غيوم سوداء في سماء ولاية الفقيه- منى سالم الجبوري

 

رغم کل ذلك البريق الذي تسعى طهران لإضفائه على الاوضاع القائمة في إيران الذي يستهدف في النهاية تلميع واجهة النظام القائم منذ 46 عاما، فإن الصورة الحقيقية التي تجسد واقعا بائسا لهذا النظام وهو يواجه أزمة سياسية وإقتصادية شاملة من حيث تعامله مع أبسط مطالب الشعب الايراني.

الازمة السياسية والاقتصادية الايرانية التي تلقي بظلالها الداکنة على مختلف الاوضاع في إيران ولاسيما من حيث عدم تمکن السلطات الايرانية من إيجاد حلول ولو جزئية لهذه الازمات وحتى إن إستمرارها الذي يجعل الاوضاع تسير من السئ الى الأسوأ، يدل على عجز واضح في مواجهة الاوضاع والحد من تدهورها، وبصورة عامة يتوضح إن هناك”أزمة هيکلية”في النظام القائم، ومصطلح”الازمة الهيکلية” يطلق عادة على حالة الاضطراب التي تصيب مكونات نظام أو كيان ما والعلاقات فيما بينها. وتنشأ هذه الأزمة عندما ترتد غالبية تداعيات التدهور السياسي والاجتماعي والمهني والاقتصادي، في شكل تحديات متلاحقة، إلى مصدرها الأساسي، أي إلى الهيئة الحاكمة أو الدولة نفسها، مما يؤدي إلى اهتزاز أركانها وتصدع بنيانها.

وعندما يتحول الخبز، وهو أبسط مقومات الحياة وأساس أي اقتصاد، إلى أزمة، فهذا يعني أن الهيكل الاقتصادي المرجعي، الذي يقع تحت سيطرة الحكم أو الدولة، يعاني من أزمة هيكلية، ويصبح وضع الخبز شاهدا على هذه الأزمة. وكذلك، عندما تواجه إمدادات الكهرباء، وهي طاقة لا غنى عنها لجميع متطلبات الحياة، توترا وأزمة، فهذا يعني أن الجهة المسؤولة عن إدارتها قد أصابها اضطراب هيكلي. ولا يمكن تفسير انقطاع التيار الكهربائي إلا بتدمير الأسس العلمية والضرورية لقطاع الطاقة، تماما كما يستحيل أن ينهار مبنى فجأة على قواعده ما لم تكن بنيته التحتية قد تعرضت للتدمير المسبق.

وبهذا الصدد، فقد نقل تلفزيون “شبكة خبر” الرسمي في تقرير له يوم 27 مايو/أيار 2025 عن جلسة لبرلمان الملالي، تصريحات للنائب رحمة الله نوروزي قال فيها: “وفقا لتقرير قدمته لجنة الطاقة بخصوص وضع إمدادات الكهرباء، فإن البلاد بأكملها تواجه الآن عدم توازن في الكهرباء والمياه. هذا هو نتاج عقدين من الإهمال والتقصير”.

إن الاضطرار للعودة عقدين إلى الوراء لتفسير سبب انقطاع الكهرباء يثبت أن هذه المشكلة هي نتاج هيكل فاسد، وليست مجرد خلل فني عابر أو نقص في الخبرات التقنية. ولذلك، فحتى عندما يحاول عناصر النظام أو مسؤولوه تقديم تقارير عن الوضع، فإنهم لا يستطيعون إنكار الواقع الصعب أو الالتفاف عليه أو التستر عليه؛ فكل مؤشر يقدمونه يشير إلى أعراض أزمة هيكلية في الحكم والدولة أدت إلى مثل هذه النتائج الكارثية على المجتمع.

ويضيف النائب نوروزي، وهو يصف الحالة السلبية السيئة للأوضاع المعيشية بشکل خاص:” اليوم، يراجعني الناس بشأن قوتهم، ومعيشتهم، وصناعتهم، وإنتاجهم، ولديهم الكثير ليقولوه”، ومن هنا يتبين وخامة الاوضاع وطهران تخوض واحدة من أصعب المفاوضات النووية وأکثرها خطورة وتهديدا للنظام بما يٶکد بأن الامور تجري في سياق لا يحمد عقباه ذلك إن غياب التخطيط وانعدام الكفاءة لدى النظام الموبوء في التعامل مع أزمة الكهرباء وأزمة الخبز وأزمة النقل، التي وصلت جميعها الآن إلى ذروتها في البلاد، ليس له سبب سوى الأزمة في جسده وهيكله. إنها أزمة، بسبب تدمير البنى التحتية الحيوية (المادية والمعنوية)، لا يمكن للنظام أبدا أن يفلت من قبضتها. فالاعترافات المتتالية من داخل أروقة النظام نفسه بأن هناك “عقدة مستعصية” و”غياب للحلول” وغيرها ليست سوى شهادات على أن نظام الولي الفقيه قد وصل إلى طريق مسدود، وأن انهياره ليس مجرد احتمال، بل هو المصير الحتمي لهيكل أثبت فشله على كافة الأصعدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *