شعوب واحدة – الكاتب : عبدالله اركان عزيز

 

في ظل تدهور الأوضاع بلبنان، هُناك من يعض البنان ألمًا على الضربات التي يشنها الكيان الصهيوني في جنوبها، وهُناك من أستقبل أهلها في الاحضان ببلاد النهران ما هان عليهم تركهم تحت هذا الظرف الراهن الذي سُفكت فيه دماء النساء والأطفال والرجال من مختلف الأعمار، حيث فُتحت أبواب البيوتِ وليس الخيام والمدارس المشيدة لا الكرفانات لأننا شعوبٌ واحدةٌ لا تُفرقنا حدودٌ وجُدران منذُ قدم الزمان تعاهدنا أن لا ينسى كلانا الآخر وأن نتشارك المواجع والأحزان وعزائنا مُشترك وثوب الحداد لا يُخلع حتى تنتهي الحروب التي صالت وجالت وشردت ودمرت زهرةً كانت تُضرب بها الأمثال وتعمُ فيها الأمان والاطمئنان هكذا أنتهى بها الحال بأن تطير فيها الصواريخ لا الفراشات، ويعلو أزيز الرصاص لا تغريد الطيور المُهاجرات، وتفوح رائحة الفسفور لا عطرِ الورودِ الطيبات، ودُخان الانفجارِ لا غيومٍ ماطرات، وانهيار منازلٍ شامخاتٍ تُعانقُ السحاب، وجبالٍ سودٍ لا خضراء تسُر المناظرِ والأبصار، تخضبت الهامات بالدماء وبكت الأرض عندما تلقت القُطيراتِ الحمراء، علينا أن نتحد وأن لا نترُك فراغًا يسود على ضمائرنا وأن لا نتبع مسرىً يقودنا إلى التفرق وموتِ ضمير المحبة الذي زرعهُ رسولنا الكريم (عليه الصلاة والسلام) وأن لا نقطع صلة الأرحام التي كانت وما زالت تجمعُنا كلما زاغ القلبُ عن الاجتماع والحُب الذي تزهُ بهِ الحياة، وأن لا نشمت بالمصاب كأننا لسنا عربٌ وإخوان، اجتمعوا وتماسكوا بأيدِ بعضكم البعض وأسحبُ من تحاول جرفهُ فتنة التفرقِ ومناصرة الأعداء إن نسيتمُ نحن أبناء أيَّ أرضٍ، فتذكروا أننا أبناءُ الصحراء الذين حاربنا السنين العجاف وروينا ظمئنا من ماءِ أعيُننا عندما أشتد علينا البلاء وكان دوائنا أن لا نُفرطُ بمحبةِ الأحباء، لأننا نحيا برؤية أرضنا سلامٍ وأمان وزهوٍ تزدهرُ بهِ حياتنا بأشياءٍ بسيطةٍ كأننا أطفالٌ صغار، علموا صغاركم قبل كباركم أن الوطن العربي أمةً واحدةً لا تنتصر إلا أن نكون رُحماء كما تكون مياه الأنهار حلوةً لا تُجفف الأعراق كما تفعلوا مياه البحار، وكل كُربةٍ تحدثُ بِبُلداننا هي اختبار لتكشف إنسانيتنا الداخلية لا الخارجية التي تنهار بمجرد اشتداد الشدة وطوال المدة على عاتق الأبرياء، فلا تكون كالذين نسوا إخوانهم فأنساهم الله قلوبهم وساد عليها الذل والهوان ، ونستذكر أنفسنا بقول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي بقصيدتهِ الشهيرة:

إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ

فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي

ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرُ

فإن لم يُريد الفرد الحياة في بلادها سيطول غياب الفجر الجديد ويبقى صدءًا كالحديد هشًا تهزهُ رياحُ العدى من بعيد ويطولهُ كل صغيرٍ لا يرعبُ طفلًا عنيد، ولا يعجب إن أصبحت طبول الحربِ في بلادهِ تُقرع فرحًا وأقدامهُ تطربُ قربهُ دون أن يُدافع عن نفسهِ وأرضهِ وعرضهِ وصرخات أمهِ، إن لم يُكسر القيد الذي يلتفُ جوال الفؤاد فلن يرأف إلى رؤية المأساة، ومن أراد أن ينجلي هذا الظلام فعليهِ بقلبهِ أولًا ومن ثم في بصيرتهِ لأنهما جوهر الإنسان الحقيقي والحرب ما هي إلا أيامٍ معدودة وتزول ولكل غروبٍ شروقٍ جديد، ولنا أمل من الله أن نرى بداية فجرٍ يطردُ الحزن المريد على يد جيلٍ ذو بأسٍ شديد، لأن مصير الظالم الزوال وأن ينال الجزاء الأكبر وأن يُسقى من الكأس الذي سقى بهِ غيره من سوء الأفعال، قد صبرنا كثيرًا على تكرار المشاهد التي لا تسرُ الأنظار، وعلى مصائبٍ لم تكون في الحسبان، ونأمل من كل عربيٍ حُر بعدم الخذلان لمن تأملوا بهِ خيرًا وأن لا يستخدم مصطلح أنتم من اي البلدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *