السلطتان تحاصران الشعب الكوردي- عماد علي

 

يعيش الشعب الكوردي في اقليم كوردستان في المحنة الحقيقية، و الوضع الحالي يعيد الى الاذهان ما فرضه الدكتاتور العراقي السابق من الحصار الاقتصادي الكامل عليه ابان حكمه و بالاخص في العقد التسعين من القرن الماضي اي مابعد الانتفاضة. ان الفرق الكبير بين الحصار الحالي و السابق وهو ما يحز النفس ان السلطة الحالية لا تعتبر انها تفرض الحصار بل ما تفعله  نتيجة الصراع الدائر بين السلطتين المركزية و الاقليم من جهة و ما تفرضه المصالح الشخصية الحزبية اضافة الى متطلبات ما ينويه الكاظمي و صالح في الانتخابات القادمة، عدا الوضع الاقتصادي السيء من اساسه نتيجة ما تفرضه جائحة كورونا و التدخلات التركية الايرانية العلنية في شؤون الاقليم ما عدا استخدامهما للتابعين لهما داخليا في ادارة الامور وفق مصالحهما، و يقع كل هذا على حساب حياة الناس و في مقدمتهم الطبقة الكادحة المستضعفة.

لو القينا نظرة على ما حدث من قبل، يبرز لدينا سلوك السلطة الكوردستانية الغشيمة و الذي يوضح لنا مدى قصر نظرهم و ضيق افقهم و تلاعبهم بمستقبل الاجيال دون تردد، و يعلم المتابع بان من تولى السلطة كم كان لامباليا و ساذجا دون ان يكون لديه اية معرفة بسيطة لادارة اي كيان حتى لو كان قرويا . الاخطاء الاستراتيجية التي حدثت من قبل  القادة الكورد و معهم السلطة المركزية في امور هنا و هناك هي السبب الاول لما وصل اليه اقليم كوردستان الى ما هو عليه الان و يمكن ان نعد منها:

*عدم وجود اية خطة عمل لا قريب و لا بعيد  المدى بل كانت ادارة شؤون الاقليم مزاجيا طفوليا نابعا من عقلية حزبية و دوافع خصية و نرجسية و يمكننا ان نقول مراهقة غير مهتمة حتى بالمستقبل القريب و ما يحدث فيه.

* عدم الاهتمام باهمية الوقت و المرحلة و ما فيها و ما جاء اليها و الظروف السياسية التي لائمت التوجه الصحيح و الخطا، بل العمى السياسي هو الذي فرض نفسه على القادة الفاسدين من التوقف في مساحة صغيرة من التفكير و في مجال ضيق لما يوفر لهم المصلحة الشخصية الحزبية  فقط و سلكوا كل الطرق لبقاءهم على عرش السلطة باية وسيلة و ثمن كان على حساب الشعب .

* التنافس السلبي بين الحزبين المتسلطين على رقاب الشعب الكوردي  في استمرارهم معتمدين على  ترضية من يتبعهما على خساب المستقل و في مقدمتهم الموظفين الحقيقيين و الكادحين بشكل كامل، و اصبح المنتمي للحزب هو من يضمن له مستقبله على حساب الجميع و عليه اصبحت التعيينات الفوضوية في دوائر الحكومية نتيجة تزكيتهم من قبل الحزب هو السوس الذي نخر كيان الاقليم بشكل بطيء لما وصل الينا اليوم من العبء الثقيل الذي لا تتمكن السلطة الفاشلة من تحمله.

* بعد استقرار الوضع العراقي ازدادات المحنة على اقليم كوردستان لما افرزت مستجدات الصراع التي كانت موجودة اصلا و خفيت لمدةنتيجة انشغال السلطة المركزية بمشاكلها العويصة و عدم تفرغها لما تكنه من كيفية التعامل مع الاقليم و اصبحت السطلتان هما العائق الكبير امام مسيرة تقدم في المركز و الاقليم ايضا, و كذلك  نتيجة الهدر الكبير لثروات الشعبين في المركز و الاقليم دون حساب لمستقبل الشعبين سواء كانوا موحدين او ضمن كيانين مختلفين.

* اصبحت السلطة في المركز و الاقليم مافياوية واضحة و افرزت الفوضى المؤثرة على حياة الناس و اخر ما فكرتا به هو ضمان حياة الفرد و اصبح الشخص القائد الفاسد و الحزب قبل حياة عامة الشعب، و عليه برزت البيع و الشراء للمناصب الحكومية امرا طبيعيا.

* عدم الاهتمام بما جاء في الدستور و عدم الالتفات الى المواد الهامة التي استوجبت تطبيقها لابعاد احتمالات الخلافات و منها مادة 140 و قانون النفط و الغاز و الخدمة الاتحادية و قانون الانتخابات الملائم و المفيد للشعب العراقي وافرازات العلاقات الخارجية و الفوضى في بيان حدود السلطات المركزية مع الاقليم.

* افساح المجال امام التدخلات الخارجية لضمان استمرار القوى التابعة لها وبقاء  قياداتهم الفاسدة و اتساع المنافذ غير اقانونية لتسريب الاموال الهائلة الى خارج العراق و خارج اقليم كوردستان من قبل السلطتان و مافياتهما.

*رتلاعب القوى الخارجية بمصير الشعب في العراق  و الاقليم بشكل عام  نتيجة للحيل التي قيدت معاصمهما باتفاقيات علنية و سرية و عدم افساح هذه القوى الخارجية بكل امكانياتها  المجال للاكتفاء الذاتي من اجل استمرار التبيعة الاقتصادية لدول الجوار على كافة الاصعدة.

اليوم و بعد وصول الكاظمي الى سدة الحكم كما هو عليه الان نتيجة الظروف الطارئة و ما تجلب معها في كل مرحلة احد الى عرش السلطة و تبدا اللعبة نتيجة ما تفرضه تاريخ الحاكم و مزاجه و نظرته دون الاخذ بالاعتبار تاريخ هذا البلد و المشاكل العويصة التي اصبحت متجذرة و هكذا تعاد مرات منذ تاسيس دولة العراق. فغرور بعض القادة و نقص الخبرة و التحزب الضيق و النرجسية و المصالح الشخصية الحزبية المحتلة لعقليات فسح لها التحكم بما هو الموجود. ان كانت الطبقة الكادحة هي التي تدفع الثمن اينما كانت نتيجة لعقليتها و ما لم تفعل ما كان عليها من الخيار الصحيح  نتيجة ما هي هليه من الثقافة العاىمة و النظرة الى الحياة و الدولة  من اجل تحديد المسار قبل ما يفرض عليها من من يتحكم بها، فالانسانية و الضمير الحي و معرفة التاريخ لدى اي فرد هي العامل الحاسم لمعرفة الخطط المرسومة و النوايا الموجودة في عقلية من يريد التسلط في السلطات المتعاقبة على كرسي الحكم في هذا البلد، مع شذوذ العقلية القيادية التي فرضت نفسها على العراق و حكوماته.

اليوم يعاني الشعب الكوردي قبل العراقي نتيجة لتراكم الاخطاء و الصراع الاني بين السلطة المركزية و الاقليم اضافة الى الفساد المستشري المؤثر على السلطتين مع عدم معرفة كيفية التعامل مع الموجود على الارض من قبل السلطتين، اضافة الى ما تعلقت به ارجلهم من الوحل نتيجة الاتفاقايات السرية مع الدول الخادعة التي استغلت الفرصة و تحايلت على ما وجدت من القيادات الغشيمة الطفولية التي تسلطت و اصبح مصير الشعب بايدها و هي استسلمت للمناورات و الخدع الخارجية من قبل الدول الجوار المتربص شرا اصلا و نجحت بسهولة في تنفيذ خططها و مؤامراتها الخبيثة.

فان ما يعيشه الشعب الكوردي الان في اقليم كوردستان هو نتاج العقلية التي ادارت الاقليم و ليس للشعب اي ذنب فيه. و ان تعشم الشعب من مجيء الخير بداية كل تغيير سلطة في المركز الا انه ادرك بانه وقع في الفخ الذاتي قبل الاخر او في وحل عدم المعرفة و الجهل و قصر النظر و ما فرضته المصالح الضيقة، و عليه هو الان في احلك الظروف .