لماذا يدعمون إسرائيل ؟- كامل سلمان

رغم الدمار الذي حل بقطاع غزة وجنوب لبنان وتهجير مئات الالاف من سكان غزة وجنوب لبنان وموت عشرات الالاف من الأبرياء والجرحى وهدم البيوت بسبب الغارات الإسرائيلية المستمرة إلا أن معظم دول العالم تقف بكل قوة مع إسرائيل وتقدم العون والدعم الإعلامي والسياسي وحتى المادي لإسرائيل في ظاهرة غريبة لم تحدث في التأريخ . هل إن السبب قوة نفوذ اليهود في دول العالم ؟ أم إن السبب الإعلام الإسرائيلي القوي المؤثر ؟ أو قد يكون السبب خوف دول العالم من إسرائيل وحليفاتها ؟ أو ربما السبب هو الحقد والكراهية على العرب والمسلمين والدين الإسلامي ؟ كل هذه الأسباب وغيرها ليست لها علاقة بدعم دول العالم لإسرائيل . السبب الرئيسي والوحيد الذي دفع دول العالم لدعم إسرائيل هو أن الطرف أو الأطراف التي تحارب إسرائيل ليست دول بل هي منظمات مسلحة مصنفة بإنها منظمات إرهابية ، فإسرائيل تحارب الإرهاب في نظر شعوب ودول العالم ، فلا يوجد نظام سياسي أو حكومة في أية دولة من دول العالم قادرة بشكل صريح دعم هذه الأطراف التي تقاتل إسرائيل مهما فعلت بهم الهجمات الإسرائيلية لإن عنوانها الإرهاب بل كل ما تستطيع دول العالم فعله هو توجيه النقد واللوم لإسرائيل أن لا تفرط بالقتل وأن تتجنب المدنيين جهد الإمكان ، لذلك فأن إسرائيل تقاتل بأريحية تامة وبدعم دولي واسع بحجة الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب ، هذه هي ملخص الحكاية ، ومما يزيد من الطينة بلة أن حكومات الدول التي تنطلق منها هذه التنظيمات لمحاربة إسرائيل هي نفسها غير مساندة لهذه التنظيمات بشكل علني فالحكومة اللبنانية غير مساندة لحزب الله والحكومة العراقية غير مساندة للفصائل المسلحة التي تقاتل إسرائيل والحكومة اليمنية الشرعية غير مساندة للحوثيين والسلطة الفلسطينية غير مساندة لحماس وهذا الشيء أعطى لإسرائيل اليد الطولى بأن تفعل ما تشاء . فلو تعرضت إسرائيل للإنهيار والهزيمة أمام هذه التنظيمات المسلحة ستقوم عشرات الدول من انحاء العالم بإرسال جنودها وتسخير امكانياتها للدفاع عن إسرائيل ضد الإرهاب بينما لو تعرضت هذه التنظيمات للهزيمة والإنهيار فلا توجد دولة واحدة على وجه الأرض تتجرأ أن ترسل جندي واحد للدفاع عن هذه التنظيمات المسلحة ، حتى إيران الراعي الرسمي لهذه التنظيمات لا تستطيع إرسال جنودها لمحاربة إسرائيل دفاعاً عن التنظيمات والفصائل المسلحة بل ترسل رجالات الحرس الثوري لتقديم الدعم والمشورة لهذه الفصائل ، وهناك فرق كبير بين الحرس الثوري والجيش الإيراني في القانون الدولي ، فإيران هنا أخطأت ثلاثة مرات ، مرة عندما أسست الفصائل والتنظيمات المسلحة داخل الدول ورفضت تقليدها مواقع القيادة الرسمية لحكومات الدول التي نشأت فيها هذه التنظيمات بل جعلتها تتحرك تحت مظلة وعباءة الحكومات الشرعية المنتخبة للدول تلك ، فبذلك سحبت الشرعية من هذه التنظيمات وتركتها في خانة التنظيمات غير الشرعية ، وأخطأت مرة ثانية عندما دفعت بهذه التنظيمات المسلحة للحروب دون إذن من حكوماتها الشرعية فأصبحت تنظيمات خارجة عن القانون ، والمرة الثالثة التي أخطأت فيها إيران عندما صدقت الدعاية والإعلام الغربي بإنها دولة بمصاف الدول العظمى وأن قادتها أذكياء جداً ، ومازلت أتذكر وزير الخارجية الأميركي في عهد الرئيس أوباما عندما إلتقى بوزير الخارجية الإيراني في اجتماعات ( 5+1 ) حول الملف النووي الإيراني وأخبره حينها بأنه يود ملاقاة شخص القائد قاسم سليماني ( قائد فيلق القدس ومؤسس الفصائل المسلحة ) الذي يكن له الاحترام والإعجاب ويعتبره أحد القادة المميزين في هذا العصر ، بمثل هذه الخدع ابتلع الإيرانيون الطعم ليستمر قاسم سليماني بنهجه في تقوية المليشيات غير الشرعية وبثقة عالية مثلما أبتلعها قبلهم صدام حسين عندما توسلوا به امام العالم كي ينسحب من الكويت ليظن صدام بعدها بأن أمريكا والغرب تهابه وتخشى صواريخه . فإيران صارت ضحية غرورها فسلكت الطريق الخطأ بتأسيس هذه التنظيمات المسلحة التي أصبحت اليوم ومع سكان المدن الذين يعيشون في كنفهم وقوداً للنار التي أوقدوها ، فقد أستطاعت إيران من تأسيس هذه التنظيمات واستطاعت أن تجعل كلمتها وسلطتها في داخل الدول التي تأسست فيها فوق قرار وسلطة الحكومات الشرعية ، ولكنها لم تستطع أن تجعل من هذه التنظيمات هي القيادة الفعلية للدول لأن الذكاء الأمريكي كان حاضراً ومنع حدوث ذلك لمثل هذا اليوم . إلى هنا الموقف أصبح واضحاً للجميع ولا أشكال فيه ، ولكن الشيء غير الواضح للجميع بأن هذه التنظيمات والفصائل لا تقاتل وجهاً لوجه مع إسرائيل بل تجعل المدنيين جزءاً من ساحة المعركة ولا تستطيع هذه التنظيمات أن تتجنب إشراك المدنيين في المحرقة لأن ذلك جزء من تركيبتها التدريبية في فن الاختباء ولتؤكد للعالم بإنها حركات لا تعير اهتماماً للمدنيين و إنها من حيث تدري أو لا تدري أعطت الفرصة الذهبية لإسرائيل بأن تتلاعب بديموغرافية المناطق السكانية التي يحاربون فيها وبجغرافية ساحات المعركة وذلك بسحق وتهجير أكبر عدد من المدنيين بحجة مطاردة الإرهاب ، فهل يدرك قادة التنظيمات والفصائل المسلحة هذه الحقائق وهذه الأخطاء التي أرتكبوها ؟ لا أظن أنهم سيدركون أخطاءهم ولكنهم يستطيعون تجنب المزيد من الخراب وانقاذ المدنيين إذا عادوا إلى رشدهم ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *