القلق التركي الحالي.. وإمكانية انطلاقة ايرانية جديدة!- جان آريان-المانيا

بصدد هذا الموضوع، يمكن القول بأن الخوف او الارتباك التركي بشأن حرب اسرائيل-حزب الله اللبناني، هو مجرد تمويه للقلق التركي حول إمكانية عودة تكاتف المجتمعات الإيرانية في المنطقة على أسس ثقافية عرقية ومصالح مشتركة. فإن السلطة التركية تعلم جيدا بأن آثار تلك الحرب المحدودة سوف لن تولد شرقا أوسطا جديدا مخيفا لها، بل إن محاولاتها الحالية للتقرب المزعوم مع كورد باكورى كوردستان/ حبذا تكون صادقة/ تصب في مجرى ذلك الهاجس الكبير وهي على علم ودراية جيدة ببزوغ سياسة ايرانية جديدة في المنطقة. فإضافة إلى الخلاف او الخوف الكامن المزمن بين الإدارات الإيرانية-والتركية هناك ظهور مسائل حساسة جدا على الساحة:

– ممر زنغزور الذي تريده تركيا مفتوحا بين نخشفان وآرزبيجان بقصد توحيد التواصل الجغرافي للمجتمعات الناطقة بالتركية، بينما ترى إيران بأن ذلك سوف يقطعها من التواصل البري الجغرافي مع امتدادات أوروبا في أرمينيا، وللعلم فإن التواصل الجغرافي التركي مع مقاطعة نخشفان كان معدوما، لكن السلطات التر كية استطاعت في الثلاثينات من ارضاء إيران بتبادل جغرافي بينها وليتم إيصال الحدود التركية بعرض ١٣ كم مع حدود نخشفان.

– إن مسألة ودودية ولطافة موقف الرئيس الايراني الجديد د. مسعود بزيشكيان باتجاه الكورد وبأعظم تعبير له سابقا وباللغة الكوردية: Bijî Kurdistan/بينما السلطة التركية تنكر حتى وجود كوردستان/ وكذلك متابعة حديثه بهذه اللغة خلال زيارته السابقة لأقليم جنوب كوردستان في هولير وسليمانية فهي تدل على انتهاجه سياسة سلسة واقعية منطقية وإن استمرارها ستفيد بالتأكيد كثيرا مصالح الشعوب الإيرانية جمعاء في المنطقة وستذكرنا بمراحل ازدهار الممالك الميدية الفارسية البارثية والساسانية القديمة عندما كان ملوكهم يتبادلون العروش مثال دياكو وكيخسرو الميديين، كورش الفارسي، داريوس الميدي، اردشير الأول الساساني وأخيرا خسرو برويز الثاني الساساني والذين كانوا يشجعون هذه الشعوب على التلاحم والتوحد للدفاع عن مصالحها وقتها ولصد الغزوات التورانية من شمال شرق المملكة/الحروب الايرانية-التورانية/من جانب، وكذلك على التمدد غربا في مواجهة الرومان والبيزنطيين المحتلين لآسيا الصغرى وبلاد الشام ومحاولاتهم المستمرة للتوغل في المناطق الغربية للمملكة الساسانية من جانب ثان.

ربما لا يخفى حاليا على أحد، مدى محاولات البعض الأقليمي بدس الدسائس أمام التطور الايراني والعمل على تحجيم دوره في لملمة قوى الشعوب الإيرانية المتشعبة والمنقسمة منذ كارثة جالديران في المنطقة، خصوصا بعد أن تسنى أخيرا للكورد في باشور وروزآفا كوردستان للتمتع ببعض حقوقهم القومية والإدارية هناك، فقد ازداد شر وحقد ذلك البعض باتجاه إيران والكورد الجنوبيين والغربيين والشرقيين والشماليين معا.
حيث يعلم هؤلاء الحاقدون مدى كينونة وطاقة التوحد الايراني في المنطقة من النواحي الديموغرافية والجغرافية والفعالية/الجيوبوليتيك والتأثير/.
فإضافة إلى الدولة الإيرانية الحالية هناك امتدادات الشعوب الإيرانية الآرية وأقاليمها التاريخية في روزآفا-باشور وباكورى كوردستان وفعالياتها الواعية المعاصرة على نقيض التفكير المحدود التقليدي والذي كان للأسف الشديد قائما لقرون مضت، لذلك نرى أن هناك امتعاضا واضحا لدى ذلك البعض الإقليمي الشوفيني من واقعية ومنطقية بوادر سياسة الرئيس بيزيشكيان.

فإزاء تلك النوايا المغرضة، ولمقتضايات المصالح الاستراتيجية لشعوبنا لا بد من اعادة التكاتف والتوحد على قاعدة الاماني المشتركة وحبذا أن تكون انطلاقة مهام الرئيس مسعود بزيشكيان انعطافا جديا نحو إعادة تلاحم شعوبنا الإيرانية من الكورد والآزريين/ غالبيتهم من أحفاد الميديين وقد بينت نتائج الحمض النووي بأن ٩٣ بالمئة منهم غير اتراك/ والفرس والبلوش أحفاد الميديين والفرس والبارثيين والساسانيين في الشرق الاوسط عموما والتفاهم والتنسيق فيما بينهم لأجل مصالحهم المتبادلة والعمل على انتهاج سياسة منفتحة مع الغرب والقوى الدولية الاخرى وللتآخي مع شعوب المنطقة ايضا وذلك كتفاهم وتنسيق الشعوب الناطقين بالعربية من شمال أفريقيا إلى الخليج وكذلك كالشعوب الناطقين بالتركية من اواسط آسيا إلى تركيا الحالية رغم اختلاف الأصول والأعراق والجغرافيا لديها، بينما أحفاد الساسانيين الحاليين هم ذوي أصل آري واحد ولغات ولهجات وثقافات متقاربة جدا وهكذا ذوي جغرافية تاريخية ممتدة واسعة ومتكاملة خصبة تحوي على أهم مصادر الطاقة والمياه والخيرات الوفيرة فضلا عن موقعها الجيوبوليتيكي الاستراتيجي الممتاز