بعد انتفاضة اذار عام 1991 وتأسيس برلمان وحكومة اقليم كوردستان منح المسيحيين خمسة مقاعد برلمانية وحقيبة وزارية اضافة الى مناصب اخرى، قناعة ودلالة على اشراك جميع المكونات في ادارة الاقليم، فاستغلت هذه المناصب من قبل بضعة اشخاص ابشع استغلال لتحقيق منافع ومصالح شخصية ما كانوا يحلمون بها!!! واصبحت كل قضيتنا القومية/ الدينية نحن المسيحيين تتمحور وتتمركز في نسبة الاستفادة من هذه المناصب، وبعد الاطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003 واعتماد مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية في تشكيل الحكومات العراقية بعد هذا التاريخ ركض نفس هؤلاء نحو بغداد، ليستلموا حصتهم من كعكة بغداد الدسمة، واستغلوا الوضع السياسي المتردي للبلد ليعلنوا انفسهم الناطقين باسم المسيحيين وومثليهم الشرعيين والوحيدين وكل من يخرج من تحت عبائتهم فهو عميل وخائن! ( هذه كانت توصيات وتوجيهات القائد الاوحد لماكنته الاعلامية )، وبما ان المناصب ترافقها امتيازات مالية كبيرة فان احتكارها والاحتفاظ بها كان الهم والهدف الوحيد لهؤلاء ولو كان الثمن دماء كل المسيحيين ( هذا ما اثبتته الاحداث ).
مع كل الاحداث المأساوية التي عصفت بالمسيحيين في العراق وتأثيرها الكبير على مستقبلهم ووجودهم، فانه من الطبيعي ان يقف المخلصين من ابناء شعبنا بالضد من توجهات وطموحات المتاجرين بقضيتنا ومستقبلنا، وهكذا تاسست احزاب جديدة وشكلت تحالفات جديدة، البعض عمل بجد واخلاص للثبات في الوطن ورفع المظالم عن شعبنا والبعض الاخر اعتبرها فرصة ذهبية لتحقيق المنافع، لكن محتكري المناصب والسياسة عارضوا المخلصين خوفا على عصرهم الذهبي، وبما ان المناصب وامتيازاتها كانت اغلى من دمائنا واهم من مستقبلنا عرضت قضيتنا من قبل ضعاف النفوس في المزاد العلني دون خجل وبيعت بابخس الاثمان، فدخل الساحة السياسية كل من هب ودب املا في الحصول على منصب ما ثمن سكوته وتمثيله الصوري، وهكذا اصبح المسيحيين بلا تمثيل حقيقي وبلا قضية يدافعون عنها.
تعميم الخيانة والعمالة على كل من يخالفنا الرأي ويعارضنا في المواقف قرار خاطيء، لذلك اتمنى ان يتلقى الجميع كلامنا بصدر رحب وروح رياضية لان هدفي هو خدمة القضية ليس الا، وعندما ننتقد فان انتقادنا ليس لتحقيق مصلحة شخصية بل توضيح للحقيقة، ومن هذا المنطلق فأنا اؤيد وادعم كل فكرة او طرح او موقف لاي حزب سياسي او شخصي ايا كان انتمائه القومي والسياسي يدعم قضيتنا ويثبت وجودنا ويبعث فينا امل جديد للاستمرار، وكي لا ابتعد كثيرا عن عنوان مقالي ساتطرق الى بعض مواقف وخطابات التحالف المسيحي!، الذي تأسس قبل سنوات قليلة من قبل بضعة احزاب وافراد محدودي القاعدة الجماهيرية، وهو امتداد لتحالف الوحدة القومية وائتلاف حمورابي … ، لكن رغم ذلك فان المشاركين في هذا التحالف عندما يتحدثون عنه يحيطونه بهالة ضخمة من الوقار الزائف والشرعية المعدومة، ويعطون المتلقي فكرة خاطئة من خلال الاسم الشامل للتحالف والادعاء بانه اكبر تجمع مسيحيي عراقي !!.
من المفرح جدا ان نسمع ونتلمس مواقف ومشاريع تخدم قضيتنا كمسيحيين، لكن ان لا تكون هذه المواقف والمشاريع مجرد كلام موسمي لذر الرماد في العيون وتحقيق غايات مخفية هدفها واضح، ففي جولته في الولايات المتحدة الامريكية يقول السيد انو جوهر وزير النقل والمواصلات في حكومة اقليم كوردستان، انه اكد في لقاءاته ونقاشاته مع المسؤولين الامريكيين على مطالب المسيحيين ( سؤالنا لسيادة الوزير، من خوله للتحدث باسم المسيحيين ومن ماذا استمد شرعيته؟ ) المتمثلة، في سحب الميليشيات من سهل نينوى، وتعديل قانون الانتخابات النيابية والمحلية في عموم العراق فيما يخص كوتا المسيحيين وحصر التصويت بالمسيحيين فقط! ( هل يشمل مفهوم عموم العراق اقليم كوردستان ايضا ؟ ام تقصدون به المحافظات الاخرى عدا الاقليم؟ واذا كان التحالف المذكور اكبر تحالف مسيحي!!! ويعتمد على اصوات المسيحيين ويمتلك كل هذه القاعدة الجماهيرية كما يدعي رئيسه وسكرتيره فلماذا سحب مرشحيه من انتخابات اقليم كوردستان؟ )، وتطبيق المواد الدستورية …..، لا شك اطلاقا في شرعية هذه المطاليب وانعكاسها ايجابيا على قضيتنا لكن الشك يكمن في مدى جدية السيد انو وتحالفه في تبني هذه المطاليب والعمل من اجل تطبيقها على ارض الواقع، فلو كان جديا بالفعل كان سيناقش هذه النقاط مع احزاب شعبنا الرئيسية، لانهم تبنوها قبل ان يفكر بها السيد انو اصلا، ويتفقوا جماعيا على ورقة المطاليب ويقدمها للمسؤولين المحليين قبل الامريكيين والدوليين مذيلة بتواقيع احزابنا ككل باعتبارها مطاليب قومية/ دينية شرعية استمدت قوتها من المسیحيين وتعبر عن رأیهم جمیعا، اما اذا كان الهدف من اطلاق هكذا شعارات، واتمنى ان اكون مخطئا!، هو دغدغة المشاعر والعواطف الدينية والقومية لكسب الجمهور او تصدير الزعامة! فهذا موضوع اخر ، لاننا جميعنا نعرف ومتأكدين انه لولا دعم الحزب الديمقراطي الكوردستاني لهذا التحالف يكاد يكون فوزه بمقعد برلماني مستحيلا!!، فكيف لهم ان يطالبوا بحصر التصويت للكوتا المسيحية بالمسيحيين فقط ! وقاعدتهم الجماهيرية تكاد تكون معدومة وحجم تحالفهم معروف للقاصي والداني.
قضيتنا القومية/ الدينية بحاجة الى تضحيات وتنازلات اخوية! ونيات صادقة ونبذ الانانية ومنافسة شريفة لتقديم الاحسن والافضل لابناء شعبنا، وليست بحاجة الى تصدير الزعامة والتناطح من اجل المناصب وتوزيع التهم الباطلة على المقابل.
همسة :- بين القول والفعل مأساة يتاجر بها.
كوهر يوحنان عوديش