الأثر النفسي والعقلي والمعنوي الذي تركته تفجيرات “البيجر” على عوائل ومقاتلين حزب الله اللبناني؟- بحث وإعداد وتقديم صباح البغدادي

 

*أن حزنه وتأثره الذي بدأ على تقاسيم وجهه ولغة الجسد خلال خطابه الأخير للأمين العام حسن نصر الله، يبين بان الصدمة النفسية والعقلية التي تعرض لها بعد سماع وورود تقارير مفصلة عن حادث تفجيرات أجهزة الاتصالات والتي ذهب ضحيتها عشرات ومئات الضحايا وآلاف الجرحى الثلاثاء والأربعاء 17/18 أيلول 2024 والتي استمرت في يومها الأول موجة الانفجارات حوالي الساعة وبدأت من 3:30 بعد الظهر لغاية 4:30 وهو ما بين مصدق ومكذب الى الخبر ولكن بعد التأكد من حجم الخسائر في القوة البشرية القتالية تيقن بأن الأمر حقيقة وليست خدعة وهذا ما ذكره في خطابه وبقوله :” لاشك أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنية وإنسانية في تاريخ المقاومة في لبنان , نعم نحن تلقينا ضربة كبيرة وقاسية وموجعة” وهذا سببه بالدرجة الأولى هو انعكاس حقيقي للبنية التحتية لحزب الله وقيادات الخط الأولى بالمجلس الجهادي الذين اتهموا غالبيتهم بالفساد المالي والإداري في تقارير إعلامية سابقة والتي تم عرضها من خلال البرامج التلفزيونية الحوارية اللبنانية في مناسبات عديدة سابقة , ومما انعكس بدوره سلبآ على وضيعتهم الأمنية وفقدانهم عنصر منظومة السيطرة والمتابعة لجميع وحداتهم العسكرية والأمنية والاجتماعية والسياسية وقد سربت بعض تداعيات تفجيرات البيجر الى الأعلام ؟ ولكن لا احد يستطيع أن ينكر بان ” حسن نصر الله ” لم يصب بانهيار عصبي أو نفسي وأن أعراض الكأبة قد ظهرت عليه بعد ورود تقارير مفصلة عن حجم الخسائر البشرية والمتمثلة بالأساس بقوة النخبة “الرضوان” ومن خلال المقاتلين الذي لم يصيبوا باذئ وتواجدوا في المستشفيات والمراكز الصحية لمتابعة حالات علاجهم من الإصابة والتي لم يتصورها أن تكون حجم وشدة الإصابات بهذه الصورة والذي تجاوز عددهم الأربعة الأف منتسب ومقاتل وموظف.

 يعاني الواقع الصحي اللبناني منذ عام 2019 من أزمة مالية واقتصادية حادة وخناقة، مما أثر بصورة مباشرة على الواقع الصحي والخدمي المقدم للمواطنين وبالأخص في المستشفيات الحكومية ناهيك من المستشفيات الأهلية التي تكون أسعار الطبابة والعلاج فيها مرتفعة جدا، ومع الحالة الاقتصادية للمواطن فلا يستطيع العلاج في هذه المستشفيات، ومع ارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية وبالأخص الأدوية الأمراض المستعصية وبعضها فقد من الصيدليات والمذاخر الطبية نتيجة ارتفاع سعره في السوق العالمية، وقد تأثرت جميع مرافق القطاع الصحي والخدمي بهذه الأزمة بصورة مباشرة، مما أثر في توفير العلاجات والأدوية وخدمات الطوارئ للمرضى.

نحاول أن نجمع قطع الأحجية ووضعها في صورة الإطار الشامل قدر الإمكان لنفهم بصورة أكثر وأوسع عما تُنُووِل والتطرق إليه من خلال الأفلام المصورة من داخل المستشفيات والشوارع والمحال التجارية والمطاعم وأماكن العمل التي بثت، وانتشرت خلال ساعات على جميع منصات التواصل الاجتماعي يومي حادث ضحايا تفجيرات أجهزة الاتصالات التي ذهب ضحيتها عشرات ومئات الضحايا وآلاف الجرحى الثلاثاء والأربعاء 17/18 أيلول 2024 التي استمرت في يومها الأول موجة الانفجارات نحو الساعة، وبدأت من 3:30 بعد الظهر لغاية 4:30. وما شُوهِد كذلك على مختلف القنوات الإخبارية العربية واللبنانية بالأخص، ومن خلال مراسليهم الذين توافدوا على المستشفيات والمراكز الصحية التي استقبلت هؤلاء الجرحى وما سُرِّب كذلك من خلال أفلام مصورة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي من داخل المستشفيات حول الذين تم أصابتهم من مقاتلين حزب الله وإضافة إلى أحاديث عوائلهم حول ما جرى لهم ، رأينا أن هناك من المصابين ما يزال لا يستوعب ماذا جرى له، ولماذا حصل هذا له وما هو سببه، وكيف وصلنا إلى هذا الحال بفقدان أجزاء من جسدنا ومن هو المسؤول على ما حدث لنا، وغيرها من الأسئلة المحيرة التي كانت تدور في تفكير هؤلاء، وقد حاول فيها مراسلو القنوات الإخبارية معرفة جزء من الحقيقة بالإضافة إلى ما تم التطرق له من خلال أحاديثهم مع بعض من الكادر الطبي المتخصص والأطباء والممرضين، ولكن دون جدوى في بادئ الأمر لشدة الحدث وتأثيره المفاجئ والمفجع عليهم، ولكن بعد مرور الوقت استوعب معظمهم ما الذي جرى.

إنَّ تواضع الإمكانيات الطبية من الكوادر المؤهلة من أطباء ومتخصصين وممرضين أمام فاجعة وكارثة بهذه الصورة التي لم تكن في حسبان سير عملهم وخططهم للطوارئ، حيث شهدت المستشفيات أعدادًا هائلة من المصابين الذين وصلوا على شكل دفعات في وقت قصير جداً لم يتجاوز بينهما بضع دقائق زادت من تفاقم سرعة الاستجابة وتقديم العلاج، بحيث تحولت المراكز الصحية والمستشفيات وأقسام الطوارئ وغرف العمليات والعناية الفائقة إلى حالة من التكدس الذي لم يسبقه مثيل ووصل الأمر بأن كانت الممرات والحدائق ممتلئة بالمصابين بمختلف أنواع الإصابات الجسدية الخطرة ، ومع كل هذا , فقد واجهت الأطقم الطبية امتحاناً عسيراً وصعبا في سرعة الاستجابة وتقديم جميع أنواع الدعم اللازم والعلاجات للمصابين وإنقاذ أرواحهم قدر الإمكان , ولولا التدريبات الميدانية التي خضع لها الكادر الطبي التي نُظِّمت بالتعاون مع وزارة الصحة، التي أبقت على جاهزية الأطقم الطبية في حالة استنفار قد الأماكن لكان من الممكن أن تقع خسائر كبيرة بين المصابين، حيث كان الكثير منهم يعانون من إصابات خطرة جداً تحتاج إلى تدخل جراحي عاجل لإنقاذ حياتهم , وهذا مما ترجم على أرض الواقع، ومن خلال سرعة الاستجابة لمعظم المستشفيات ومختلف كوادر الطاقم الطبي بسرعة الوصول لاماكن عملهم مما قلل من حجم الخسائر بالأرواح إلى حد بعيد.

حسب ما ذكره الكادر الطبي والتمريضي بإضافة إلى المسعفين في أثناء نقل المصابين إلى المستشفيات والمراكز الصحية وحديثهم إلى المراسلين القنوات الإخبارية وقبلها مع المصابين لمعرفة أسباب هذه الإصابات تبين بالمجمل إلى أن طريقة حمل جهاز النداء البيجر المعتادة والطبيعية من قبل الشخص هو حمله في حزام الخاصرة في أثناء خروجه من البيت أو حتى في وجوده بمكان عمله ، مما أسهم في زيادة عدد الإصابات بصورة واضحة وكبيرة , التي شملت إصابات بالرأس والأعين والأطراف العليا والسفلى وإصابات بالجهاز التناسلي والبطن، وكذلك حروق تراوحت بين بسيطة وشديدة في اليدين , بعض المصابين كانوا قادرين على الحديث حيث أوضحوا :” بأن جهاز النداء قد انفجر بعد إشارة التنبيه الثالثة والبعض الأخر انفجر في أثناء حمله باليد والضغط على مفتاح عرض الرسالة وبعضها اشتعل من تلقاء نفسه على الطاولة , وبعضهم أحسوا حرارة شديدة في أثناء لمس الجهاز أدت إلى إصابتهم بحروق في اليدين , حيث تبين بعد ذلك بأن الشحنة المتفجرة التي وضعت في أجهزة النداء البيجر انفجرت بطرق مختلفة وحسب مواصفات ونوع كل جهاز، وليست كلها كانت بنفس صيغة طريقة التفجير ” وقد استدعت هذه الإصابات التي شملت بمجملها، وتوزعت بين إصابات “خطرة ومتوسطة وخفيفة” وشملت حالات بتر الأطراف العلوية والسفلية وبتر في الأصابع أو في اليد أو كلتا اليدين. 

صرح البروفيسور “إلياس الوراق” المختص في طب العيون بمستشفى جبل لبنان الجامعي: “هذه أول مرة نواجه فيها هذا العدد الكبير من الإصابات بالعيون تأتي للمستشفى دفعة واحدة حيث وصلة حالات الإصابة بالعمى الكلي أو الجزئي لدى المصابين “.

تروي الطبيبة “دانيا الحلاق” المتخصصة في الطب الداخلي والمناوبة في قسم الطوارئ بمستشفى جبل لبنان الجامعي، عن اللحظات الحرجة وغير المتوقعة التي مرت بها مع الطاقم الطبي، بسبب تدفق هذا العدد الكبير من الجرحى حيث تقول: “لم نكن نعلم ما الذي جرى، حتى إنَّ المصابين أنفسهم لم يعرفوا ما حدث، وكانوا في حالة من الصدمة والذهول، مما أفقدهم القدرة على النطق أو التفكير فيما جرى لهم، ولكننا فهمنا بعد ذلك، واستوعبنا الحدث بأن هناك تفجيرات حصلت لأجهزة الاستقبال اللاسلكية البيجر التي يحملونها , التي نحن كذلك نستخدمها في النداءات الداخلية، وقد تخلصنا منها فورا بعد أن علمنا بالخبر من خلال المرافقين الذي أتوا مع المصابين والجرحى”.

قد يعتبر البعض ويظن بأن هذه الإصابات الخطرة , والتي شملت بتر احدى أو كلتا الأطراف ,أو فقدان كلي أو جزئي للنظر قد لا تترتب عليها أي مشاكل مستقبلية تخص حالات الصحة العقلية والنفسية والجسدية , وهذا غير صحيح بالمطلق لأنها سوف تصطدم بحقائق العلوم الطبية والعلاجية وتخبرنا عكس ما يتوجه اليه البعض تماما في اللامبالاة ويظن أن الأمر يقتصر على شفاء الجروح فقط , ولا يظن أن يتطور بسرعة الى مضاعفات خطرة وغير محسوبة على الصحة العقلية والنفسية للمصاب , مما يصعب بعدها في السيطرة عليه , وخصوصا اذا ظهرت عليه بوادر التغيرات السلوكية مع المحيطون حوله من العائلة والأهل والأقرباء والأصدقاء مثل سرعة الانزعاج والعصبية والانطواء والانزواء والعدوانية وصعوبات في النوم والتركيز والهذيان والوساوس وغيرها من مشكلات الصحة النفسية والعقلية.

في المقابل وبالمجمل سوف نعرض راي بعض الأخصائيين في الصحة النفسية والعقلية العاملين في “مستشفى الصليب للأمراض العقلية والنفسية / جل الديب المتن” و “مركز الصحة النفسية المجتمعية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي / بيروت” و “مستشفى الشفاء التخصصي لعلاج الأمراض النفسية والإدمان ونخلص ما تطرقوا اليه عن مدى التأثير النفسي والعقلي والجسدية الذي سوف يتأثر به هؤلاء المصابين والجرحى على المدى القريب أو البعيد , اذا لم يتوفر لديهم العلاج والتدريب وادخلهم في برامج الصحة النفسية والعقلية , ويسارعوا الى اخذ الاستشارة من دون أي خجل أو خوف من قبل الأخصائيين وتتمثل بالاتي:

1/ أن التجربة الصادمة والمواقف التي تعرضوا لها مثل رؤية الأصدقاء يصابون أو يموتون، يؤدي إلى آثار نفسية شديدة عليهم وهذه التجارب القاسية التي تعرضوا لها يمكن أن تُخزن في ذاكرتهم وتظهر لاحقاً كـ”اضطرابات ما بعد الصدمة” ومنها الكوابيس والأحلام المزعجة والقلق والكأبة وتجنب الأماكن التي حدث فيها الإصابة وبالأخص التي كانت في البيت أو في مكان ومحل العمل.

/ 2 تعتمد مدى شدة الإصابة الجسدية والتي أدت إلى فقدان الأطراف أو اليدين أو العينيين أو عدم الرؤية نهائيا مما يتطلب الى سرعة خضوعهم الى برنامج متكامل من إعادة تأهيل طويل الأمد للتكيف مع هذا النوع من الإصابات وتؤدي بالنتيجة الى تحول في السلوك وطبيعة الحياة الاجتماعية وتغيرات جذرية مثل الانزعاج والعصبية الزائدة عن حدها والتوتر التحولات الحياتية والإصابة الجسدية قد تتطلب تغييرات جذرية في نمط الحياة ومما يسبب شعوراً بالفقدان والإحباط وفقدان القدرة على المشاركة في الأنشطة اليومية أو المهام التي كانوا يقومون بها، مما يؤدي إلى شعور مزمن ومعمق لديهم بانهم اصبحوا عالة على عوائلهم والمجتمع المحيط بهم وبعدم الجدوى من وجودهم على قيد الحياة ,وهنا تمكن الخطورة بانهم قد يفكرون بأنهاء حياتهم وبالانتحار .

3/ ينشئ لديهم شعور متفاقم لديهم من العزلة العائلية وعن أقرانهم والمجتمع المحيط بهم، مما يزيد من مشاعر الإحباط والقلق والاكتئاب وهذا العزلة في حالة تفاقمها يمكن أن تتسبب في انفصال تام عن الواقع والانطواء عن الأصدقاء والعائلة مع صعوبة في التواصل والتفاهم مع من لم يمروا بتجارب مماثلة بالإضافة على شعورهم بتراجع الدعم العائلي والاجتماعي وبعدم الفهم عما حدث لهم من قبل الأخرين يمكن بسهولة أن يؤدي إلى تفاقم حالة المصاب الى الأسوأ.

4/ الضغوط النفسية والجسدية التي تنتج عن مراحل وتطورات العلاج والتعافي والقلق بشأن مستقبلهم وعدم القدرة على العودة واستئناف حياتهم الطبيعية مثلما كانت قبل الحادث، تؤثر سلباً على صحتهم النفسية والجسدية، بالإضافة الى تكاليف العلاج المكلفة والنفقات المادية المرتبطة بمراحل العلاج وتوفير أطراف واعين اصطناعية مناسبة مما يؤثر بصورة مباشرة تحمل تكاليف العلاج الباهظة على العائلة من الناحية المادية.

 

5/ شعورهم بعدم بالانتماء لمحيطهم الاجتماعي وفقدان هويتهم الوظيفية، وبالأخص إذا كانت شدة الإصابة قد تسببت بعوق دائما لهم حيث يشعرون بفقدان جزء كبير من انتمائهم الوظيفي وعدم القدرة على العودة للعمل متلما كانوا في السابق.

6/ ضرورة العمل بجدية الإن وليس في المستقبل وذلك من خلال تقديم برامج تأهيلية لتلقي الدعم النفسي والاجتماعي والحضور حسب المواعيد والجداول التي يتم تخصيصها لهؤلاء المصابين ومن خلال سرعة تقديم الاستشارات وحضور جلسات مع متخصصين في الصحة النفسية والعقلية لمساعدتهم قدر الإمكان على التعامل مع المشاعر والأفكار السلبية وإخضاعهم بالاشتراك مع مصابين أخريين في جلسات علاجية وفي تجارب مشابهة لأشخاص مروا بنفس التجربة كحوادث السيارات والعمل حيث يمكن هذا العامل وطريقة العلاج من أن يوفر شعوراً إيجابيا بالانتماء والدعم وانهم ليسوا وحدهم من تعرضوا الى بتر احد أعضاء جسدهم .

7/ أن البرامج التأهيلية التخصصية سوف تعزز لديهم الثقة بالنفس والعودة لممارسة نشاطهم سواء من خلال إعادة التأهيل النفسي أو الجسدي أو المهني وتعتبر هذه العوامل متشابكة فيما بينها ومما يجعل من الضروري والحتمي توفير اقصى درجات الدعم الاجتماعي والعائلي لغرض مساعدتهم قدر الإمكان في التعافي من محنتهم.

 

أوضح بعض الكادر الطبي والتمريضي بعد أيام من حادث التفجيرات , بأنهم لا حضوا أنها بدأت تظهر على المصابين والجرحى انفصال عن الواقع والمحيط المتواجدين فيه , وهو ما يترتب عليه صعوبة في التركيز والشعور بالتوتر والقلق المستمر، علاوة على تعرضهم للكوابيس واضطرابات أثناء النوم وإحساسهم بأن هناك خطورة دائمة على حياتهم وكذلك ظهور أعراض الصحة العقلية والنفسية على جرحى المتواجدين بالمستشفيات ومنها قلة تناول الطعام ,صعوبة النوم , كثرة التدخين , أحلام وكوابيس , وعصبية ومزاجية متقلبة أثناء تحدث الأطباء والممرضين معهم لغرض تناول الدواء ومتابعة حالتهم الصحية وقد اعرب بعض أفراد الطاقم الطبي عن تخوفهم بان يتم الاعتداء عليهم نتيجة الحالة النفسية والعقلية وشدة الإصابة بالنسبة لهم  وهذه الأعراض الخطيرة التي تظهر عليهم الإن اذا أهملت حاليا قد تتفاقم بصورة كبيرة وبالتالي تتطلب وقتا طويلا للتعافي مثلها مثل الإصابات العضوية والجسدية التي المت بهم عائلة المقاتل قد تتأثر بصورة مباشرة ومن خلال مدى شدة الإصابة من حيث ضهور المزاج السيئ وعم تحمل أي صوت مزعج أو مرتفع كذلك الى العصبية والانفعال والغضب السريع والضرب والاعتداء على أفراد الأسرة مما يشكل ضغط كبير على العائلة وبالأخص المتزوج والذي أصيب بعاقة جسدية دائميه حيث يكون الأطفال هم بالواجهة من حيث شدة تأثرهم النفسي والمعنوي وهذا من ما  ينعكس بصورة اكبر حول تحصيلهم الدراسي .

**سرعة الإدمان على الكحول والمخدرات وأدوية المؤثرات العقلية:

أن البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها مقاتلين حزب الله على عمليات التهريب مختلف أنواع البضائع والأسلحة والمعدات والعتاد العسكري وزراعة أنواع المخدرات والتي بدأت بوادرها في الظهور من خلال الحرب الأهلية اللبنانية وكذلك التقارير الإعلامية والصحفية والمقابلات الشخصية التي تبين بوضوح بان حزب الله وبالاشتراك والأشراف المباشر من قبل الحرس الثوري الإيراني / فيلق القدس ولغرض سد العجز المالي في التمويل يقمون بإنتاج وتوزيع وتخزين وتصدير أنوع المخدرات وحبوب الهلوسة وبإسناد وتعاون مباشر كذلك من قبل النظام السوري وجميع أجهزته الأمنية والمخابراتية مما حيث يقوم اغلب المقاتلين في حالات الهدوء النسبي بالعمل على نقل أطنان المخدرات بالإضافة عملهم في معامل انتتاج حبوب “الكبتاجون” حيث يسهل معها تعاطيهم لهذه الحبوب لكي يبقوا متيقظين لأطول فترة ممكنة وتوزيعها كذلك على المقاتلين في خطوط المواجهة مع إسرائيل لكي يبقون هم أيضا يقضين ولا يغلبهم النعاس ونلخص هذه الحالات بما يلي :

إصابة المقاتلين الجرحى بحالات نفسية وعقلية هي نتيجة لتفاعل معقد بين التجارب الصادمة التي مروا بها ومنها التحولات الحياتية، العزلة الاجتماعية، الضغوطات النفسية، فقدان الهوية ومن الضروري فهم هذه العوامل لتقديم الدعم المناسب والمساعدة قدر الإمكان على التعافي من أثراها الخطرة التي تصيب الجرحى إذا لم يكن هناك متابعة لحالاتهم النفسية والصحية وقد يلجأ الكثير منهم إلى الإدمان على الكحول والمخدرات كوسيلة للهروب من الواقع الذي يعيشونه وللتعامل مع المعاناة النفسية والجسدية التي يوجهونه ومنها على سبيل المثال وليس الحصر :

1/ التعامل مع الألم النفسي والجسدي الذي تتركه مقدار وحجم الإعاقة الجسدية والهروب من المعاناة وكثير منهم يعانون من آلام جسدية أو نفسية شديدة لذا تكون لديهم الاستعداد لاستخدام الكحول أو المخدرات التي يظن منهم أنها تبدوا كوسيلة حتمية للهروب من هذه المعاناة ويعتقدون بانها سوف تخفف لديهم التوتر والقلق وان المواد المهلوسة يمكن أن تساعد من أعراض القلق والاكتئاب مؤقتاً.

2/ أن الجرحى والمصابين الذين تعرضوا لتجارب صادمة قد يستخدمون الكحول أو المخدرات كوسيلة للتعامل مع الذكريات المؤلمة والأعراض المرتبطة باضطراب ما بعد الصدمة.

3/ الهروب من العزلة الاجتماعية بعد الإصابة، قد يشعر هؤلاء بالعزلة عن العائلة والمجتمع وهذا الشعور بالانفصال يمكن أن يزيد من استخدام الكحول والمخدرات كوسيلة للعيش في عالم موازٍ أو للتواصل مع أصدقاء أو زملاء سابقين كانوا في نفس درجة العاقة والإصابة.

4/ التعرض لمشكلات نفسية عند بعض المصابين والذين يعانون من مشاكل نفسية مثل تداعيات الاكتئاب والقلق والوسواس القهري، مما يزيد من احتمالية اللجوء إلى المخدرات أو الكحول كوسيلة للتعامل مع هذه المشاعر وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون البيئة المحيطة بهم مهيأة بصورة أو بأخرى لتقبل ثقافة تعاطي المخدرات أو الكحول.

5 / سهولة الوصول والحصول ودون معوقات أو الشعور بالخجل والحياء والذنب إلى الكحول أو المخدرات بصورة سهلة، مما يجعلها خيارات مريحة وسريعة بالنسبة لهم للتخفيف من شدة الألم أو الضغط النفسي الذي يعانون منه.

6/ الأفكار الخاطئة حول أساليب وطرق العلاج الذي يتصورونها ويعتقدون بتفكيرهم وعقلهم الباطن والفكر الخاطئ أن استخدام الكحول أو المخدرات هي وسيلة طبيعية للتعامل مع مشاكلهم، وبدلاً من البحث عن علاج نفسي أو دعم متخصص لغرض الخروج من محنتهم.

أن الإدمان على الكحول والمخدرات بين المصابين والجرحى هو استجابة معقدة للمعاناة والتحديات التي يوجهونها ومن الضروري سرعة توفير الدعم والعلاج المناسبين لمساعدتهم على التغلب على هذه السلوكيات الضارة والمضرة بصحتهم الجسدية والنفسية وإذا لم يتم تداركها مبكرا سيكون من الصعوبة عليهم الشفاء في المستقبل.

 

لقد سلطنا الضوء على ما جرى خلال حوادث التفجيرات , وما سوف ينتج عليها خلال الأسابيع والأشهر القادمة والمستقبل القريب من تداعيات على المصابين والجرحى وعوائلهم والمحيط الاجتماعي وظهور أعراض مرتبطة بالصحة النفسية والعقلية، وهذا نتاج ما تقدمنا به أعلاه في هذا المقام , ومن خلال خبرتنا وتجربتنا في هذا المجال , وكوننا يصب في مجال عملنا واشتركنا في دورات تدريبية وتثقفية وتأهيلية كانت متخصصة في مجملها عن كيفية التعامل مع مرضى إصابات حوادث السيارات والإصابات أثناء العمل , والتي تنتج عنها هذه الإصابات فقدان أجزاء من الجسد  مع عوق دائمي أو جزئي.

 

إعلامي وصحفي إستقصائي

sabahalbaghdadi@gmail.com

One Comment on “الأثر النفسي والعقلي والمعنوي الذي تركته تفجيرات “البيجر” على عوائل ومقاتلين حزب الله اللبناني؟- بحث وإعداد وتقديم صباح البغدادي”

  1. السيد صباح البغدادي المحترم.
    تحية.
    للاطلاع:
    “الأثر النفسي… على عوائل ومقاتلين حزب الله اللبناني؟”.
    التأثير النفسي… على عوائلِ ومقاتلي حزب الله اللبناني.
    محمد توفيق علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *