برتراند راسل،وعشوائية الكون .. هاتف بشبوش

 

الحياة ومآسيها تستقطع منا الكثير من الوقت كي نفهم معنى السعادة بشكلها البسيط ويظل المرء يبحث عن السعادة حتى مماته ولم يجدها لانها صعبة المنال وفي الضفة الآخرى من الشاطيء،أو ماهي سوى زوال جزئي للألم أو هي فجوة عابرة بين ألمين كما وأنّ البشرية بأغلبها تعيش على هامش الحياة دون الغور في التفاصيل المعقدة وعلى وجه الخصوص في شعوبنا مما أدى لسيادة حكم الخرافة والجهل والإبتعاد عن المعنى الحقيقي لكيفية إستغلال أيامنا بالحب قبل شرودها منا في أية لحظةٍ مارقة. كل هذا وعبر التأريخ الفاسد الممتلئ بسيادة الأديان وحروبها وإجرامها حتى اليوم وما نلاحظه بين العرب وإسرائيل،تلك الأديان التي تبدأ اللعبة ونحن من يشاهد الدراما المبكية والمدمرة ، بل نحن حطبها .من بين كل هذا سوف نرى ماذا قال الفيلسوف الإنكليزي برتراند راسل بشأن الأديان :

برتراند راسل الملقب بفولتير القرن العشرين وقد سجن أكثر من مرة لمواقفه المناهضة للظلم والرأسمالية والحرب وسباق التسلح والمؤيدة للفقراء ومايصيبهم من ألم الحياة. برتراند راسل يقول : ثلاثة أشياء تجعلني أستمر في الحياة : الهيام في الحب ، الركض وراء المعرفة ، وشفقة على المعدمين في جوعهم وآلامهم.برتراند فيلسوف لايؤمن بديانته المسيحية وهذا حسب ماجاء في كتابه ( لماذا أنا لست مسيحياً) وفي هذا الكتاب وصف المسيح أو الإله أنه أحد مؤسسي ثقافة الضغينة وإحتقار الآخرعن طريق الوعيد والترهيب وهذا يعني : إذا لم تؤمن بي فلسوف أضعك في لهيب النار لآجل غير مسمى وأشويك ملايين المرات وأنت حي وهذه الحالة مثلت في فيلم ساخر مرعب يصور لنا كيفية الجحيم ونارها وشواء البشرية التي تحرق وتموت ثم يحييها الرب من جديد وتشوى مرة أخرى وهكذا الى ما لانهاية فيقول برتراند : ماهذا الإله الذي يحب شواء اللحم الآدمي وهل هذه هي الدقة المتناهية في خلق الكون وأين الرحمة والشفقة في مسمّياته فيقول : هذه تشكل النواة الآولى لعشوائية وعبثية العالم .

وصف برتراند الخرافة الدينية بنوعين: الخرافة القديمة وهي المتأتية من زمن اليهود والمسيح وماتلاه من جهل لعامة الناس أنذاك بحكم الواقع المعرفي الضئيل وقلّة تقنيات الثقافة ومن ثم الخرافة الجديدة أوالحديثة وهذه أقل خطورة بكثير من الخرافة القديمة لآنها مسلية ومضحكة بينما القديمة هي الأخطر . فيقول حول الخرافة الحديثة : إتصل بي أحد الأشخاص وقال لي أنا المسيح المخلّص وقد جئت من جديد لآصلح الشر وأعطاني أسمه وعنوانه في ضواحي لندن وطلب مني أن أزوره وأؤمن به وأعلن عنه في محاضراتي في الجامعات.فيقول برتراند ضحكت كثيرا وقلت له أتمنى لك أن تصلح الشر ولننتظر ونرى.أما أنا فلا أؤمن بك ، فيقول ضحكت مرة أخرى وقلت له:أنت نبيٌ سيء الحظ ولو ظهرت قبل الفي عام لصدق بك الناس لجهلهم وقلة معرفتهم وسذاجتهم وليس كما هذه الأيام حيث العلم والتجارب والطب. فيقول برتراند ذهب بعدها ولم أسمع به والى الأبد.من هذا المنطلق يرد برتراند راسل على المؤمنين بكثير من الأشياء ومنها حول الذين يقولون أن العالم خلق بتنظيم متناهٍ من قبل مصمم فيقول لهم : أن هذا مجرد وهم فالعالم غارق بالعشوائية والصدفة لكننا تأقلمنا وتكيفنا معه واعتقدنا أنه منظم ، ثم يقول أن حركة النيترون في الذرة التي جاء بها (أنشتاين) حسمت الموضوع بشأن العشوائية والعبث لآن النيترون يتحرك في الذرة بشكل عشوائي غير منتظم.الكوارث الطبيعية وأمراض البشر المميتة والمؤلمة كأمراض السرطان وقرحة المعدة والجهاز التناسلي وغيرها من الأمراض التي لاتعد ولاتحصى ، ناهيك عن الكوارث الطبيعية التي تفتك بالبشر والتي يكون بها الموت عشوائيا محضا ومن يبقى على قيد الحياة فإن الصدفة هي التي تبقيه حياً دون الآخرين . ومن ثم يرد برتراند على رجال الكنيسة ممن يقولون:ان كل شيء موجود له سبب العلّة والمعلول أي بمعناه هناك خالق للكون اسمه الله . فيرد برتراند عليهم ويقول : فما هو سبب وجود السبب الأول أي بمعناه من خلق الله ؟ وهذه حجة عاقرة تنتهي بجدل عاقر . وذات يوم سألته إمرأة عجوز وهو في سن التسعين وقالت له : لنقل أنك مت وهناك وجدت ربك فأما تخاف منه فقال لها : كلا لم أخف أبدا وإنما سأقول له : لماذا لم تترك لنا أدلة كافية على وجودك ؟؟ .

هاتف بشبوش/ شاعر وناقد عراقي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *