على الرغم من الخطاب العلني الحاد الذي اتخذه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، والذي حذر فيه إسرائيل من مواصلة نشاطها العسكري في سوريا، تشير التقارير إلى وجود اتصالات مستمرة بين أنقرة وتل أبيب في الغرف المغلقة. هذه الاتصالات تعكس رسالة تركية غير معلنة مفادها أن تركيا “غير مهتمة بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل”، رغم التصريحات النارية.
الخطاب العلني: تصعيد الكلمات
- أردوغان يحذر إسرائيل :
في خطابه الأخير، وجه أردوغان انتقادات حادة لتل أبيب، متهمًا إياها بـ”نسف الثورة السورية” عبر تحريض الأقليات وتأجيج الخلافات الطائفية. كما أكد أن تركيا لن تسمح بأي محاولات لزعزعة استقرار سوريا أو تقسيمها. - رد نتنياهو :
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل صريح معارضة بلاده لإنشاء تركيا قواعد عسكرية دائمة على الأراضي السورية، ما يعكس التنافس المتزايد بين البلدين على النفوذ الإقليمي.
خلف الكواليس: رسائل مختلفة
- تركيا تتجنب المواجهة :
رغم الخطاب العلني الحازم، تنقل تركيا في الغرف المغلقة رسالة مفادها أنها غير مهتمة بالدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل. هذا النهج يعكس رغبة أنقرة في تجنب تصعيد قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة أكثر مما هي عليه الآن. - إسرائيل تواصل عملياتها :
أحد المسؤولين الإسرائيليين أكد أن “إسرائيل لا تنتظر أحداً”، مشيرًا إلى استمرار الهجمات اليومية في سوريا. وأضاف أن تل أبيب لن تسمح للسلطات السورية الجديدة باكتساب القوة أو إعادة بناء الجيش السوري، وهو ما يعتبره الأمن القومي الإسرائيلي تهديدًا مباشرًا.
فشل المفاوضات في أذربيجان
- مفاوضات غير مثمرة :
الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي في أذربيجان بين تركيا وإسرائيل فشل في التوصل إلى اتفاق لمنع تصاعد التوتر بين الطرفين في سوريا، وفقًا لما أوردته هيئة البث الإسرائيلية “كان”. - اتهامات متبادلة :
بعد الفشل، اتهم أردوغان إسرائيل بمحاولة “نسف الثورة السورية”، بينما واصلت تل أبيب انتقاداتها للتحركات التركية في سوريا، خاصة فيما يتعلق بإنشاء قواعد عسكرية دائمة.
تحليل: لماذا هذا التناقض؟
- المصالح المشتركة والخلافات :
- على الرغم من الخلافات العلنية حول سوريا، فإن تركيا وإسرائيل تشتركان في مصالح استراتيجية، مثل مكافحة النفوذ الإيراني ومنع تصعيد شامل في المنطقة.
- التوتر الحالي قد يكون مجرد “مسرحية” للاستهلاك المحلي والإقليمي، بينما تعمل الدولتان على إدارة الأزمة بهدوء خلف الكواليس.
- التأثير الإيراني :
- كل من تركيا وإسرائيل تعتبر إيران التهديد الرئيسي في سوريا. لذلك، قد تكون هناك تنسيقات غير معلنة بين الجانبين لاحتواء النفوذ الإيراني، رغم التصريحات العدائية.
- التنافس على النفوذ :
- تركيا تسعى لتعزيز دورها في سوريا من خلال دعم الحكومة السورية الجديدة، بينما تهدف إسرائيل إلى ضمان عدم قيام نظام قوي في دمشق قد يشكل تهديدًا لها.
الخلاصة
التوتر بين تركيا وإسرائيل حول سوريا يبدو ظاهريًا فقط، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية مع الخلافات السياسية. بينما يستخدم الطرفان الخطاب العلني لتحريك الرأي العام المحلي والإقليمي، فإن الإشارات القادمة من الغرف المغلقة تؤكد أن كلا الجانبين يعمل على تجنب المواجهة المباشرة.
مع ذلك، فإن فشل المفاوضات في أذربيجان يعكس صعوبة تحقيق توافق بين الطرفين بشأن سوريا. ومع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتعزيز النفوذ التركي، قد تزداد التحديات في المنطقة، مما يتطلب إدارة دقيقة للأزمة لتجنب تصعيد قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها.