الدكتور علي الوردي والانحراف الجنسي/ قوم لوط/1/ عبد الرضا حمد جاسم

في ص59 من كراسة/ شخصية الفرد العراقي/1951 كتب الراحل الوردي التالي: [… وفي العراق نجد الانحراف الجنسي منتشراً بسبب هذا الانفصال الفظيع بين الرجل والمرأة ولهذا نجد أغلب أغانينا تخاطب الحبيب بلفظ المذكر الامر الذي يندر ان نلاحظه في البلاد الأخرى، واغلب اشعارنا الغزلية نؤاسية أي هائمة بنفس الحب الذي هام به المنكوب أبو نؤاس ولسوء حظنا ان العراق كان مهد الحجاب لأول انتشاره في الحاضرة الإسلامية وكذلك مهبط الوحي على ابي نؤاس] انتهى
أسمحوا لي أن اُقَّطِعْ هذه العبارة/ المقطع واُناقش كل جزء منها كما يأتي:
*اولاً: ـ [في العراق نجد الانحراف الجنسي منتشراً بسبب هذا الانفصال الفظيع بين الرجل والمرأة] انتهى
أقول: لا شك في ان الانفصال “الفظيع” بين الرجل والمرأة يؤدي الى مشاكل اجتماعية من صورها بعض الانحراف الجنسي المكتسب… وهذا يقره العلم وتقره نتائج الدراسات الاجتماعية والنفسية وليس على/في ذلك خلاف. لكن اين وجد الوردي هذا الانفصال “الفظيع” بين الرجل والمرأة في العراق وقت اعداده هذه الدراسة او قبلها؟ هل كانت الجامعة او الكلية التي نُّسِبَ للتدريس فيها ، هل فيها مثل هذا الانفصال؟؟؟؟.
أليكم ما كتبه الراحل الوردي في ص286 من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965: [زرت المدينة (…..) في العام الماضي مع جماعة من الطلاب والطالبات فكانت الزيارة حدثا هاما في تاريخ المدينة لفت اليه الأنظار. الواقع ان اهل المدينة قاموا بواجب الضيافة نحونا حسبما تقتضي تقاليدهم القبلية ولكنهم كانوا في قرارة أنفسهم يستنكرون وجود طالبات سافرات يمشين مع الطلاب جنبا الى جنب…] انتهى
انتبهوا لطفاً الى: “في قرارة انفسهم”!!!
هل وجد الوردي ذلك الانفصال “الفظيع” في أسواق المحلات الشعبية في المناطق السكنية التي تردد عليها في بغداد؟
ألم تكن البيوت في تلك المناطق/ الحارات تضم أكثر من عائلة في كل بيت وكما ذكر الوردي في ص301 /دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/عنوان فرعي/”ازدحام البيت” حيث كتب:[وهذا امر نلاحظه في كثير من البيوت في المدن العراقية حيث تحتشد عدة عائلات في البيت الواحد عادةً وقد تسكن كل عائلة في غرفة او بضع غرف منه] انتهى والراحل الوردي كما أتصور يعرف ان هذه الحالة  موجودة في الكثير من مناطق ومدن العراق الاخرى يضاف لها في المدن الأخرى البعيدة عن بغداد و ازقتها الناس تعيش بالقرب من بعضها والكثير منهم يشكلون اسرة كبيرة كونهم من الأقارب والانساب وأبناء العم والخال ولا فواصل بين المرأة والرجل وكانت قصص الحب والغرام والهيام على الكثير من الالسن و الأغاني تصدح في البراري و على شواطئ الأنهار او على ظهور المراكب و المشاحيف وكان الكثير من الرجال يستأنسون برأي المرأة في بعض المواقف الصعبة واعرف امرأة كانت تدير “كُتاب” لتحفيض القرآن في قضاء من اقضية العراق على نغمات: (الف لام زبر أل…حين ميم زبر حم دال بش دو… الحمدُ) وتَّخرج من ذلك الكُّتاب بعض الأشخاص الذين صار لهم دور في الحياة السياسية و الرسمية في العراق…. اذن اين ذلك الانفصال الفظيع بين الرجل و المرأة أيها العالم الجليل!!!؟؟…
وللعلم انه في عام 1923 صدرت في العراق اول مجلة تختص بشؤون المرأة اسمها “ليلى” وكانت اول خريجة لكلية الطب في عام 1939 وبعدها كانت خريجات كلية الحقوق. وساهمت المرأة في انتفاضة 1948 واحداث 1952 حيث اعتقل بعضهن. وكانت اول وزيرة في كل المنطقة او في البلاد العربية هي عراقية… صحيح ان هذه الحالات قليلة لكن لها أساس فهي لم تأتي طافية لتستقر في العراق انما من أصل العراق الثقافي الاجتماعي.
جزم الراحل الوردي هنا بوجود وانتشار الانحراف الجنسي في العراق بذكره “نجد. و .منتشراً” وهو الذي برع في ذم من يجزم ويحسم. وهنا يحق لي كقارئ أن اسأل الراحل الوردي: أين وجدت “نجد”؟ وماهي مظاهر الانتشار “منتشراً”؟
أجاب الراحل الوردي على ذلك بالتالي حيث كتب في ص 351/ من كتاب دراسة في طبيعة المجتمع العراقي التالي: [ويتضح انتشار اللواط في المقاهي فقد كان من الأمور المألوفة في كثير من المقاهي أن يجلس الرجل فيها ومعه غلامه الخاص به فهو لا يفارقه الا قليلا] انتهى
لم يفكر الوردي لحظة واحدة في انه يتجنى على المجتمع العراقي بمثل هذه الاقوال غير المبررة وغير المسنودة وغير الدقيقة…حيث لم يترك صفة سيئة لم يجعل المجتمع العراقي متفرداً فيها او متقدماً على المجتمعات الأخرى فيها. و هو القائل: [في ص351 من نفس الكتاب كتب الراحل الوردي: [يطلق الباحثون على اللواط اسم “الانحراف الجنسي الإيجابي “اما “الابنة” فيطلقون عليها اسم “الانحراف الجنسي السالب “والملاحظ ان الانحراف الجنسي بكلا نوعيه الإيجابي والسلبي موجود في جميع المجتمعات البشرية…] انتهى
اكيد الدكتور الوردي يعرف معنى اللواط…فكيف سمح لنفسه ان يقول “اللواط” منتشراً على ضوء حالة رجل اصطحب غلامة وجلسا في المقهى…ثم كم رجل من رواد ذلك المقهى له /عنده غُلام؟ ربما بعض ممن قرأ أو يقرأ أو سيقرأ العبارة: “يتضح انتشار اللواط في المقاهي ” ويربطها بتفرد المدينة العراقية في عدد مقاهيها الذي زعمه الراحل الوردي…حيث كتب في ص300/دراسة في طبيعة المجتمع العراقي: [اشتهرت المدينة العراقية بأنها من أكثر مدن العالم في عدد مقاهيها بالنسبة الى عدد سكانها] انتهى
ليستنتج بأن المجتمع العراقي عبارة عن مجاميع من لائط و مليوط به!!!!
هل يعرف الوردي عدد سكان المدن العراقية حتى يجزم بما جزم او هل يعرف الوردي عدد مقاهي باريس و عدد سكان باريس و نسبة المقاهي للسكان؟؟؟؟ ليقارنها مع ما موجود في مدن العراق؟؟؟
قد يتصور بعض هذا البعض وبالذات من غير العراقيين ان هناك حفلات في المقاهي كل رجل فيها راكب على ظهر غلامه ويأتيه من دبره علناً وامام الجماهير التي تهتف وتزغرد منتشيه. الوردي يصور الحال كأن هناك قوم لوط جدد هم افراد المجتمع العراقي…. هل جلوس الرجل مع “غلامه” يعني لواط؟ …هل مقاهي المدن الأخرى “الكاظمية والنجف وكربلاء” تلك التي زارها الوردي مثل مقاهي بعض ازقة بغداد تلك التي وصفها الوردي؟
كان على الراحل الوردي ان لا يقول [“نجد” …”منتشراً”] بسبب هذا الانفصال الفظيع بين المرأة والرجل … فالانتشار له معنى يعرفه الدكتور الوردي وهو لا يناسب الحالة المذكورة…كان عليه ان يقول “يلاحظ” او “يمكن ملاحظته “او “يمكن الاستدلال على وجوده “
ان الموضوع يخص مجتمع متعدد متنوع متباعد. عليه فالدقة في التعبير واختيار الكلمات والعبارات المناسبة والدقيقة والصالحة مطلوبة. لا أن يستسهل وضع “نجد” و “منتشراً”.
يمكن لأي شخص أن يطرح السؤال التالي: اين وجد الوردي ذلك؟ وكيف عرف او فسر ان ذلك منتشر؟ وهذا يحتاج الى جواب شافي يجعل المجيب وكلامه موضع احترام لا استخفاف.
فالأصح كما اعتقد القول ان الانحراف الجنسي المكتسب ازداد بسبب ذلك الفصل بين الرجل والمرأة وهذا مفهوم علمياً وموجود في كل المجتمعات الحاصل فيها الفصل و حتى السافرة وبدرجات مختلفة…
لماذا اختار الراحل الوردي “منتشراً” وربط ذلك بموضوع المقاهي وانتشارها؟؟
الجواب: انه يفعل كل شيء في سبيل ترسيخ فرضيته عن ازدواج الشخصية في المجتمع العراقي التي تمحور حولها طرح الراحل الوردي عن صراع “البداوة والحضارة” أي تفشي او انتشار او تغلغل الازدواجية في شخصية الفرد العراقي بتلك الحالة الغريبة التي افترضها.
هنا يجب ان أعود مرة أخرى للمقدمة لمعرفة هل انها تنطبق على الوردي و طروحاته هذه؟ الجواب نعم وبكل دقة.
وللتأكيد اضع هنا ما قاله الراحل الوردي عن العلاقة بين الانحراف الجنسي وازدواج الشخصية حيث كتب في ص60/  من كراس شخصية الفرد العراقي التالي: [ان المنحرف جنسيا يزداد فيه دواء ازدواج الشخصية فهو شخص يضمر غير ما يظهر]. و لما كان اللواط/ الانحراف الجنسي منتشر في العراق عليه فأن ازدوتج الشخصية هي سمت و مرض الشعب العراقي!!!
أعود للمقدمة (1) أعلاه وأربط او نناقش هذا المقطع في ضوء ما ورد فيها أستطيع ان استنتج ان الراحل الوردي هنا صار ارسطوطاليسياً /من أصحاب المنطق القديم الذي هاجمه كثيرا وبشدة، فهو أوجد له مقدمةً كبرى هي: الانحراف الجنسي منتشر في العراق…ثم صاغ له مقدمة صغرى وهي: ان الانحراف يؤدي الى ازدواج الشخصية فصارت النتيجة “المنطقية “هي: ان ازدواج الشخصية منتشر في العراق.
وأوجد مقدمة كبرى اخرى هي انتشار المقاهي ومقدمة صغرى هي الانحراف الجنسي فيها ملحوظ فكانت النتيجة المنطقية هي انتشار الانحراف الجنسي في المجتمع العراقي!!!!!
والعجيب ان الراحل الوردي اخذ حكاية انتشار المقاهي في العراق عن ذلك السائح  الذي لا يعرفه الوردي و لم يسمعه و لم يقرأ له ذلك السائح الذي قال: “بين كل مقهى ومقهى مقهى” وهنا ينطبق على الوردي ما ورد في المقدمة أعلاه (2). انه اخذ بعض المقاهي في بعض ازقة بغداد وضخمها ليظهرها كل العراق دون ان يكلف نفسه التدقيق في ذلك.
ثانياً:  كتب الوردي [لهذا نجد اغلب اغانينا تخاطب الحبيب بلفظ المذكر الامر الذي يندر ان نلاحظه في البلاد الأخرى] انتهى
……………………………..
الى القادمة التي ستبدأ ب : [ثانياً:  كتب الوردي [لهذا نجد اغلب اغانينا تخاطب الحبيب بلفظ المذكر الامر الذي يندر ان نلاحظه في البلاد الأخرى] انتهى
عبد الرضا حمد جاسم