بعد جولات طويلة من الاجتماعات بين وفود الاحزب التركية المختلفة الى امرالي حيث عبدالله أوجلان، خرجت كبرى الاحزاب القومية التركية عداء للكورد و بلسان رئيسها دولت باخجلي ليعرب عن أستعداده لأقدام أوجلان الى برلمان تركيا كي يعلن حل حزب العمال الكوردستاني أو بالاحرى استسلام الحزب. هذا التصريح لم يمر مرور الكرام بل أعقبة تصريح لرئاسة المعارضة التركية من الحزب الجمهوري يعلن فيها و بعكس الحكومة أن على الحكومة التركية الاعتراف بوجود قضية كوردية في تركيا و أعطاء الكورد الحقوق التي تجعلهم يشعرون بأن تركيا هي دولتهم أيضا و بعدها أتت تصريحات صلاح الدين دمرتاش المسجون هو الاخر في تركيا.
و لم تمضي أيام على تلك التصريحات ليقوم حزب العمال الكوردستاني بتنفيذ عملية عسكرية نوعية في أنقرة و في أكبر مصنع للطائرات و المشروع الفضائي التركي ليندهش بهذا الكثير من المراقبين السياسيين و العكسريين. فهذه العملية العسكرية لحزب العمال الكوردستاني للذين لا يعلمون مجريات الامور و بهذه التوقيت بالذات هي ليست لصالح العملية السلمية و الكورد أجمالا. و في هذا أتفق مع تلك الاراء و لكن على المراقبين السياسيين و العسكريين أن يبحثوا عن أسباب قيام حزب الجناح العسكري لحزب العمال الكوردستاني بتلك العملية و لماذا نفذوا تلك العملية. هل هم ضد السلام؟ هل هم ضد المصالحة؟ هل هم ضد توجهات أوجلان؟
بأعتقادي أن تلك العملية كانت رسالة الى الحكومة التركية بأن الكفاح المسلح سوف لن يتوقف في حال عدم أستعداد تركيا الاعتراف بالقضية الكوردية و أن القضية الكوردية هي ليست فقط أطلاق سراح أوجلان و حتى أوجلان لم يبدأ بتشكيل حزب من أجل أن يترأس الحزب أو أن يعيش في بيت راقي بل أن أوجلان و باقي القيادات و المقاتلون هم أداة من أجل قضية عادلة أسمها القضية الكوردية و على الدولة التركية الاعتراف بتلك القضية كما قال رئيس المعارضة التركية و ليس كما قال دولة باخجلي القومي المتطرف.
لماذا قامت قيادة حزب العمال بتوجية تلك الرسالة العسكرية؟
ما صدر من القيادات التركية بصدد أقدام أوجلان الى البرلمان التركي و أنهاء أو بالاحرى فرض أنهاء العنف علية لم تكن كما أسلفت وليدة اليوم بل أنها كانت نتيجة لمفاوضات طويلة و ما صدر في البرلمان التركي كان نتاج تلك المفاوضات و الاتفاقية الغير مكتملة مع أوجلان. فقبل تلك التصريحات تبادلت قيادة قنديل و أوجلان الرسائل بصدد المفاوضات و الاقتراحات التي قدمتها الدولة التركية الى أوجلان. قيادة قنديل لحزب العمال الكوردستاني لم توافق على وقف أطلاق النار دون شروط وضمانات و لهذا السبب قامت تركيا بحملة عسكرية شرسة على مقرات حزب العمال الكوردستاني في جنوب كوردستان قبل أكثير من أربعة أشهر و ليس الان. ذلك الهجوم كان محاولة من تركيا لاضعاف الجناح العسكري لحزب العمال الى درجة تجعله يوافق على القاء السلاح.
تركيا أعتقدت أنها من خلال تلك العمليات العسكرية قد اضعفت بشكل كاف الجناح العسكري للحزب و قامت بأعلان محادثاتها مع أوجلان و ألكشف عن أجزاء من أتفاقيتها مع أوجلان و حتى مع صلاح الدين دمرتاش اللذان تعاونا معا من أجل تحويل القضية الكوردية في تركيا من العنف الى قضية سياسية و ليس أستسلام الكورد للقوميين. العملية العسكرية لحزب العمال الكوردستاني في أنقرة كانت رسالة الى الحكومة التركية بأن حزب العمال لا يزال قويا و سوف لن يلقوا السلاح من دون شروط.
حسب التسريبات التي تناقلتها بعض وسائل الاعلام فأن حتى أوجلان لا يوافق على القاء السلاح دون أن توافق تركيا عن الكف عن تسمية حزب العمال بالارهابي و مقاتلي الحزب بالارهابيين بل الاعتراف بهم كمقاتلين من أجل الحرية و القضية الكوردية. تصريحات رئيس الحزب القومي التركي و أردوغان بأستمرار و أطلاق صفة الارهاب على حزب العمال داخل البرلمان كانت بمثابة رسالة تركية الى حزب العمال بأنها سوف لن تعترف بالحزب كطرف سياسي بينما تصريحات أوجلان الاخيرة لابن أخته عمر أوجلان تؤكد هي الاخرى أن أوجلان مصر على الاعتراف بحزبة كحزب سياسي و ليس أرهابي.
تركيا لا تريد حتى أصدار عفو عن قيادات حزب العمال في قنديل و عن المقاتلين بل تريد عن طريق طرف ثالث أخراج مقاتلي حزب العمال الكوردستاني من جنوب كوردستان و ترحيلهم الى دولة اوربية و في هذا يتم ذكر النرويج و بريطانيا اللتان حسب بعض المصادر تشاركان في تلك المفاوضات.
تركيا تحاول الان أحداث أنقسام بين صفوف حزب العمال الكوردستاني و تقسيمة الى جناحين أحدهما يوافق على المفاوضات و القاء السلاح و الاخر يستمر في القتال.
الصراعات الاقليمية و مايجري في اسرائيل و الشرق الاوسط لديها أيضا دورها في ما يدور الان بين أوجلان و تركيا و بين حزب العمال الكوردستاني و تركيا. و نترك هذا لمناسبة اخرى. و لكن يجب أن نقول الان أن تركيا هي دولة في حلف الناتو و تعادي اسرائيل و الموساد الاسرائيلي بشكل واضح و هي تتحالف مع روسيا و ايران في الصراع ضد أسرائيل. الناتو لا يستطيع معادات تركيا بشكل علني و لكن اسرائيل تستطيع فعل ذلك و تستطيع تشكيل خطر على تركيا و من غير المستبعد أن يكون للموساد دورا في أخافة تركيا و دعم الجناح العسكري للعمال ضد تركيا.
ملاحظة: الموضوع هو تحليل و متابعة لما يجري على الساحة الكوردستانية و هو ليس مع أو ضد أي جهة سياسية. شخصيا أنا لست مع الكفاح المسلح في تركيا لأن الظروف الموضوعية غير مؤاتية لحد اليوم و أعتقد أن على الكورد الانتظار لحين مجئ الوقت المناسب دوليا و محليا، كما كان الحال في غربي كوردستان حيث الكورد لم تكن لديهم عمليات عسكرية ضد النظام السوري و لم تسيل الدماء بين العرب و الكورد في سوريا و لكن عند مجئ الظرف المناسب قاموا بتشكيل أداراتهم الذاتية. و حتى في جنوب كوردستان باءت كل الثورات بالفشل عندما لم تكن الظروف الدولية مناسبة للعمل العسكري و السياسي و كلما أتت الظروف استطاع جنوب كوردستان تشكيل حكومتة و أداراته الكوردية.
تحية طيبة
قبل أيام طرحنا وجهة نظرنا, لكن لا بأس سنعيدها
أولاً وأخيراً هي مؤامرة , لكن كيف هي؟ ولماذا
أعتقد أن أردوكان قد شعر بأن الحرب الدائرة الآن بالقرب منه ستتطور إلى حرب تشمل كل المنطقة وحتماً ستكون إيران محورها وهو الطامع في تبريز منذ أيام سليم خان ويريد أن تُجر تركيا إلى الحرب جراً دون إرادتها, وهكذا يريد أن يثير مسألة العمال الكوردستاني لخلط الأحداث فيهاجم إيران ويستقطع تبريز دون أن يبدو بأنه إلى جانب إسرائيل وشكراً