الحرب قادمة لا محالة ؟- كامل سلمان

الحديث عن الحرب في جنوب لبنان أصبحت حقيقة وشر لابد منه ، فكل الدلائل والمؤشرات تقول بأن الحرب واقعة لا محالة ، ماذا يعني إندلاع الحرب جنوب لبنان بين حزب الله وإسرائيل ، وكيف ستكون نتائج هذه الحرب ؟ وماذا يعني لو انتصر حزب الله في هذه الحرب ، أو إنتصرت إسرائيل ؟ هذه الأسئلة مهمة جداً لفهم واستيعاب الواقع ، لأن أي شيء يحدث في المنطقة مقدماً علينا أن ندرك بأن حدوثه لم يك صدفة بل بتخطيط عالي المستوى ، فهجوم يوم 7 أكتوبر لم يك صدفة ، ولا يوجد إنسان عاقل يظنها صدفة ، ولم يك الحدث بعيداً عن علم ودراية إسرائيل ، هناك حقيقة يجب أن يعلمها الجميع بأن العالم الغربي كله بالإضافة لإسرائيل واليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية ومعظم دول أفريقيا واسيا ودول الخليج لها تبادل معلوماتي استخباراتي دقيق فيما بينها وعلى مدار الساعة ، وبنفس الوقت لهذه الدول وخاصة المتقدمة خلايا استخباراتية تعمل وسط قيادات جميع البلدان التي فيها مشاكل وازمات ، فليس هناك أدنى شك بأن إسرائيل كانت على علم مسبق بهجوم حماس وبأدق التفاصيل ، وحتى الانفاق تحت الارض في غزة كانت معلومة للجيش الاسرائيلي ، فقد أظهرت أحدى اللقطات التلفازية مجموعة جنود إسرائيليون يتمشون داخل الانفاق في غزة وبيدهم خرائط ، من أين جاءوا بالخرائط ؟ وبناءاً على ذلك فأن المجهول بالنسبة لعامة الناس هو معلوم بالنسبة لبعض الدول والجهات ، فما حدث في غزة لم يك يعلمه أحد ، ولكنه معلوم منذ بدايته حتى نهايته لبعض الجهات الاستخباراتية وعلى رأسهم إسرائيل ، وكيف ستصبح غزة في نهاية المطاف عند اصحاب الشأن كلها معلومة حسب المعطيات ، لسنا في عالم القرون الوسطى ، نحن الان في قمة عصر التكنلوجيا ، والعمل الاستخباراتي أصبح علم مرتبط بالتكنلوجيا ومرتبط بالأقمار الصناعية ، وهذا العلم يدرس ويتطور حصراً في بعض الدول .. وما هو آت من أحداث وحروب في المنطقة لا تخرج عن دائرة التخطيط المسبق . قبل الحديث عن الحرب جنوب لبنان علينا أن نعلم بأن هنالك دول تتربص بمثل هكذا أحداث كبيرة ، مثلاً تركيا ستستغل حرب جنوب لبنان أن وقعت هذه الحرب وانشغل العالم بها لتقوم بضرب مناطق الكورد أو أحتمال احتلال أراض واسعة من شمال سوريا ومناطق كوردستان الغربية ، فبالنسبة لتركيا هذه فرصة لا تعوض فلا أحد سيلتفت الى تركيا خاصة أن دول العالم الغربي ستكون بحاجة إلى تركيا في هذا الوقت بأعتبارها عضوة في حلف الناتو وحلف الناتو سيكون على أهبة الاستعداد للتدخل إن تطلب الأمر ، روسيا ستقوم بقصف عشوائي وبالصواريخ لمناطق واسعة من أوكرانيا لإلحاق أقصى الضرر بالبنى التحتية الأوكرانية بسبب إنشغال العالم الغربي بالحرب التي ستكون مشتعلة في جنوب لبنان ، المليشيات المنتشرة في دول المنطقة ستعزز مكانتها وسطوتها داخل بلدانها وستصبح قوة تهدد كيان الدول نفسها ، الصين ستستغل هذا الوضع المربك في المنطقة لزيادة الفوضى من خلال أمداد التنظيمات والدول المتحاربة بالدعم اللوجستي لكي ينشغل العالم أكثر بالحروب وتكون في موقف أقوى لإستعادة تايوان كما تظن .. هذه المتلازمات ستكون حاضرة مع الساعات الاولى لإندلاع الحرب بين حزب الله وإسرائيل . نحن ابناء هذه المنطقة قلقون من قادم الايام ، لا نتمنى الشر والخراب لأي بلد ولا نفرح بسفك الدماء والآلام للناس فقد أتعبت الحروب شعوب المنطقة ، ولكن الحقائق ستتحدث على الأرض ، بلا أدنى شك ستتضرر إسرائيل كثيراً نتيجة الضربات الشديدة التي ستتلقاها في الأيام الأولى للحرب وقد تصاب بنيتها التحتية بأضرار كبيرة ، ولكن إسرائيل وراءها دول عظمى يمكنهم إعادتها إلى سابق عهدها بل وأفضل خلال أيام معدودات ، أما لبنان فمن سيعيدها إذا تحولت إلى غزة ثانية وتدمر بها كل شيء ، لبنان ستتدمر بكل تأكيد . هنالك مسألة مهمة يجب إدراكها من قبل الجميع وهي أن الدول الغربية وبعد الحرب العالمية الثانية أصبح عندها فلسفة وعلم أسمه إعادة الدولة وإعادة الإعمار بعد كل خراب وبسرعة تفوق الخيال. فمنذ مشروع مارشال الشهير الذي تلا الحرب العالمية الثانية أكتسبت الدول الغربية تجربة هائلة في كيفية وسرعة إعادة الإعمار بعد الحروب والكوارث ، أنا شخصياً كنت أتابع بعض الأعاصير التي تضرب ولايات أمريكية وتدمر هذه الأعاصير كل شيء وتسوي مدناً بالأرض ، ولكن خلال أسابيع معدودة تعود الحياة أفضل مما كانت عليه قبل الأعصار ، تسونامي البحر الذي ضرب اليابان وأنهى مدناً بالكامل ، لكن بعد اسابيع اعادة اليابان نفسها افضل من السابق ، فهم تعودوا سرعة البناء بعد الخراب وعندهم دراسات وفلسفة ينفردون بها عن بقية دول العالم ، أنظروا إلى الكويت كيف أعادوها أفضل من ذي قبل حين غزاها الجيش العراقي وحرق ودمر كل شيء فيها بالرغم من أن الكويت فعلت ذلك بأموالها ولكن سرعة العمل وأسلوب العمل كان غربياً بالتمام والكمال ، بينما بقي العراق مدمراً حتى يومنا هذا . حتى يومنا يتحسر العراقيون على الكهرباء والماء الصالح للشرب والرعاية الطبية والتعليم وغيرها ، ولا ننسى بأن إسرائيل جزء من العالم الغربي . . أن إنتصار حزب الله في كل الأحوال لا يعني إنتهاء إسرائيل ولسنا بحاجة ان نشرح لماذا ، فإسرائيل دولة نووية وتمتلك اكثر من مئتي رأس نووي وأكثر من نصف دول الكرة الأرضية تقف بجانبها . ولكن إنتصار إسرائيل في كل الأحوال يعني إنتهاء وخراب لبنان ، والفرق كما بينا هي القدرة في العودة اثناء وبعد الحرب ، أما عند الدول الشرق أوسطية فالحل بعد الخراب أن تترك الأمور للزمن ومساعدات الخيريين وعطف المنظمات الدولية ، صحيح أن جميع دول العالم الثالث وخاصة الإسلامية منها ، يعرفون كيف يبدأون الحروب وكيف يباغتون العدو ولكن استمرارية الحروب وديمومتها وإنهاء الحروب وما بعد الحروب فهذه ليست من اختصاصاتهم . أظن بأن العقلاء لهم القدرة على النظر للأمور من جميع الجهات والزوايا ، وتجربة حماس و 7 أكتوبر أعطتنا إشارة واضحة إلى أن قادة الشعوب المغلوبة على أمرها لا تستطيع رؤية الأمور من جميع الجهات والزوايا ، ولو كانوا كذلك ما كان ثمن هجوم حماس خراب غزة بالتمام .. والله يكون بعون هذه الشعوب التي أبتليت بقادة لا يملكون من العقل شيئا .

2 Comments on “الحرب قادمة لا محالة ؟- كامل سلمان”

  1. كاك كامل سلمان المحترم.
    تحية.
    أحسنت كالمعتاد.
    للاطلاع:
    “هذه الشعوب التي أبتليت بقادة لا يملكون من العقل شيئا .” صدقتم صدقتم. أتذكر بيتا لأحد شعرائنا الراحلين، أظن فائق بيَكه س: قه ومي كورد دل ساف ويِاكن، مله تيَكن بى قسور، خوا كَه وره كاني بكَريَت، بى كه لك و هيجِ نه زانن. وكان يتنبأ بمستقبل كردستان دوما ويردد: خاكي كوردستان جِه نده ره نكَينه، خوايه نه يكه ى ويَرانه.
    “لم يك”! هل المقصود لم يكُن أو لم يكون؟
    محمد توفيق علي

    1. الاخ العزيز محمد توفيق علي
      شكراً لمتابعتك وتعليقك ، ( لم يك ) مجزومة فتكتب بهذا الشكل وتقرأ ( لم يكن ) ، وكلمات الشاعر رائعة وصادقة ، ذوقك جميل وتعليقك اجمل . تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *