أثارت قضية رفع نادي دهوك الرياضي علم كردستان بدلًا من العلم العراقي بعد فوزه ببطولة كأس أندية الخليج جدلًا واسعًا، حيث لم تكن ردود الفعل من الجانبين مجرد انفعالات عفوية، بل كانت نتاجًا لتاريخ طويل من النزاع بين بغداد وكردستان، متجذر في قرن من الصراع السياسي والعسكري.
المنظور الكردي: رمز المقاومة
منذ بدايات القرن العشرين، تعرض الكورد في العراق للتهميش السياسي والقمع العسكري من قبل الحكومات المتعاقبة. بدءًا من الحكم البريطاني، وصولًا إلى حملة الأنفال (1988) التي شنها صدام حسين وانتهاء بحملة العبادي الإيرانية ضد الاستفتاء، كانت السياسة العراقية تجاه الكورد تعتمد على السيطرة والإخضاع. وبسبب هذه التجارب، ترسخت لدى الكورد قناعة بأن الحكم في بغداد، مهما تغيرت قيادته، سيظل يسعى إلى تقليص استقلالهم الذاتي. في هذا السياق، يُعتبر رفع علم كردستان فعلًا يتجاوز مجرد التعبير عن الفخر الإقليمي، فهو بمثابة رفض رمزي للهيمنة العراقية التاريخية، وإعادة تأكيد للهوية الكوردية التي نجت من عقود من القمع. لذا، كان الامتناع عن رفع العلم العراقي أمرًا متوقعًا، وليس مجرد قرار لحظي.
رد الفعل العراقي: الحنين وخيبة الأمل
في المقابل، رأى العراقيون فوز نادي دهوك الرياضي إنجازًا وطنيًا يوحدهم في الفخر، حيث اعتاد العراق على توظيف النجاح الرياضي كوسيلة لتعزيز الوحدة الوطنية، خاصة في ظل الحروب والنزاعات الطائفية والأزمات الاقتصادية. غياب العلم العراقي عن الاحتفالات جعل الكثيرين يشعرون بأنه إقصاء متعمد للهوية الوطنية العراقية، وهو ما أعاد إلى الأذهان فترة ما قبل 1990، عندما كانت كوردستان أكثر ارتباطًا ببغداد وعمليا خاضعا للجيش ورجال الشرطة والامن العراقيين.
لهذا, فبالنسبة للكثيرين من العراقيين، كانت تلك الحقبة أكثر استقرارًا ووحدة، ورؤية الكورد يحتفلون بعلمهم فقط بدا وكأنه إشارة إلى رفض العراق ككيان جامع.
الخاتمة
- هذه القضية ليست مجرد مسألة رياضية، بل هي انعكاس للذاكرة التاريخية والتجربة السياسية الطويلة.
- قرار الكورد برفع علمهم بدلاً من العراقي يجسد إرثًا من الصراع والتهميش.
- بينما خيبة الأمل العراقية تعبّر عن حنين للماضي الذي كان يوحي بوحدة أكبر.
- لا يمكن القول إن أحد الطرفين مخطئ تمامًا، فالكل يرى الأمر من منظور تجربته التاريخية.
هل يمكن للرياضة أن تتجاوز تأثير الماضي، أم أن الهوية العراقية والكردية ستظل دائمًا محكومة بإرث الصراع؟
نيسان 2025