إنها القاعدة في إيران وليس إستثناءا- منى سالم الجبوري

 

منذ أيام الخميني وحتى الان، يسعى النظام الايراني بمختلف أنواع الطرق ليثبت بأنه ليس إطلاقا کما تصفه المنظمات الدولية المختصة بحقوق الانسان وإن هناك ثمة حملة دولية مغرضة من أجل تشويه سمعة هذا النظام وإظهاره على غير حقيقته، بمعنى إن هذا النظام هو أساسا مجرد حمل وديع ولکن”الذين في قلوبهم مرض” و”عذال” النظام، يحاولون بکل الطرق لإظهاره بهيئة الذئب والوحش الکاسر!

لکن، هل إن هناك حقا حملة ظالمة ضد هذا النظام لا تستند على الحقائق وتسعى من خلال الکذب والتمويه من أجل تشويه صورته؟ الحقيقة إنه لو کان هناك ثمة إنسان قام بعمل شائن مرة وبعد ذلك أنکر فعلته ثم عاد وإرتکبها ومن جديد أصر على إنکاره هذه المرة أيضا وعاد لإرتکاب العمل الشائن کرة أخرى متزامنا مع إنکاره المعهود وهکذا دواليك، فهل يمکن القول بأن الناس يظلمون هذا الانسان عندما يتهمونه بإتکاب العمل الشائن؟

ولتوضيح ما نسعى لطرحه فإنه وخلال الاسابيع الماضية، تم تنفيذ 126 عملية إعدام علنية وإستمرت عمليات التعذيب والضغط والحرمان على السجناء وفي الايام الاخيرة، قام أحد أفراد الحرس الثوري الايراني بقتل شاب من أهالي مدينة لاهيجان تحت التعذيب، وبعد أن دوى صدى هذه الجريمة في المدينة وشرع بالانتشار في مدن أخرى، فإن قائد شرطة مدينة لاهيجان وفي بيان صادر في 31 من الشهر الماضي، إعترف بحقيقة وفاة الشاب تحت التعذيب ولکن بطريقة تحفظ للنظام ماء الوجه عندما وصف حادثة الوفاة تحت التعذيب بأنه:إستثناء”!!!

هذا الاستثناء الذي يطرحه مدير الشرطة هذا يعيد بنا الى ما حدث بعد إحتجاجات أواخر عام 2017، ضد النظام، عندما أعلن النظام بأن قرابة 16 معتقلا من الذين شارکوا في تلك الاحتجاجات، قد إنتحروا في زنازيهم! بل وحتى قبل ذلك وأثناء حوادث القتل المتسلسل التي تعرض لها نخبة من المثقفين والفنانين والمفکرين في أواسط العقد التاسع من الالفية الماضية من الذين کانوا يقفون على مسافة من هذا النظام، فقد زعم النظام بأن هذه الحوادث إرتکبها مسٶول في وزارة الامن وإن الوزارة والنظام لم يکونوا على علم بها!

وهناك ثمة حادثة أخرى من المفيد ذکرها بهذا السياق إذ أنه وفي 23 يونيو 2003، خلال رئاسة خاتمي، تم القبض على زهراء كاظمي، صحفية كندية إيرانية، أمام سجن إيفين. وتعرضت للاغتصاب والتعذيب الوحشي الذي تورط فيه المجرم سعيد مرتضوي، ما أدى إلى وفاتها. وبعد احتجاجات والدة زهراء كاظمي، نشرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية الرسمية في 30 يوليو 2003 تصريحا لمسعود بزشكيان، وزير الصحة آنذاك، والرئيس الحالي للنظام قال فيه: “ما رأيناه من الجثة لا يدل على صحة الادعاءات. كانت الكدمات على جسدها ناتجة عن حقن دواء”، وکذلك في  12 أكتوبر 2007، اعتقل الحرس التابع لخامنئي الدكتورة زهراء بني يعقوب في حديقة بهمدان، وقتلت تحت التعذيب في مركز احتجاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد بضعة أشهر، في 15 يناير/كانون الثاني، تم اعتقال إبراهيم لطف اللهي، وهو طالب في السنة الرابعة بكلية الحقوق، وقتل تحت التعذيب.

ولا ينتهي هذا الحديث هنا بل إنه يستمر وبصورة تصعق السامع وتجعله يعيش في حالة من الالم لما يسمعه أو يقرأه، إذ أنه وخلال انتفاضة عام 2009، قتل العديد من المعتقلين تحت التعذيب في معتقل كهريزك، من بينهم محسن روح الأميني، ومحمد كامراني، وأمير جوادي فر، ورامين قهرماني، وأحمد نجاتي كاركر وغيرهم. ولعب الرئيس الحالي لقوات الشرطة دورا رئيسيا في هذه الجرائم. بل حتى أنهم قتلوا رامين بوراندرجاني، وهو طبيب في كهريزك، داخل مستوصف الشرطة، لأنه كان على علم بجرائم القتل التي ارتكبت هناك.

ما يزعم قائد شرطة لاهيجان بأن حادثة قتل  محمد مير موسوي، إستثناءا في الممارسات القمعية للنظام وليس قاعدة، هو زعم يثير ليس السخرية والتهکم فقط بل وحتى التقزز والاشمئزاز!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *