الاعتراض على تسليح البيشمركة- كامل سلمان

لأول مرة في التأريخ يأتي الإعتراض على تسليح جيش البلد من الداخل وليس من الاعداء في الخارج ، صيحات استهجان ضد الحكومة العراقية وضد الكورد بسبب حصول البيشمركة على بعض الأسلحة المتطورة من قبل قوات التحالف الدولي كهدية متواضعة لمساعدته في الدفاع عن كوردستان وعن العراق بعد أن أبلا بلاءاً حسناً في حرب التحرير ضد داعش .. جيش البيشمركة بغض النظر عن المسميات الأخرى التي يطلقونها على البيشمركة ( ميلشيات ، حرس الإقليم ، حرس الحدود ) فهو بالأخير جيش تحرري عقائدي ناضل وقاتل من أجل كوردستان ومن أجل الشعب الكوردي ومعترف به من قبل الحكومة المركزية والدستور العراقي ومن قبل الشعب الكوردي ومن قبل قوات التحالف الدولي وهو الحصن العقائدي المنيع الذي يمتد تأريخه لعقود طويلة ، وخلال تأريخه لم يشهد هذا الجيش العقائدي أي فساد اخلاقي أو فساد اداري أو فساد في المهمات ولم يثبت تقصيره في تنفيذ الواجبات الوطنية ولم يعتدي على المدنيين ولم يمارس الابتزاز ولم يؤذي دول الجوار ولم ينهزم ولم يتخاذل في إداء مهامه فهو مفخرة للكورد وللعرب ولكافّة مكونات الشعب العراقي على السواء ، وقد شهدت له دول التحالف الدولي ابان وجودها بالعراق بالنزاهة والشجاعة والانضباط وشهد له العدو والصديق ، هذا الجيش نال التقدير والاحترام من دول التحالف فقررت دعمه مادياً وتسليحياً ، وفعلاً بدأت هذه الدول تدريب وتسليح قوات البيشمركة خاصة بعد معارك التحرير ضد تنظيم داعش الإرهابي ، لكن الغريب أن يأتي الإعتراض على تسليح البيشمركة من قبل جماعات داخلية أستفادت في يوم من الايام من خيمة البيشمركة ، فلم تعترض إيران الدولة الجارة التي تحسب الف حساب للإقليم ولم تعترض تركيا العدو الأول للكورد ولا سوريا بل جاء الإعتراض من جهات كانت بالأمس القريب تستنجد بالبيشمركة لحمايتها واحتضانها . السؤال الذي يجول في بال الجميع هو أن بعض العرب السنة وبعض الفصائل المسلحة اعترضوا على تسليح البيشمركة ، والكل يعلم بأن العرب السنة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين يطالبون ومنذ فترة طويلة بإقليم سني لهم في هذه المحافظات الثلاثة أسوة بأخوتهم الكورد ضمن العراق الفيدرالي الموحد ، فإذا شاءت الأقدار وتحقق هذا الحلم لهم ، فهل سيؤسسون إقليمهم بدون قوات لحماية إقليمهم ؟ وهل سيقبلون بقوات لحماية الإقليم بدون تسليح ؟ إذا كان الجواب كلا ، فلماذا الإعتراض على تسليح البيشمركة ، والكل يعلم بأن كوردستان مستهدفة بشكل مستمر من اعداء الكورد واعداء الإنسانية وهي مجاورة لأعداء العراق . فهل يرضون بأن تكون للتنظيمات الإرهابية تسليح يفوق تسليح جيش الإقليم ؟ للعلم التنظيمات الإرهابية تمتلك الصواريخ وتمتلك الطائرات المسيرة وتمتلك المضادات الجوية . بينما البيشمركة حتى اللحظة أسلحتهم متوسطة وخفيفة . . القضية ليست قضية تسليح والخوف من تسليح البيشمركة لأنهم جميعهم سنة وشيعة يعلمون يقيناً بأن تسليح البيشمركة قراراً دولياً وليس اتفاقاً محلياً بين رئيس الوزراء في حكومة المركز والإقليم كما يشيعون ذلك ، وهذا القرار لا يستطيع أحد الإعتراض عليه إنما هذه الصيحات هي اعتراضات لا قيمة ولا معنى لها ولكنها تضمر نوايا سيئة ، الآن تعالوا لنتعرف على النوايا السيئة وعلى الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء المعترضين على تسليح البيشمركة بأسلحة حديثة متطورة دفعتهم ليعلو صوتهم ويصبوا نار غضبهم على الكورد ، المعروف أن قوة البيشمركة تعني قوة وسلامة الإقليم ، تعني الأمان والأستقرار في ربوع كوردستان وهذا الشيء يقلقهم لأن ذلك يعني ببساطة ثقل العراق سيصبح في كوردستان ، كيف لا و دول العالم المتحضر تشترط الأمان والاستقرار كأولوية في بناء علاقاتها السياسية والتنموية والتجارية والصناعية والرياضية والإستثمار مع الجهات التي يتعاملون معها وهؤلاء المعترضون عاجزون في الوصول لهذا المستوى من الأمان والاستقرار الذي وصلت إليه كوردستان ، ليسوا فقط عاجزين على توفير الأمان والأستقرار بل أن الامان والاستقرار لا تخدم تطلعاتهم المستقبلية ولا عقيدتهم السياسية ، بمعنى أدق سيفقدون مصداقيتهم أمام دول العالم وخاصة التي تبحث عن مصالحها في الشرق الأوسط وتحديداً في العراق ، أما السبب الثاني والأهم يريدون التعامل مع البيشمركة كمليشيات تابعة للأحزاب الكوردية كحال مليشياتهم وليست كجيش وطني عقائدي للكورد فهذا الشيء الذي يريدونه ويتمنونه سيخلق لهم المناخ المناسب بأن تتساوى جميع الأحزاب والكتل السياسية في هذا البلد فتصبح أفعالهم متشابهة ومصيرهم واحد ! فعندما يلاحظون اهتماماً دولياً بالبيشمركة سيدركون بأن البيشمركة ليست مليشيات حزبية تدافع عن مصالح الحزب ، هنا مفترق الطرق التي جعلت اصواتهم تتعالى على الكورد وعلى الحكومة المركزية . تلك هي الاسباب الجوهرية التي ظاهرها توحي للسامع بأنهم يكرهون البيشمركة ويكرهون الإقليم ويسعون لجعل الإقليم ضعيفاً ولكن الحقيقة غير ذلك ، الحقيقة هي أن لا يصبح الإقليم شيء مختلف فيخسرون كل شيء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *