الهزات الأرضية والانتقام الرباني :- بقلم ( كامل سلمان )

من العار ان نسمي الهزات الارضية انتقام إلهي من أناس بسطاء ، فالكوارث الطبيعية هي حالة طبيعية تحدث هنا وهناك عن طريق الهزات الارضية او الفيضانات والسيول او العواصف الثلجية او تسونامي والاعاصير او اي شيء تفرضه الطبيعة في اي مكان من الارض ، ومع كل كارثة لابد من وجود الضحايا ولابد من وجود خراب ودمار ، وقد تزداد اعداد الضحايا او تقل مع وجود او عدم وجود الاستعدادات لمواجهة الكارثة او مع نوع وشدة الكارثة ، فهي جزء من طبيعة الارض بل هي اسباب دفعت الإنسان ان يتطور ويعالج كثير من الامور بمرور الازمنة ، فهي ليست انتقام رباني ضد الناس الفقراء البسطاء كما يحلو للبعض تسميته . لماذا يحاول هؤلاء المرضى ان يصوروا للناس ان الله مريض نفسياً مثلهم همه الانتقام والعذاب والقتل ؟ مفهوم الخالق هو مفهوم اخلاقي وليس مفهوم لا أخلاقي .. الإنسان بطبيعته ينظر الى الله بعين المحبة والمراعاة والابوة لأن الله خالقهم وهذه هي حقيقة الخالق ، وهذا هو سر ارتباط الإنسان بالغيبيات ، ولكن عندما يتحول هذا السر الى كيد وغدر وانتقام تتحول العلاقة بين الرب والعبد الى علاقة قهرية تدميرية يستفيد منها في النهاية من يروج لهذه الافكار لكي يبسطوا سلطتهم الاستعبادية ضد الناس ، نعم نوعية وشكل الرب الذي ترتبط به الناس هو نفس نوعية وشكل المروجين لهذا الرب ، الذين يستحوذون على عقول الناس وشؤون حياتهم .
انظروا الى الاماكن التي هي اكثر تعرضاً للكوارث الطبيعية ستلاحظون سكانها اكثر انسانية وأكثر علماً وتطوراً ، بل وأكثر ارتباطاً بالله .
ما حدث بالامس من هزات ارضية ضربت مناطق في جنوب تركيا وشمال سوريا وراح ضحيته الالاف انما هي فاجعة تعيد الناس الى التعاون والدول والحكومات الى مساندة بعضها بعضاً ونسيان كل الخلافات والاختلافات لأن الخاسر هنا هو الإنسان مهما كانت افكاره وتوجهاته ودياناته ، التعاطف مطلوب من الجميع والحس الإنساني مطلوب من الجميع ، فنحن جميعاً حريصون على الحفاظ على النوع البشري على الارض ، واية خسارة بشرية هي خسارة للجميع وليس من الاخلاق ان يفرح احدنا بمصاب يصيب الاخر ، خاصة إذا كانت المصيبة مصدرها الطبيعة . كل وسائل الاعلام العدوة والصديقة كلها تنقل الاخبار بنبرة حزن ، في مثل هذه الحالات الإنسانية وحدها تتحكم بمشاعر الناس اما باقي الافكار منها الدينية والقومية والاممية واللون والعرق كلها تتنحى جانباً لأن مصير الإنسان على المحك وهو الاغلى على سطح الارض .
الناس السذج المرضى الحاقدون يهرعون الى وسائل التواصل لمحاولة ربط هذه الكوارث بالدين او بالاخلاق او بالسلوك او غيرها . أظن من العقل ومن المنطق ان تسكت هذه الاصوات المريضة وتلعن نفسها على جهالتها قبل ان تلعن غيرها وتتشمت بها ، ولينظروا الى الضحايا جلهم من النساء والاطفال وكبار السن والمرضى .
رحم الله جميع الضحايا واسكنهم جناته والصبر لذويهم . انا لله وانا اليه راجعون .