انقلبت الدنيا لأن السفيرة الامريكية تجولت في بغداد ، عشرات التفسيرات والمقابلات التلفازية حول هذا الحدث ، تعالوا الى لندن وواشنطن وباريس وبقية العواصم الاوربية تجدون السفراء العرب والدول الاخرى وموظفوا السفارات يسهرون حتى الصباح في النوادي والحانات وحتى يصادقون النساء ويسهرون خارج بيوتهم ، حالهم حال اي زائر يمتلك الاقامة ، هل ابطال الاعلام والصحافة العراقية تابعوا سفراء بلدهم وموظفي سفارات العراق في اوربا وامريكا كيف يتجولون في عواصم الغرب ويتبادلون الزيارات مع الاصدقاء الاجانب ويسهرون خارج مبنى السفارة واحياناً بعيداً عن بيوتهم ؟ هل يعرفون بأن هذا الشيء حق طبيعي للزائر والمقيم ، السفير او الدبلوماسي له نفس حق الزائر والمقيم الاجنبي . اية ثقافة يمتلكها هؤلاء الاعلاميين ليقلبوا الدتيا بأن سفيرة الولايات المتحدة تتجول داخل العاصمة ، ما الذي يمنع ؟ هل سفراء العراق مخولون بالذهاب اينما يريدون في عواصم الدول التي يقيمون فيها والسفراء الاجانب في العراق ممنوع ؟ اي اعلام متخلف هذا الذي يقود البلد ؟. من اعطى الصلاحية للصحافة متابعة سفير او موظف في تنقلاته ؟ هل يريدون تعلم السبق الصحفي في إهانة دولتهم ؟ نعم هذه إهانة للحكومة . قد يكون هذا الشيء فيه بعض الغرابة بسبب الوضع الامني الصعب الذي استمر لعشرين عاماً وضع صعب ، ولكن في الظروف الامنية الطبيعية فأن السفراء وموظفي السفارات ينزلون للأسواق ويذهبون للنوادي والسينمات ، ففي بغداد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كان موظفوا السفارات الاجنبية يذهبون حتى للملاهي والسينمات ، ولكن اقولها بصراحة يبدو ان الاعلام عندنا اصبح بيد الجهلة الذين لا يعرفون شيء عن العالم وعن الاعراف الدبلوماسية ، شاهدوا البرامج الاعلامية التي تستضيف الضيوف اكثرها تنتهي بالمشادات الكلامية والشتم والسب ، واكثر الاحيان بمقاطعة بعضهم لكلام بعض بشكل همجي ، هذا ليس اعلام ينتظره المواطن ليطور من عقليته وثقافته فبالنسبة للمواطن البرامج أصبحت مجرد وسيلة للتسلية لأنه يرى مقطع فيه عنف وشتم على شاشة التلفزيون ، فقد اعتاد المواطن العراقي ان يركض لمشاهدة ماذا يحدث إذا وجد أثنين او ثلاثة اشخاص او أكثر يتخاصمون في الشارع ، اما في التلفزيون فالمتعة أكبر خاصة بين وجوه تمثل اقطاب الحكومة ، اعلام فاشل ومخزي و يخلو من اية فائدة . الأغرب في هذا الاعلام الناشىء ترى بعض المخضرمين من الاعلاميين يخلق تحليل سياسي ونظرة استراتيجية لجولة السفيرة الامريكية وكأنه أكتشف كوكب سيار جديد دون ان يسأل نفسه هل ان السفراء في الدول المحترمة يتابعهم أحد وهم يتجولون ليستمتعوا مع عوائلهم بسياراتهم الخاصة بعد ساعات الدوام وليست السيارات الدبلوماسية في المدن والمناطق السياحية ومدن الالعاب واماكن الترفيه حتى ان اولادهم يذهبون الى مدارس الدول التي تستضيفهم ونساءهم يذهبن الى صالونات الحلاقة ومحلات التجميل والتسوق ، شيء طبيعي وعادي ، ولكن الشيء غير العادي هذه الضجة المفتعلة التي اثارها الاعلام المراهق دون ان يعتبر ان مثل هذه الجولات هي دليل عودة الامان بعد انقطاع طويل ليتفاخروا به ويضعونه شاهد امام دول العالم بأن بلدنا آمن ويمكن عودة الاستثمار والبطولات الرياضية و إقامة المشاريع والتواصل من جديد مع المجتمع الدولي ، وأخيراً أود أن أضيف معلومة لكل صحفي واعلامي وكاتب بأن السفارات في كل انحاء العالم عملها الاساس هو التجسس لصالح بلدانها بشكل مشروع ولهذا السبب يحصل الدبلوماسي العامل في السفارات على الحصانة الدبلوماسية .
Related Posts
2 Comments on “التخلف في الاعلام العراقي :- كامل سلمان”
Comments are closed.
الاخ استاذ كامل سلمان الكاتب و المفكر الوطني و الاصيل تحية وتقدير و احترام لك قلبيا وبارك الله من امثالك على نشر مواضيع ومقالات و تحليلات مهمة ودقيقة ومفيدة … تعليقي حول ما جاء و بشكل عام عن الاعلام في العراق ” بلد الويلات و المآسي و الاحزان – والى يومنا ” نقول ان الاعلام كان ولا يزال غير حرة وكما تعلم بسبب العوامل السياسية الارهابية في البلاد اولا لذا فلم يستطع الاعلام العراقي التخلص من كابوس الظلم والاضطهاد اولا ثم وكما ذكرت اصبح الاعلام في العراق فاشل ومخزي وبلا فائدة للمواطن ” اعلام بيد الجهلة ” الاعلام في اوربا و امريكا لا يخضع للحكومات .. والاعلامي حر طليق وله حصانه و احترام ويعيش حياة اقتصادية جيدة بل راقية .. وبشكل عام الاعلام العراقي ايضا تحت تاثير العوامل اجتماعية ” التعصب و الشوفينية السلوكية و التخلف و الخرافات وغيرها ” ولا ننسى الدور السلبي لعلماء الحوزات الدينية في محاربة الاعلام و الافكار النيرة .. مرة اخرى كل الاحترام و القدير لك
ا. د. قاسم المندلاوي
تحية وتقدير لشخصكم الكريم ، وشكراً لهذه الإضافة والتفاصيل ، الحقيقة مثلما تفضلتم به وهي كثرة المؤثرات ( الدينية والقومية والحزبية والذيلية وغيرها ) كلها تصب في الاعلام العراقي ، والنتيجة النهائية هي قتل الوعي عند الناس ، أستاذ قاسم آراءك وتعليقاتك دائماً في الصميم ، تحياتي