حسن أوسو حاجي عثمان- حصيلة عرس من سبع عقود – أهلاً وسهلاً بعد الشوباش مع السلامة:

كثرة الأحزاب في روج آفاي كوردستان من فوق الثلاثة هم كحلقة الرقص (يعقد ويوحل).

وإصرار أهل الباطل(الأحزاب)على تثبيته بالقوة، تُرتبُ عليه رد فعل عاقل سبق أهل الحق بالحق إلى العقول.

وكثرة الأحزاب فوق طاقة الشعب يؤدي إلى التناحر والتفرقة لا للائتلاف والاتفاق، نهايتهم عدائية بغضاوية، لا للاجتهاد والكلمة وترك الشهوة الحزبية إلى الخذلان والفشل.

كثير الدعاة الذين حرصوا على السبق بالحق إلى العقول، اجتهدوا في سباقهم إلى العقول، أن يصلوا إلى هدفهم بالتعليم والتزكية، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، واتخذوا ما يقدرون عليه من الوسائل البعيدة عن الشدة والعنف.

ولكن أنصار الباطل صدوا عن الحق بأنفسهم، وصدوا عنه غيرهم، واتخذوا كل الوسائل للسباق إلى الباطل، بما في ذلك وسائل العنف، من سجن وتعذيب وتشريد وتقتيل من قبل أسياد أهل الباطل.

وأهم سمات النظام الحزبي في كوردستان، التي لازمته منذ وقوع معركة ملاذ كرد (ذي القعدة 463هـ = 26 آب 1071م)، التعدد الشخصي والحزبي الكثير والمتطرف.

فالأحزاب الكوردية في روج آفاي كوردستان لا تكف عن الانقسام والاندماج  كالرغوة وذلك لعوامل تاريخية ترتبط  بدور تلك الأحزاب في تنظيم وبناء شخصيتهم المستقلة.

 كما أن الولاء للقيادات والزعامات الكوردية المختلفة في آرائها وأيديولوجيتها من أهم أسباب الانقسام، كما ويمكن تفسير كثرة الأحزاب الكوردية بوجود الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية بين القبيلة والعشيرة، ومتدينين وعلمانيين، ويترتب على كثرة الأحزاب وتَعدُّدها وجود حالة دائمة من الانشقاقات والاندماجات وإنشاء كتل مختلفة، مما يؤدي إلى عجز أي حزب النجاح والتقدم.

والنظام الحزبي الكوردي في روج آفاي كوردستان، رغم كل هذه الانشقاقات والانقسامات، يدور بأسره داخل إطار الإجماع الكوردي الحزبي والصيغة الكوردية الأساسية الشاملة والإيمان بأن الحركة الكوردية حركة تَحرُّر قومي لبعث القومية الكوردية وتحقيق حلم الشعب الكوردي في إقامة وطنه في كل جزء والحلم الأكبر هو كوردستان الكبرى، كما أن هذه الأحزاب المتصارعة اليوم تتحالف ثم تفشل ثم تنهار في مقبرة قدور بك وتتآلف ثم تتفرق حتى في المقبرة، أما الصراعات الأيديولوجية الحادة بين هذه الأحزاب فهي لا تتعدى بأية حال المستوى اللفظي ولا تحدِّد سلوك هذه الأحزاب أو ممارساتها (ربما باستثناء الصراع الديني العلماني).

ولعل أكبر دليل على أحادية النظام الحزبي في روج آفاي كوردستان أنه بعد تأسيس أول تنظيم سياسي سنة 1957م لم تظهر جدية أي ثقل يقف أمام الأنظمة والحكومات المتعاقبة على دفة حكم سوريا.

وقد شهدت فترة الستينات والسبعينيات والثمانينيات اتجاهاً نحو تبلور النظام الحزبي في حزبين أساسيين هما اليساري واليميني.

وظهور هذين الحزبين ليس مثل نظام الحزبين في إنجلترا أو الولايات المتحدة أو أي دولة متقدمة صناعياً، وإنما هو تعبير عن عناصر خاصة بالمجتمع الكوردي.

إضافة إلى ذلك، شهدت الفترة منذ منتصف الثمانينيات عدة تطورات مهمة برزت بصفة خاصة، ولعل أبرز تلك التطورات هي النمو المتزايد في مشاعر التطرف القومي والاتجاه نحو اليمين العلماني ممثلاً في أحزاب أقصى اليمين.

والأحزاب حتى الآن مستمرون في التشقق والتصدع والتراجع وهو ما تدل عليه خسارة المقاعد فيما بينهم.                                                                                                      ومن جهة أخرى فقد تصدع كل شعب على حدة، بسبب كثرة الأحزاب التي زرعها أعداء الحق الكوردي في عموم الدول المانحة لأجزاء من كوردستان بموجب اتفاقية سايكس بيكو المشؤوم، وملئ أدمغتهم وعقولهم من قبل أمن الدول المتعاقبة على حكم سوريا، بأفكار ومذاهب غريبة كلها باطلة، فشغل كل حزب نفسه بما معه من الباطل، ليسبق باطل غيره من الأحزاب الأخرى إلى عقول الناس، وليقي أعضائه من أن يصل إليها باطل الأحزاب الأخرى، فأصبحت الأحزاب تتصارع بالباطل ضد الباطل وتعاون قادة أحزاب الباطل ضد الحق وأهله، ومن جهة ثالثة فإن أحزاب الباطل المتصارعة فيما بينها تجتمع كلها، لتسابق بباطلها أهل الحق إلى عقول الناس، ثم من جهة رابعة تجد أهل الحق يتنازعون فيما بينهم تنازعا يندى له الجبين، إذ يصل إلى أن تشغل كل جماعة نفسها بالجماعة الأخرى، وقد تكون الجماعتان متفقتين في الأهداف والوسائل – إلا فيما فيه متسع للاجتهاد – وقد تكونان – في الأصل جماعة واحدة، ولكن الهوى وحظوظ النفس الخبيثة، زينت لبعض قادتها سلوك السبل المؤدية إلى التنازع والخلاف.

وبذلك تشغل كل جماعة نفسها بالأخرى وتسابق كل جماعة أختها بما تزعم أنه الحق عندها، لاستقطاب عقول أكبر عدد من الناس لتقوية جماعتها، فإذا رأى الناس هذا السلوك نفروا من الطائفتين معاً، اتقاء للفتنة وشكاً في النوايا التي تكمن وراء ذلك التمزق والتفرق.

ولو سلم الكورد من هذا التمزق والتنازع ومن شغل بعضهم نفسه ببعض، لاجتمعت طاقاتهم كلها لسبق ما عندهم من الحق، إلى عقول الناس بدلا من سبق أهل الباطل بباطلهم.

ولقد كان هذا السلوك المشين من كوادر الأحزاب من أهم الأسباب التي حجبت عقول غير الكورد عن البحث عن الحق والالتفات إليه، فكان ذلك فتنة لغير الكورد الذين يصرحون بأن الكورد لو كان ما عندهم حق قابل للتطبيق، لطبقوه في مجتمعاتهم قبل أن يدعوا غيرهم إليه، وهذه هي القدوة السيئة التي تنفر الناس من الحق الذي يملكه الكورد!.

حسن أوسو – 12-12-2017م