتقرت للشرعية، وهو زعم يثير السخرية الکاملة، ذلك إن ما يدعيه المتحدث بإسم الخارجية الايرانية هو في الحقيقة يفتقر للمصداقية بل وحتى إنه کلام عار عن الصحة إذ جرت محاکمة حميد نوري بصورة علنية ونقلت جلساتها وسائل الاعلام والعالم کله يعرف الفرق بين السجون الاوربية والسجون الايرانية وتطبيق معايير حقوق الانسان فيهما.

بلجيکا ومن بعدها السويد، قدمتا مايمکن وصفه بحدثين سيسعى النظام الايراني لإستغلالهما والزعم بأنهما بمثابة نصرين سياسيين وقضائيين له، ولکن فات هذا النظام إن مايزعمه بنصرين هما في الحقيقة وقبل ذلك بمثابة فضيحتين سياسيتين وقضائيتين لاتشوبهما شائبة، وحتى إن ما سينجم ويتداعى عن هذين الحدثين سوف يتسبب في نشر المزيد من الغسيل القذر للنظام الايراني ولاسيما وإن التجمع السنوي العام للمقاومة الايرانية على الابواب في ال29 من الشهر الجاري في برلين وقطعا سيکون الموضوع الرئيسي لهذا التجمع وقبله لمنظمات حقوق الانسان في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *