قراءة في ديوان الشعر “ما زال في العمر بقية” للشاعر الدكتور عمر صبري كتمتو- بقلم الكاتب: عمر رمضان صبره

باحث مقيم في رام الله
إن عنوان ديوان “ما زال في العمر بقية” يذكرني بمقولة خالدة للكاتب المسرحي السوري المرحوم سعد الله ونوس “سنبقى محكمون بالأمل” متحديا المرض ومنتصرا عليه بحب الحياة وكفاحه من أجل حياة الإنسان الذي يحلم أن غدا أفضل.
لقد صدر ديوان شعري عام ٢٠٢٣ “ما زال في العمر بقية” للكاتب والشاعر والدبلوماسي الفلسطيني عمر كتمتو عن دار الأقصى للدراسات والنشر في دمشق  ويقع الديوان في ١٢٧ صفحة من الحجم المتوسط، من تصميم وإخراج الفنان علي عبد الكريم الطيب.
ولد الدبلوماسي والدكتور والكاتب والشاعر بمدينة عكا عام 1942 مسقط راسه وعاش بها ستة أعوام ثم هاجر مع عائلته إلى دمشق وتعلم في مدارسها و جامعاتها وقد أتقن اللغة العربية التي مكنته من إتقان لغات اخرى، فهو الدبلوماسي الذي فاوض وشارك بمفاوضات أوسلو السرية وهو المولود في عكا وقد عاش بها طفولته ومازال الحنين يشوق له أن يعود إلى عكا علما بأن عمره اكبر من عمر إسرائيل التى اغتصبت أرضه ووطنه وحلمه.
لقد صدر للكاتب والشاعر والدبلوماسي العديد من الإصدارات وهي: ديوانه الأول نداءات إلى صقر قريش الصادر في دمشق عام ١٩٧٢، ومسرحيته “بيت ليس لنا”  المهداة إلى روح صديقه الشهيد غسان كنفاني الصادرة في رام الله عام ٢٠١٩. والعمل المشترك في أدب الرسائل مع الدكتورة روز اليوسف شعبان (وطن على شراع الذاكرة) الذي صدر في مدينة عكا عن دار أسوار عكا عام ٢٠٢٢. وديوانه الرابع ما زال في العمر بقية الصادر عن دار الأقصى بدمشق.
للكاتب شهادة عن حياته الدبلوماسية والسياسية مع موقع العربي الجديد بثلاث حلقات وانت تقرأ هذه الشهادة ستتعرف على الدبلوماسي والسياسي في داخل الشاعر عمر كتمتو.
كلمات حول الديوان
يفتتح الشاعر ديوانه إهداء إلى زوجته حيث كتب إلى زوجتي الحبيبة الغالية إيلين كتمتو.
بعد ذلك كلمة شكر وتقدير من الشاعر على اصدار الديوان لكل من الشاعرة الأديبة الدكتورة روز اليوسف شعبان والأديب الشاعر محمد كريم لدورهم في العمل من خلال المراجعة وابداء الرأي، كما قدم شكره لدار الأقصى للنشر والقائمين عليها واتحاد كتاب العرب في دمشق ومصمم الديوان و غلافه. كتب الشاعر عمر في مقدمة الديوان اسباب غيابه عن الشعر سنوات طويلة بسبب عمله الدبلوماسي كسفير فلسطين في النرويج، وتحدث عن حنينه وامتنانه وعشقه و شغفه لوطنه ومسقط رأسه عكا الوطن الأم، ووطنه الآخر مكان إقامته ودراسته حتى الجامعه بدمشق العشق الطفولي والشباب والدراسة والجامعة.
يتكون الديوان من عدة قصائد شعريه ما بين الحنين والشوق للوطن المولد ووطن الطفوله والدراسة إلى المقاومة والشوق والحرية والعدالة والحنين والموت والصداقة..الخ من القصائد وهي كما نشرت بالديوان على التوالي:
(بصارة الحي القديم، حوار مع الموت، الوصايا، الفتوة، الوصايا، كفارة شاعر، شهرزاد، الملك، دمشق، الرسالة، الصحاب، قربان الغريب، الخروج من القائمة، ندائات الى صقر قريش، سراب، المدينة، الصديق، رجوع الحبيب، اصبر قليلا).
في هذا الديوان الشعري الجميل الحالم، تستمتع مع كل قصيدة، وتتأمل مع كل اشواق الشاعر لبعده عن حضن الوطن عشقه الأبدي.
فهو يعيش الصبر هو رفيقه  في كل مسارب أحزانه، فيقول في قصيدته اصبر قليلا:
ها أنت وحدك في الطريق
مكبلًا بالحزن مسكونًا بأبيات
رواها شاعر جزل
ترنو لأسراب الطيور الزاجلة.
وهنا تستذكر  أطلال الذاكرة المحملة بالطفولة، وأحلام الوطن المجروح يحلم بالعودة من المهجر يحمل كل الاشواق بقصائد شاعرنا القدير بلغة شعرية سهلة ممتنع تحمل في طياتها الحب والعشق والشغف والحنين بالعودة إلى الوطن وكله امل وشوق للوطن بحلم العودة والحياة.
شاعرنا صاحب الديوان الشعري “ما زال في العمر بقية” يعتبر ديوانه ضمن أدب المقاومة، يحدثنا قصة شعب سيظل صامدا مقاومة من أجل البقاء والدفاع عن الوطن، وإن وارى جسده التراب، فالحق سيعود إلى اهله مهما طال الزمن. قصائد الديوان كتبت بمشاعر صادقة، وأحاسيس كلها غربة موجعة، وقلم بعيد عن أرض الآباء والأجداد.
اتمني من الشاعر والدبلوماسي الفلسطيني العنيد أن يكتب مذكراته التي شارك بتجربته الدبلوماسية الطويلة ودورة بمفاوضات أوسلو السرية و العلنية وان تكون بلغته الشعرية، ونتمنى أن نستمع معه بديوان شعري جديد، ويكفيه خوفاً من القارئ وبعده عن القارئ عشرون عاماً.
له قصيدة فلسفية بعنوان “حوار مع الموت” التي كلها تعبير عن حنينه إلى كل من رحلوا فهو يطلب من الموت برهة من الزمن، وهنا تتجلى روح الوفاء والإخلاص والحنين لدى الشاعر يقول:
عندما يأتي الموت
لن أبكي
ولن أحزن ولكني أطلب منه وقتًا
كي أزور قبور من رحلوا
وأجمع بعض أوراقي.
ختاماً: حقا إن الشعر هو ابداع غير تقليدي، وليس وصفى، بل هو مشاعر وكشف عن العمق المخفي.
وكما يقول الشاعر الفرنسي رينه شار  عن الشعر “الكشف عن عالم يظل ابدا في حاجة إلى الكشف”.
ابارك للشاعر الجميل المعطاء عمر كتمتو على هذا الديوان الشعري الرقيق، هذا الديوان الذي يلامس القلوب والوجدان.