وحدة قوی كوردستان واجب ملح- د. عبدالباقی مایی

 

فی تأریخ الحركة التحرریة لكردستان تبرز ظاهرة شمولیة الحركة بمشاركة شعبیة عامة من كافة أجزاء كوردستان بغض النظر عن موقع نواتها أو نوعیة شرارة إنطلاقها الأولی أو فی أیة حقبة تأریخیة كانت سواء قبل التقسیم الحالی لكوردستان بعد الحرب العالمیة الأولی أو بعدها. وهنالك ظاهرة ثانیة لیست أقل أهمیة من الأولی وهی أصالة مطالبها حیث أن الحركة التحرریة إتسعت ونالت نصیبا أكبر من الإنتصار كلما كانت فی بدایتها تعتمد علی مطالب الجماهیر الشعبیة فی الحریة والإستقلال ورفض التعسف و الإستبداد لكونها تمثل جمیع شرائح المجتمع فی كوردستان حیث یتكون فی الأصل من مجتمع بدوی، ومن ثم قروی متنقل، وعشائری ذو قوات مستقلة خاصة بها عاشت علی مدی الدهر دون تدخل مركزی واسع أو عمیق بل زرعت وأنتجت عادة ما یوفر لها الإكتفاء الذاتی من إنتاجها المحلی بمشاركة أفراد وجماعات من مختلف أجزاء كوردستان ومناطقها المتنوعة فی زراعتها وإنتاجاتها.

 

وهذه الظاهرتین قد تكون من ضمن دلائل عدیدة ونتائج منطقیة شتی لوحدة أرض وشعب كوردستان رغم محاولات سلطات الإحتلال علی تفرقتها وتمزیقها بوضع وتعزیز الحدود المصطنعة بین أجزائها بوسائل شتی. بقی هذا الدعم والتأیید والمشاركة لفترات مختلفة وبدرجات مختلفة أیضا وفقا لعوامل عدیدة أهمها وعی النخبة المبادرة بالحركة وكفائتها وثقافتها وقابلیتها وعلاقاتها. وكان نجاح الحركة فی بدایتها أكبر كلما كانت تلك الصفات أكثر توفرا لدی النخبة المبادرة “ولا أقول القیادیة لكونها لیست بالضرورة هی التی كانت تستمر فی قیادة الحركة بعد المبادرة بإنطلاقها”. وكذلك لیس من المنطق أن یحصل جزء من كوردستان علی حقوقه ما دامت الأقسام الأخری ترزح تحت هیمنة الإحتلال، فلا یمكن لجزء من جسم الإنسان أن یعیش بمعزل عن الجسم حیا كاملا

https://drive.google.com/file/d/1CgQMupAzgK6DTyftP3orEFP8EqEfPIOa/view

 

إعتمادا علی هذه الحقائق العلمیة وأمثالها الكثیرة التی یضیق المجال هنا لذكرها نستطیع الإستنتاج بأن وحدة أرض وشعب كوردستان كانت ولاتزال واقعا منطقیا ثابتا لم تستطع لحد الآن محاولات التغییر الدیموغرافی والحصار الإقتصادی والعملیات الحربیة والتعسفیة والتخریبیة للسلطات المحتلة فی الدول التی تتقاسم كوردستان أن تنال منها أو تزیل من مفعولها

(مقالتی فی صوت كوردستان بتأریخ ١٩\١٢\٢٠١٨ : فقط وحدة الأرض والشعب والقوی كفیلة بإنقاذ كوردستان

فقط وحدة الأرض والشعب والقوی كفیلة بإنقاذ كوردستان- د. عبدالباقی مایی

 

ولكن العامل الأهم فی فشل هذه الحركات وعدم حصول شعب كوردستان علی دولته المستقلة التی هو أهل لها كان ولازال یكمن فی فشل القیادة السیاسیة لهذه الحركات. فمعظم هذه الحركات بدأت كإنتفاضات شعبیة عفویة تستمد قوتها من الجماهیر الشعبیة وتتبنی مطالبها. ولكن الحركة تسلم تدریجیا قیادتها إلی  أصحاب النفوذ فی المنطقة لكی توصل تلك طلباتها إلی السلطات الحاكمة التی كثیرا ما كانت تشمل هذه النخبة الإجتماعیة من أصحاب النفوذ. فتصبح هذه القیادة حلقة وصل بین الچماهیر الشعبیة الثائرة وسلطات الإحتلال، فتكتشف عدم توازن القوی بینهما وتدرك بذلك خطورة موقفها فتهتم بالمحافظة علی مصالحها بدلا من مصالح الشعب وتمیل إلی المساومة علی مصلحة الشعب الثائر من أجل مصالحها الشخصیة. فتقبل بشروط سلطات الإحتلال التی تحاول حصر القیادة فی طائفة معینة علی حساب طائفة أخری وتقطع بذلك العلاقات بین الجماهیر وتتبنی سیاسة “فرق تسد” فتفرق بین القوی المشتركة فی الحركة لإضعافها وتقنع القیادة الإنتهازیة بالتقلیل من مطالب الجماهیر الثائرة لتتراجع من طلب الإستقلال وتقریر المصیر إلی أدنی دراجات الحقوق الأنسانیة التی تضمحل تدریجیا وتنحصر فی أحسن الأحوال فی حقوق المواطنة. هكذا تصبح وحدة قوی الحركة التحرریة حلقة مفقودة یجب توفیرها ڵحمایة وحدة الأرض والشعب فی كافة أجزاء كوردستان ولیس كأجزاء مختلفة قابلة للتلاعب بها وإستغلاها من قبل سلطات الإحتلال والقوی العظمی من أجل مصالحها، كما تعودنا علیه.

 

٣٠\١٢\٢٠١٨