الإعلام السوري من التواطؤ إلى التحريض، لماذا كل هذا الحقد على الكورد؟ – 1/2 – د. محمود عباس

 

الإعلام السوري الرسمي، في ظل نظام الأسد والبعث، لم يكن مجرد أداة إعلامية، بل كان سلاحًا دعائيًا في خدمة الإقصاء والطمس الممنهج للوجود الكوردي. لم يكن مجرد متجاهل للواقع، بل كان شريكًا فاعلًا في الجريمة، يتبنى التعتيم المطلق على الكورد، ليس فقط كهوية قومية، بل كحقيقة تاريخية وجغرافية ثابتة، لا يمكن لأي مصدر موضوعي في العالم إنكارها، باستثناء تلك المصادر الغارقة في الأيديولوجيا الشوفينية والعنصرية.

1-   صمت على المشاريع العنصرية، والتغيير الديموغرافي، وسياسات التعريب القسري، وسرقة الأراضي، وانتهاك الحقوق الأساسية للكورد.

2-   تجاهل العقود من القمع والحرمان والتهميش، حتى كأن الكورد لم يكونوا يومًا جزءًا من نسيج البلاد.

3-   حين كان النظام يسلخ هويات الكورد، وينزع عنهم الجنسية، ويسلب حقوقهم في التعليم والعمل والملكية، كان الإعلام السوري يتواطأ بالصمت المطبق، وكأنه لا يرى شيئًا.

ولكن، مع اندلاع الثورة السورية، وانهيار قبضة النظام جزئيًا، تغير دور الإعلام، لكنه لم يصبح أكثر إنصافًا، ولم يتحول إلى منصة نزيهة، بل انتقل من الصمت إلى التحريض والكراهية العلنية.

بعد السنة الأولى من الثورة، أصبح الكورد مادة يومية للهجوم الإعلامي الممنهج، تُطلق ضدهم الاتهامات بالخيانة، والانفصال (لا نعلم الانفصال من من؟) والعمل لصالح أجندات خارجية، بينما كان الكورد في الحقيقة يقاتلون لحماية أراضيهم من الإرهاب والفوضى التي ساهم هؤلاء المهاجمون أنفسهم في خلقها.

وبالمناسبة، جميع الدول الإقليمية، من الأنظمة إلى المنظمات، بما في ذلك القوى السورية، مجرد أدوات للقوى الخارجية، بينما يبقى الحراك الكوردي أنزههم جميعًا. فقد كان في مقدمة المدافعين عن وحدة الأرض، وحماية سوريا من الفوضى التي زرعها النظام والجماعات التكفيرية على حد سواء.

لا يزال الجميع يتذكر ثورة 2004، عندما انتفض الكورد وأسقطوا تمثال الطاغية، في مشهد كان أول شرارة لمقاومة الاستبداد. وبالمقابل، أولئك الذين يملؤون اليوم وسائل الإعلام السورية بتهجمهم على الكورد، كانوا يومها يتباكون على الطاغية وسلطته، وكأن حملاتهم الحالية ليست سوى ثأر متأخر لتلك الأيام.

 

اليوم، وبعد تصاعد سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وفرضها أمرًا واقعًا في دمشق، باتفاقات دولية، بلغ خطاب الكراهية ضد الكورد مستوى غير مسبوق.

1-    تحول الإعلام الموجه من مجرد أداة تهميش إلى منصة تحريض مكشوفة، تُطلق العنان لكل جاهل وحاقد ليتهجم على الكورد.

2-   أُطلقت يد المتطرفين وأيتام البعث لملء الشاشات والمنصات الرقمية بخطاب عنصري غارق في الحقد والكذب والتضليل.

3-   تُصنع الأكاذيب ضد الكورد يوميًا، وتُختلق الافتراءات، وكأن هذا الإعلام المسموم لم يجد قضية سوى ترويج الكراهية ضد شعب قاوم الإرهاب، وقدم التضحيات من أجل الاستقرار في المنطقة.

4-   أُعطيت المنابر للجهلاء والحاقدين ليتحدثوا عن الكورد وكأنهم الخطر الأكبر، بينما هم أنفسهم صمتوا حين اجتاحت داعش نصف سوريا، وحين كانت الأنظمة تقمع الشعوب السورية كافة.

5-   بات الإعلام الموجه يستغل كل حادثة، ويختلق الأكاذيب ضد الكورد، ويُروّج لفكرة أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لا تمثل الكورد، وكأنهم كانوا يومًا يهتمون بمصير الكورد أو يدافعون عن حقوقهم.

6-   مهاجمة قسد.. كذبة يدركها الجميع. وليعلم الجميع وفي ظل ما يجري فإن قسد وفي هذه المرحلة تمثل ليس فقط الكورد، بل كل مكونات الجزيرة.

7-   هؤلاء الذين يهاجمون اليوم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ويتشدقون بأنها “لا تمثل الكورد”، ليسوا سوى أعداء للكورد أنفسهم. هذه الحجة السخيفة يدرك كل كوردي حقيقتها، بل يدرك حتى مروّجوها أنهم يكذبون وينافقون.

8-   أين كانوا عندما كانت، ولا تزال، تُنتهك أعراض الكورد في عفرين، وتُنهب ممتلكاتهم، وتُسرق محاصيل زيتونهم، ويُطردون من منازلهم؟ بل وحتى اليوم، يُمنعون من العودة إلى قراهم وبيوتهم، في ظل صمت مخزٍ وتواطؤ مكشوف؟

9-   أين كانوا عندما كانت المراسيم الاستثنائية تمزّق أوصال المجتمع الكوردي؟

10-                      أين كانت أصواتهم عندما جُرّد مئات الآلاف من الكورد من الجنسية؟

11-                      أين كان ضجيجهم عندما كانت الأنظمة تسرق الأراضي وتفرض سياسات التعريب القسري؟

12-                      اليوم، وبعد كل هذه العقود من القمع والظلم، يحاولون تصوير أنفسهم كحريصين على مصير الكورد، بينما في الحقيقة، هم مجرد امتداد للعنصرية البعثية التي لم تنتهِ بعد، أضيفت عليها الإملاءات التركية.

يتبع…

 

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

3/2/2025م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *