إن الحديث عن الوطن بوصفه فضاءً جامعًا لكل مكوناته يبدو في ظاهره شعارًا جاذبًا، لكنه في الممارسة اليومية لدى البعض يتحول إلى سلاح إقصائي يُقصي كل من لا يتوافق مع رؤيتهم الأحادية. هذه العقلية ليست مجرد انعكاس لخلاف سياسي عابر، بل هي نتاج نزعة إقصائية متجذرة تخشى التعددية وتصرّ على تحويل الوطن إلى ملكية حصرية لجماعة واحدة أو فئة بعينها. ومن بين أبرز ضحايا هذه العقلية في سوريا هم الكورد، الذين طالما واجهوا خطابًا يستهدف وجودهم وحقوقهم كمكون أصيل في البلاد.
إن تصوير الكورد على أنهم تهديد للوطنية السورية ليس إلا تعبيرًا عن أزمة عميقة في فهم مفهوم الوطن نفسه. الوطن ليس حدودًا جغرافية تُحكم بالقوة، ولا هوية موحدة تُفرض بالقسر. الوطن هو فضاء يعيش فيه الجميع بشراكة عادلة، تُحترم فيه حقوق الجميع دون تمييز. لكن هذا المفهوم يبدو غائبًا تمامًا في خطاب أولئك الذين يهاجمون الكورد.
بدلاً من الاعتراف بأن سوريا كانت ولا تزال بلدًا متنوعًا بطبيعته، يتبنى هؤلاء خطابًا ينكر على الكورد حقهم في الوجود، محاولين تقديم الوطن كملكية خاصة تُدار وفق أهوائهم. لكن، إذا كان الكورد، وهم يعيشون على أرضهم، يُجرّدون من حقوقهم ويُعاملون وكأنهم طارئون، فما هو شكل الوطن الذي يدّعون الدفاع عنه؟ إنه بالتأكيد ليس وطنًا للجميع، بل وطنٌ مبني على إقصاء الآخر ونفي وجوده.
الوطنية ليست شعارًا يُرفع ضد مكوّن ما، بل هي موقف أخلاقي وسياسي يعترف بالتعددية ويدافع عن حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة. الهجوم على الكورد ليس فقط ظلمًا لهم، بل هو انتهاك لمفهوم الوطن نفسه. فالوطن الذي يتجاهل مكوناته الأصيلة ويهمشها لا يمكن أن يكون وطنًا حقيقيًا، بل يصبح مشروعًا هشًا قائمًا على القوة والقهر.
ما يثير السخرية أن الذين يهاجمون الكورد اليوم هم أنفسهم من يرفعون شعارات الدفاع عن وحدة سوريا. لكن أفعالهم تتناقض مع شعاراتهم، لأنهم لا يرون في التنوع مصدر قوة، بل يرونه تهديدًا يجب القضاء عليه. هذه العقلية الإقصائية تفتح الباب أمام المزيد من الانقسامات والتوترات، بدلًا من أن تسهم في بناء وطن قوي يحتضن جميع أبنائه.
إن وجود الكورد في سوريا ليس وليد لحظة عابرة، بل هو امتداد تاريخي لآلاف السنين. الكورد لم يكونوا يومًا عابرين أو غرباء، رفض الاعتراف بهذا الحق ليس فقط إنكارًا للتاريخ، بل هو أيضًا تدمير للحاضر والمستقبل.
ما يميز الكورد في مواجهة هذا الهجوم الإقصائي هو ثباتهم على مبادئهم ورؤيتهم الواضحة لمستقبلهم. الكورد لم يطالبوا إلا بحقوقهم المشروعة، ولم يسعوا إلى إقصاء أحد، بل سعوا إلى شراكة حقيقية تُبنى على العدالة والمساواة. لكن هذا الثبات يبدو أنه يربك من اعتادوا على التلاعب بالهوية الوطنية لتحقيق مكاسبهم السياسية.
إن سؤال “ما هو شكل الوطن الذي يدّعون الدفاع عنه؟” يقودنا إلى استنتاج مؤلم: هذا الوطن، كما يتصوره أصحاب خطاب الكراهية، ليس وطنًا حقيقيًا. إنه مجرد صورة مشوهة لمفهوم الوطن، تقوم على احتكار الهوية وإقصاء الآخر. لكن الوطن الحقيقي الذي نحلم به هو وطن يتسع للجميع، وطن يعترف بتنوعه ويحتضن كل مكوناته دون استثناء.
الوطن ليس ساحة لمعركة صفرية يربح فيها طرف ويُقصى الآخر. إنه عقد اجتماعي يقوم على التفاهم والاحترام المتبادل. وإذا أرادت سوريا أن تخرج من أزماتها المتراكمة، فعليها أن تتخلى عن خطاب الكراهية والإقصاء، وتتبنى نهجًا يقوم على العدالة والشراكة.
إن الدفاع عن الكورد ليس مجرد دفاع عن مكون واحد، بل هو دفاع عن فكرة الوطن نفسه. لأن الوطن الذي لا يعترف بجميع أبنائه لا يمكن أن يكون وطنًا، بل يصبح مجرد ساحة صراع لا تنتهي.
الوطن للجميع.. والقومية للافراد.. والدين لله..
لا يمكن الخلط بين الله والوطن.. كالذي يخلط بين سيارة المارسيدس والطمامة.. لا يمكن المقارنة اصلا.. ولا تصح..منطقا ولا عقلا..
كذلك لا يمكن الخلط بين القومية والوطن.. فالوطن لجميع ا بناءه.. والقومية خصوصيات افراد فيه..
القومية لا يمكن ان تجمع جميع افراد الشعب المتعددي الاطياف القومية والمذهبية ..والدينية..
ولكن الوطن يجمع الجميع.. ولكن يتفجر الوطن ان وصل للحكم نظام يقوم على ا ساس قومي او مذهبي او ديني..
يقول الكاتب ..
الوطن يجب ان يعترف بالاكراد.. ا لسؤال يعترف بهم (قوميا).. ام (سياسيا).. ام ماذا؟
بمعنى ..
الوطن لديه حدوده الجغرافية وشعبه.. فاذا الاكراد يريدون الاعتراف بهم بحقهم بالتكلم بلغتهم الرسمية ولبس ملابسهم الخاصة.. والدراسة باللغة الكوردية.. فهذا من حقهم..
ولكن ان طالبوا بمناهج دراسية خاصة بهم تتنافر مع المناهج الوطني الجامع للشعب السوري.. ماذا نطلق على ذلك؟
القوميين ا لعرب والقوميين الكورد.. ساهموا بتمزيق العراق.. لان كلاهما ابتعدوا عن النهج الوطني العراقي ..
القومي العربي وطنه عابر للحدود.. الوطن الكوردي عابر للحدود..في حين الوطن العراقي معروفة حدوده ومعترف بها دوليا..
هل يريد الكورد ميزانية من دمشق.. لا تعرف الحكومة فيها اين تصرف و اين تذهب؟ ويصدرون ا لنفط والغاز والمعادن الحميدة.. بدون ان تعلم دمشق اين مواردها.. ؟
هل يريدون حكم العوائل الحزبية.. المهيمنة .. لتحكم الكورد؟
هل يريدون رفع اعلام كوردية وخارطة دولة كوردستان الكبرى.. بوقت هذا يتنافر مع الوطنية وحدود الوطن وخارطة الوطن السوري او العراقي..
هل تريدون خليط غير متجانس.. سياسيا وديمغرافيا.. وليس خليط متجانس وطني؟
مجرد تساؤلات