اذا كان لكل من القوى و الأحزاب و الطوائف و المليشيات المسلحة في لبنان خط احمر او اخضر او اصفر تنسحب اليه عند الضرورة، فالمواطن اللبناني العادي الى اين ينسحب و ليس له في وطنه سوى خط تلفون و مقطوع ايضاً؟
ثم لبنان الذي فتح لنا حدوده في يوم من الأيام لنطمئن و صحفه لنكتب و مدارسه لنتعلم، قدم لنا خبزه لنأكل و ينابيعه لنشرب و شواطئه لنسبح و جباله لنصطاف و ثلوجه لنتزلج و شمسه لندفأ و ذراعه لننام و نواقيسه لنصحو و حاناته لنلهو و جوامعه لنتعظ و مقاهيه لنتحاور و منابره لنصرخ و لياليه لنحب و حتى روشته لننتحر لماذا يعامل بكل هذه القسوة و السادية و التشفي محلياً و عربياً و دولياً؟
هل هو المسؤول عن وعد بلفور و تقسيم فلسطين؟
هل هو المسؤول عن العدوان الثلاثي؟
هل هو المسؤول عن تحويل روافد نهر الأردن؟
هل هو المسؤول عن حرب اليمن؟
هل هو المسؤول عن نكسة حزيران؟
هل هو المسؤول عن أيلول الأسود؟
هل هو المسؤول عن بناء المستوطنات؟
هل هو المسؤول عن زيارة السادات للقدس؟
هل هو المسؤول عن حرب الخليج؟
هل هو المسؤول عن اتفاقية سيناء؟
هل هو المسؤول عن اتفاقية كامب ديفيد؟
بل ماذا يأخذون عليه في المنطقة و لا يوجد عندهم منه اضعاف ما عنده؟
ظلم اجتماعي؟ اين عدالتهم الافلاطونية؟ تمثيل نيابي غير متوازن وعندهم لا يوجد تمثيل لا متوازن و لا غير متوازن تحكمه عقليات متخلفة؟ حتى إسرائيل التي تدعي انها في المنطقة واجهة للتقدم و الحضارة الالكترونية لا يزال نصف شعبها وحكامها يؤمنون بياجوج و ما جوج.
يريدون ان يعود له وجهه العربي الأصيل و هل الوجه لا يكون عربياً و اصيلاً الا اذا كان ملفوفاً بالضمادات و مغطى بالجروح و القطن و المراهم؟ ثم ما فائدة الوجه اذا كان عربياً و القفا امريكياً او انكَليزياً او فرنسيا؟
و لذلك أيها المسلحون الأكارم، أياً كانت انتماءاتكم و طوائفكم و اهدافكم و أنواع اسلحتكم تابعوا اعمالكم و لا تبقوا على شيء في لبنان.
غيروا وجهه و حدوده و خريطته.
دمروا المعامل و المصانع و المقاهي و الفنادق و دور السينما و دور اللهو و دور السكن.
اقصفوا حنجرة فيروز و وديع الصافي و زكي ناصيف و الحان الرحابنة و توفيق الباشا و وليد غلميه
لوحات رفيق شرف و تماثيل الفريد بصبوص.
قصائد سعيد عقل و انسي الحاج و طلال حيدر و محمد علي شمس الدين
مؤلفات سعيد تقي الدين و جبران و الشرتوني و عبد الله العلايلي
مسرحيات شوشو و نبيه أبو الحسن و نضال الأشقر و رضا كبريت
احرقوا الصحف و المجلات و دمروا المطابع الحديثة و القديمة و دار الفكر و دار القلم و دار العلم و دار التقدم و دار الكلمة و دار الأديب و دار الآداب و دار العودة و دار الكلمة و لا تتركوا في لبنان الا الدخان و الخرائب و الأبواب المتأرجحة عل مفاصلها، و لكن فقط ترفقوا بالأطفال و التلاميذ الصغار فما جريمتهم اذا ولدو في لبنان و في هذه المرحلة؟
ولذلك اذا ما قتل بعد اليوم رضيع على صدر امه او تلميذ في طريقه الى مدرسته في لبنان و غير لبنان، فلسوف اطلب من جميع المحافل الدولية ان لا تقبل بعد الان أي عضو او مبعوث او سفير من هذه المنطقة الا إذا كانت عُّصابة الريش حول رأسه و جعبة السهام و الرماح على كتفه و أوراق الشجر على عورته
……………………….
التالية/21(تقدم ملموس
من كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط
عبد الرضا حمد جاسم