استبعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خيار إجراء انتخابات مبكرة، داعياً حزب الشعب الجمهوري (CHP)، بزعامة أوزغور أوزيل ، إلى التعاون لوضع دستور جديد للبلاد. جاءت هذه الدعوة ردًا على الحملة التي يقودها زعيم المعارضة للمطالبة بانتخابات مبكرة، والتي تصاعدت بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو ، أحد أبرز المنافسين السياسيين لإردوغان.
شدد إردوغان على أهمية التكاتف الوطني، قائلاً: “دعونا نتكاتف، نريد الدستور الجديد ليس لأنفسنا، بل لبلدنا. ليس لدي أي مصلحة في إعادة انتخابي أو الترشح لمنصب آخر”. ومع أن الدستور الحالي يمنع إردوغان من الترشح لولاية رئاسية جديدة بعد استنفاده الحد الأقصى لدورتين متتاليتين، إلا أن المعارضة تتهم تحالف “الشعب” ، الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية، بقيادة دولت بهشلي ، بالسعي لتغيير الدستور لتمكين إردوغان من الترشح مرة أخرى.
ربطت المعارضة بين المبادرة التي أطلقها دولت بهشلي في أكتوبر الماضي تحت شعار “تركيا خالية من الإرهاب” وبين خطط تغيير الدستور. هذه المبادرة، التي حظيت بدعم إردوغان، أدت إلى إعلان حزب العمال الكردستاني (PKK) حل نفسه وإلقاء أسلحته بدعوة من زعيمه عبد الله أوجلان . وتتهم المعارضة الحكومة باستخدام هذا الإعلان لكسب دعم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب (DEM) ، المؤيد للأكراد، في صياغة الدستور الجديد.
تصريحات إردوغان حول “العمال الكردستاني”
في تصريحاته لصحافيين أتراك خلال عودته من زيارة للمجر، الخميس، قال إردوغان إن تركيا على أعتاب القضاء على الإرهاب، مضيفًا: “لن نسمح بتضرر هذه العملية. مع تخلي حزب العمال الكردستاني عن السيطرة على الأسلحة، سيحصل حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب على فرصة لممارسة السياسة بطريقة مختلفة تمامًا”. وأشاد إردوغان بوجود أكثر من 50 مقعدًا برلمانيًا لحزب DEM، مشيرًا إلى أن القدرة على ممارسة السياسة بقوة أكبر ستمنحه مزايا جديدة. وأكد أن هذه الخطوة ستفيد قاعدته الشعبية وتركيا ككل.
شدّد إردوغان على ضرورة وضع دستور جديد ليحل محل الدستور الحالي الذي وُضع عام 1982 في أعقاب الانقلاب العسكري. ووصف الدستور الحالي بأنه “أساس للمشاكل التي تعاني منها تركيا”، وقال:”نحن بحاجة إلى دستور مدني ليبرالي ديمقراطي؛ لأن تركيا تتغير، وكذلك العالم يتغير بسرعة”. وعندما سُئل عن إمكانية المساس بالمواد الأربع الأولى من الدستور، التي تحدد شكل وخصائص الجمهورية التركية، أكد إردوغان أنه لا توجد مشكلة بشأن هذه المواد بالنسبة لحزبه أو الأحزاب الأخرى.
هجوم على المعارضة: انتقد إردوغان بشدة حزب الشعب الجمهوري، قائلاً: “إذا قضوا الوقت الذي يهدرونه في حسابات الانتخابات المبكرة في خدمة الأمة، فربما يتمكنون من إيجاد طريقة لكسب قلوبها”. “تحدثوا عن الانتخابات المبكرة بالمعنى الذي يفهمه السيد أوزيل (إجراء انتخابات على أساس خلو 30 مقعدًا بالبرلمان عن طريق الاستقالة). لن نضع تركيا في مثل هذا المأزق، ولا يمكننا ذلك، وليس هناك حاجة لذلك”.
تصريحات إردوغان تعكس استراتيجية واضحة لتجاوز الأزمات السياسية الحالية عبر التركيز على وضع دستور جديد بدلاً من الانخراط في انتخابات مبكرة. ومع ذلك، فإن المعارضة ترى في هذه الخطوة محاولة للتلاعب بالنظام السياسي لصالح إردوغان وتحالفه. بينما قد تفتح عملية صياغة الدستور الجديد فرصًا للحوار الوطني، إلا أنها قد تثير المزيد من الجدل حول مستقبل النظام السياسي في تركيا.