692 ضحية في عمليات انتقامية منذ بداية 2025.. تصاعد العنف الطائفي واستمرار غياب الأمن في مناطق سيطرة دمشق

تشهد مناطق سيطرة سلطة دمشق تصاعداً مقلقاً في عمليات التصفية والقتل الطائفي ، في ظل حالة من الانفلات الأمني المتزايد وغياب الرادع الفعلي، مما يثير مخاوف جمّة حول مستقبل الاستقرار في البلاد .

ففي ريف دمشق ، لقي شاب ثلاثيني من الطائفة العلوية ، ينحدر من قرية معرين بريف مصياف ، حتفه إثر إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين في حي الورود ، حيث فارق الحياة على الفور، دون أن تُعرف خلفيات الحادث أو الجناة حتى اللحظة.

وفي محافظة اللاذقية ، استهدف مسلح يرتدي زياً عسكرياً شابين من أبناء قرية الرميلة ، المنتمين لنفس المكون الطائفي، في مدينة جبلة ، وأطلق النار عليهما بالقرب من الكلية البحرية ، في جريمة غامضة ما تزال دوافعها مجهولة.

692 ضحية منذ بداية 2025.. نزيف مستمر دون رادع

بحسب إحصائيات رسمية وتقارير محلية، بلغ عدد ضحايا هذه العمليات منذ بداية العام الجاري وحتى الآن 692 شخصًا ، منهم 661 رجلاً و21 سيدة ، وهو رقم يُظهر اتساع نطاق العنف وتنامي السلوكيات الانتقامية التي تستهدف طوائف ومجموعات اجتماعية بعينها.

ويُعتقد أن هذه الحوادث لا تمثل أعمال عنف عشوائية، بل هي مؤشر على تجدد الصراعات الطائفية والانتقامية التي لم تنتهِ مع سقوط نظام الأسد، بل يبدو أنها تحمل وجهاً جديداً لها في ظل الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع.

الدولة بين العجز والاتهامات

في ظل هذا الواقع، تستمر الشكوك في عجز الدولة الجديدة عن فرض الأمن وحماية المدنيين ، خاصة بعد تصاعد وتيرة العنف الطائفي، وعدم وجود رد فعل واضح من المؤسسة الأمنية أو العسكرية على هذه الجرائم.

كما تتجدد الاتهامات المتبادلة بين القوى السياسية والمدنية حول طبيعة المشروع السياسي الجديد، وهل هو قادر فعلاً على بناء دولة لكل السوريين، أم أنه مجرد إعادة تشكيل للهيمنة السابقة تحت خطاب مختلف؟

وحذّر مراقبون من أن استمرار الصمت الرسمي أمام هذه الجرائم، وعدم محاسبة مرتكبيها، قد يؤدي إلى تعميق الشرخ المجتمعي ودفع البلاد نحو دوامة جديدة من الانتقام والعنف ، كما حدث في السنوات الماضية.

نداءات إنسانية ودعوات للتدخل

دعت منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إلى “ضرورة تدخل السلطات السورية الجديدة لوقف هذه المجزرة الصامتة، وإطلاق تحقيق مستقل في جميع الحالات المسجلة، وضمان الحماية للمدنيين من كل الطوائف “.

وأشارت تقارير إلى أن الانقسامات الداخلية داخل المؤسسة الأمنية الجديدة، وضعف البنية التنظيمية للجيش، تشكل عائقاً أمام السيطرة الكاملة على الوضع الأمني ، وهو ما يستفيد منه الخلايا النائمة والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون .

هل بدأت سوريا مرحلة الإبادة المجتمعية؟

يطرح الناشطون والمراقبون سؤالاً مؤلمًا اليوم:

هل ما يجري في سوريا ليس فقط صراعاً على السلطة، بل بداية لإعادة تشكيل مجتمعي قائم على التهميش والتصفية؟

فبينما تؤكد بعض الجهات الحكومية أن “الجريمة تنفذها خلايا نائمة تابعة للنظام السابق”، فإن آخرين يتهمون فصائل مسلحة متطرفة كانت ضمن تركيبة الحكومة الجديدة، بتنفيذ حملات تطهير هادفة تُستخدم فيها الطائفية كسلاح .

ويُنظر إلى هذه الجرائم باعتبارها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وللإعلان الدستوري ذاته الذي تعهدت فيه الحكومة الجديدة باحترام حقوق الجميع . لكن واقع الحال يقول غير ذلك.

تحذيرات من انفجار اجتماعي شامل

في ظل تصاعد هذه الجرائم، وسط صمت رسمي وغياب المحاسبة، تتخوف القوى الاجتماعية والسياسية من اندلاع مواجهات طائفية أوسع، تُعيد إلى الأذهان مآسي الحرب الأهلية ، خاصة في حال استمرار التعامل مع القضية كملف ثانوي، وليس كمصدر حقيقي للخطر على الكيان الوطني السوري نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *