22 عاما من احتلال امريكي وفساد عراقي- الاستاذ الدكتور خليل شمه

تحلُّ هذه الايام، الذكرى 22 للغزو الأميركي للعراق. الغزو الذي تم دون موافقة مجلس الامن وبالضد من الكثير من تحذيرات شعبية ودولية. فقيام مثل هذا الغزو ” وفقا لهذه التحذيرات ” من شأنه فتح باب جهنم بوجه المنطقة وادخال العراق في فوضى واقتتال داخلي. كما سيؤدي الى انتشار التطرف والارهاب وتهديد الاقتصاد العالمي.
فالغزو الامريكي للعراق كان بمثابة زلزال ما زالت المنطقة تعيش تداعياتِه حتى اليوم. ورغم ان 19-20 عام 2003 كان يوما مشؤوما، مدمرا، استعماريا، طائفيا، فانتصارَهم العسكري السريع لم يتمكن من محو «الخطأ» الذي قاموا به، إذ تبيّن زيفُ مبرراتهم للغزو التي قدموها للعالم.
فالهدف الحقيقي في غزو العراق كان ولايزال هو:
الغاء دولة قوية مستقرة وإن كانت ضعيفة عسكريا ( بعد حربين ضد إيران واحتلال الكويت ).
بناء عراق جديد عماده ديقراطية مشوهة، عرجاء، لاطعم لها ولا لون.
تدمير كامل للبنية التحتية بحجة القضاء على اسلحة الدمار الشامل .
ففي ذلك اليوم المشؤوم تعرض العراق الى قصف امريكي عنيف للمنشآت الصناعية والعسكرية والخدمات والطرق والجسور والكهرباء ومخازن الغذاء، وكانت الجثث المحترقة منتشرة في كل انحاء وطني المعذب. وبعد 5 نيسان، يوم انهيار نظام صدام ( أطلق بوش حملةَ إطاحة صدام التي أطلق عليها «الصدمة والترويع» ) باتت ارض الحضارات غابة تتصارع عليها وحوش وكواسر وعصابات عقائدية متخلفة فكرا وادراكا ووعيا،، واخرى عصابات طائفية افتقدت لكل القيم الاسلامية. فعليه بات العراقي عاريا من كل مقومات الحياة بل كاد ان يكون كمن عاد من القرون الوسطى.
والعراق بعد الغزو بات جسدا مشلولا غير قادر على استيعاب مايجري حوله. فالصدمة من الدمار الشامل لكل المرافق الحيوية والاجتماعية اكبر من ان تكون مفاجاة لنا، لا في المعارضة ، ولا عند القوات المسلحة والاجهزة الحزبية البعثية ذاتها. فالغزو بحد ذاته لم يكن مفاجأة. فالاجهزة المخابراتية العالمية وكثير من الدول كانت على علم بقرب وقوع الكارثة. فادارة بوش الابن كان قد قرر مسبقا باحتلال العراق باي ثمن كان.
في السياق ذاته، صرح الكثير من المسؤولين الامريكان: ” جئنا لبناء الديمقراطية وسننسحب بعد إنجاز ذلك “. اما الواقع فكان عكس ذلك. فالفوضى الخلاقة كانت القاعدة الاساسية للنهج الامريكي السياسي في خلط الاوراق كي يقع العراق والعالم في وهم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الشعب العراقي المغتصبة من قبل اتعى الديكتاتوريات في العالم. فالسنوات اللاحقة من الاحتلال أكدت لنا ان الديمقراطية المشوهة كانت هي الاداة والبوصلة التي حركت المشهد السياسي في العراق لترسيخ حكم غير مؤسساتي مبني على هيمنة تنظيمات دينية وعشائرية ومليشيات مسلحة لخلق اجواء من الاختناق السياسي وجواَ من انعدام الثقة بين القوى الشعبية والقوى المتنفذة ودك اسفين بين الحكومات العراقية ما بعد الاحتلال وبين باقي افراد الشعب.
وهكذا أتت الفوضى الخلاقة والديمقراطية الامريكية المشوهه أُكلها في تفشي الفساد وتغوله وانتشار السلاح خارج الدولة، ليتحول الوطن الآمن الى بلد ينشأ فيه التطرف والعنف والاقتتال الاهلي والارهاب والتناحر المذهبي وحصول حالة عدم استقرار غير مسبوقة في العراق وفي المنطقة بالشكل الذي جعل أيادي الجوار ان تمتد وتتوغل وتحرك المشهد السياسي في العراق وتحديدا الرغبة في استيقاظ الثأر النائم للانتقام من العراق الذي وقف في وجه مطامع إيران في المنطقة.
وإذا كان صدام حسين غبيا وظل متمسكا بمواقفه الدونكوشيتية ورفضه لكل النصائح في ويلات الحرب والدمار وتداعيات الخطر متمسكا بشعارات تتحكم بعواطفه بعيدا عن العقل والحكمة فكيف لنا ان ننظر الى المشهد العراقي اليوم وبعد 22 عاما والمحكوم بارادات دولية واقليمية متعددة الصور ومختلفة الاهداف ويواجه الكثير من التحديات العسكرية والاقتصادية في ظل قوة دولية عظمى يقودها مجنون بطموح جامح غير مبالي بالقوانين والاعراف الدولية. فالمال المال المال هو هاجسه وشغله الشاغل !!!.
الوضع العراقي معقد ويتطلب بعد نظر، فاذا قدم اليوم تنازلات سياسية لايعني فقدان المسار الوطني او الاطاحة بالعملية السياسية ووراءه شعب يعرف كيفية التعامل مع المحتل. فالعراق دائما كان قادرا على التحدي بشبابه الواعي وقدراته البشرية والطبيعية على تغيير واقع تم فرضه في فترة عصيبة لقادر على تغيير الموقف من حال الى افضل. فالسنوات الاربع من حكم ترامب ليس دهرا.

One Comment on “22 عاما من احتلال امريكي وفساد عراقي- الاستاذ الدكتور خليل شمه”

  1. ** من ألأخر { عزيزي لماذا تتجاهل دور الجارة الخبيثة والكبيرة إيران والتي لولا مساعدتها لهم لما حدث للعراق ما حدث ، خاصة بعد إنقلاب شيعتها الأوغاد من الخونة والعملاء على ماما أمريكا التي أتت بهم والتي لم ترى بد غير قلب الطاولة فوق رؤوس الجميع ، سلام؟

اترك رداً على س . السندي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *