النتائج الأولية لانتخابات كردستان العراق.. معضلة للحزبين الرئيسيين

وفق النتائج الأولية التي أعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، الاثنين الماضي، لا يلوح في الأفق حدوث تغييرات جذرية على الوضع السياسي في الإقليم، فلم يحصل أي من الحزبين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، على الأغلبية، التي تمكن أحدهما من تشكيل الحكومة، إلا بالاتفاق فيما بينهما أو بين أحدهما والأطراف السياسية الأخرى.

ولعل أبرز تغيير تشهده خريطة توزيع مقاعد برلمان الإقليم المقبل، حصول حراك الجيل الجديد على 15 مقعدا ضعف ما كان يمتلكه من مقاعد في الدورة البرلمانية السابقة، الذي قد يختار لعب دور قيادة المعارضة البرلمانية في المرحلة المقبلة.

لكن المراقبين والمختصين بالشأن السياسي الكردي يرون أن عملية تشكيل الحكومة الجديدة ستأتي بعد مخاض عسير قد تستغرق عدة أشهر، إثر الخلافات بين الأطراف السياسية، خاصة بين الحزبين الرئيسيين، إلى جانب الظروف الإقليمية والدولية.

ويرى المحلل السياسي في مركز “رامان” للبحوث والاستشارات، شاهو قرداغي، أنه من الصعب أن يتخلى أحد الحزبين الرئيسيين عن السلطة.

ويوضح قرداغي لـ”الحرة”، “لن يتجه أي من الحزبين الرئيسيين إلى المعارضة، نظرا للنفوذ الأمني والسياسي والإداري للطرفين، كل طرف في رقعته الجغرافية، كما يصعب تشكيل حكومة بإقصاء أحدهما.”

ويشير قرداغي إلى أن عملية التوافق والتحالف بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني قد تطول مجددا نظراً للظروف المحلية والإقليمية، مضيفا “في النهاية سيتفقان على تشكيل الحكومة القادمة، ولكن وفقاً للثقل الانتخابي وليس للنفوذ الحزبي، كما يريد فرضه الاتحاد الوطني.”

ووفق النظام الداخلي لبرلمان إقليم كردستان، يعقد البرلمان الجديد جلسته الأولى بدعوة من رئيس الإقليم بعد 10 أيام من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات، وتنتخب رئاسة البرلمان المكونة من الرئيس ونائبيه خلال الجلسة الأولى، وبعد أداء رئيس البرلمان الجديد اليمين تنتهي ولاية رئيس الإقليم.

ويعتبر فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الإقليم لمدة 30 يوما الخطوة الثانية في آلية تشكيل السلطات الثلاثة في الإقليم، وبعد انتهاء المهلة القانونية ينتخب رئيس الإقليم داخل البرلمان ويؤدي اليمين القانونية ومن ثم يكلف من جانبه مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر لتشكيل الحكومة لمدة 30 يوما قابلة للتمديد.

وتختلف الدورة البرلمانية السادسة في الإقليم عن الدورات السابقة من حيث عدد المقاعد البرلمانية التي كانت خلال الدورات السابقة التي كانت تتكون من 111 مقعدا، 100 منها مقاعد عامة و11 مقعدا كان مخصصا لكوتا الأقليات، لكن المحكمة الاتحادية العراقية قررت في فبراير الماضي إلغاء مقاعد الكوتا وتقليص مقاعد البرلمان إلى 100 مقعد، وتقسيم الإقليم إلى أربع دوائر انتخابية بعد أن كانت في الدورات الانتخابية السابقة دائرة واحدة، وخصصت في قرار لاحق 5 مقاعد من الـ100 لكوتا الأقليات المسيحيين والتركمان.

وقفز الاتحاد الإسلامي الكردستاني (الإخوان المسلمين) إلى المرتبة الرابعة بحصوله على 7 مقاعد، بعد أن كان في المرتبة السادسة في الدورة الانتخابية السابقة، بينما خسرت جماعة العدل الكردستانية 4 مقاعد من مقاعدها السبعة، التي كانت تمتلكها في البرلمان السابق، وحل في المرتبة السادسة بعد تيار الموقف الذي يتزعمه النائب السابق في حركة التغيير، علي حمه صالح، الذي حصل على 4 مقاعد وجاء في المرتبة الخامسة، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها هذا التيار الانتخابات البرلمانية.

ويلفت الكاتب والصحفي حامد علي، إلى أن الحزبين الرئيسين الحاكمين سيتحالفان ويشكلان الكابينة العاشرة للحكومة، معتبرا تحالفهما متوافقا مع الارادة الاقليمية والارادة الدولية.

ويستبعد علي مشاركة الإسلاميين الفائزين في الحكومة القادمة، موضحا لـ”الحرة”، “لن يشاركوا لأنهم أولا غير مقتنعين بنتائج الانتخابات، وثانيا تولدت لديهم قناعة بأن مشاركة الحزبين الرئيسيين في الحكم ليست في صالحهم وأن الموالين للأحزاب الإسلامية متذمرين من أحزاب السلطة ولا يروق لهم اصطفاف أحزابهم مع الحزبين الحاكمين.”

ولم تأت النتائج كما كانت تشتهي بعض الأحزاب والأطراف السياسية، فجبهة الشعب المنشقة عن الاتحاد الوطني الكردستاني، التي يتزعمها لاهور شيخ جنكي ابن عم رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني، حصلت على مقعدين فقط وجاءت بالمرتبة السابعة، في وقت كانت قيادتها تطمح بالحصول على غالبية أصوات الاتحاد، بينما لم تتمكن حركة التغيير من الحد من الخسارة التي منيت بها خلال الدورة الخامسة، واستمرت خسائرها في الدورة الحالية، حيث فقدت 11 مقعدا من مقاعدها في الدورة السابقة وأصبحت تمتلك في البرلمان المقبل مقعدا واحدا فقط.

ويؤكد الخبير في القانون الدستوري وائل البياتي، أنه على ضوء النتائج الأولية وتوزيع مقاعد البرلمان الجديد ستستغرق عملية التفاوض لتشكيل الحكومة في الإقليم مدة طويلة، قد تصل الى 3 أشهر.

ويقول البياتي لـ”الحرة”: “هناك سيناريوهان اثنان يمكن أن يعمد من خلالهما الحزب الديمقراطي إلى تشكيل الحكومة، الأول منهما يعتبر الأقرب للتطبيق ويتمثل بالتحالف مع الاتحاد الوطني وتشكيل الحكومة، وهنا على الحزب الديمقراطي القبول بمطالبات الاتحاد ومنها المطالبة بمنصب رئيس الإقليم على أقل تقدير.”

ويرى البياتي أن السيناريو الثاني هو لجوء الديمقراطي الكردستاني إلى التحالف مع باقي الأحزاب المتوسطة والصغيرة لتشكيل حكومة بأغلبية بسيطة لا تتجاوز حدود نصف مقاعد البرلمان، إلا بعدد قليل من المقاعد، معتبرا هذا السيناريو ضعيفا، لأنه سيؤدي إلى تشكيل حكومة أزمة، على حد تعبيره.