إيران ، وضياع رفاهية الخيارات- صبحة بغورة

أكد الرئيس الإيراني بزشكيان في كلمته التي ألقاها في منظمة الأمم المتحدة على ما يلي :
” أن إيران لا تسعى إلى الحرب، وتعتبر الحرب ضد إسرائيل فخا لن تنزلق إليه ”
إيران تهدد برد عملي على اسرائيل وتتوعد:
” لن نترك أيّا من أعمال اسرائيل الإجرامية تمضي دون رد ”
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قد صرح بأن :
” إيران لن ترسل مقاتلين لمواجهة اسرائيل في لبنان وغزة ”
لقد تعرضت السيادة الإيرانية لانتهاكات سافرة وخطيرة داخل إيران عدة مرات راح ضحيتها العديد من كبار القيادات المحسوبة على الفصائل والحركات المسلحة الفلسطينية واللبنانية ، وجرى تصفية قيادات أخرى خارج التراب الإيران ولم يكن رد الفعل العملي الإيراني في مستوى الحدث ، بل كان أكثر لطفا من قولها ، لقد فقدت إيران رفاهية الخيارات أمام خطورة تصعيد الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ، فهي إمّا أمام شبح الحرب الشاملة ، أو في مواجهة معضلة رسم معادلات ما بين منتصر وخاسر، لقد رسمت إيران الكثير من الخطوط الحمراء سرا وعلانية وكان لسان حالها يقول بصوت عال تلك خطوط لا ينبغي تجاوزها وإلاّ وجب التأديب .
لم تتناول إيران أمور وقضايا منطقة الشرق الأوسط في إطار معركة الوعي لتكون بحق كما تزعم الصوت المعتدل الحر، بل لم تكن مواقفها على القدر الكافي من الصراحة والمستوى المطلوب من الشفافية وذلك حتى لا تسهُل محاسبتها أو يفتح المجال لمساءلتها ، إنها تروّج أفكارا بالقول ثم تأتي بنقيضها في الفعل.
لقد اغتالت اسرائيل اسماعيل هنيه القيادي البارز في حركة ” حماس” ورئيس المكتب السياسي للحركة الفلسطينية في مقرإقامته الآمنة داخل إيران، ثم قضت على كل أعضاء الصف الأول من القيادة العليا في حزب الله اللبناني وهي تواصل مسلسل الاغتيالات لقيادات الصف الثاني والثالث.. وقد أكدت إيران حينها وفي كل مرة احتفاظها بحق الرد ، وليتها ما فعلت . إن أذرع إيران المختلفة، الحركات والجماعات المرتبطة بها عقائديا وسياسيا في غزة وسوريا ولبنان واليمن والعراق.. كلها مهددة بالفناء بل إنها مدرجة في قوائم الأطراف المقرر زوالها من الوجود لضمان أمن اسرائيل التي تبدو حاليا في أفضل حال، إذ لا تقوى جيوش أيّ من هذه الدول المذكورة تحديدا على مواجهتها دفاعا عن نفسها وذودا عن ترابها بعدما انهكتها المؤامرات وأضعفتها الصراعات الداخلية المسلحة عسكريا واقتصاديا، ولا شك أن رؤساء هذه الدول وقيادات الحركات والفصائل المسلحة تدرك الآن جيدا أن الواقع الحالي في إيران التي ، ليس كما كان يبدو في إيران التي ، وقد لا تجدها يوما سندا مقنعا معها وظهيرا قويا لها، لقد رفعت إيران يدهاعن قضايا الشرق الأوسط ضعفا وتقصيراوأبانت عن موقفها سفورا، ملوحة في المقابل بملفها النووي، عساها تحصل من الغرب على بعض ما عجزت عن تقديمه لحلفائها في الشرق، فهامش خياراتها يضيق، ومكانتها الإقليمية تنحسر، إذ خلال إلقاء الرئيس الإيراني كلمته الأخيرة أمام الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة عبرت عدة اوساط إيرانية عن قناعتها بضرورة تحرك الرئيس الإيراني لوضع حد للعداء بين طهران وواشنطن حيث ترى ذات الأوساط أن الوقت مناسب للمصالحة بين البلدين، وهو مؤشر على احتمال فقدان محور المقاومة أحد أهم القوى الإقليمية الداعمة ، وبعدما أثبتت القوة العسكرية الأمريكية حضورها في قلب الأحداث أضاعت إيران في مياه الخليج مكانها ومكانتها.