أكد الباحث في الشأن السياسي لطيف ميرزا، اليوم الثلاثاء (19 تشرين الثاني 2024)، أن الكرد في إقليم كردستان يعتقدون أن التعداد السكاني المزمع يومي 20 والـ 21 من الشهر الجاري، سيحقق المراد في المناطق المتنازع عليها بين بغداد ,اربيل وهي رؤية يشوبها الكثير من اللغط والشكوك بعدد النسبة والغالبية للكرد فيها.
وقال ميرزا في حديث لـ “بغداد اليوم” إن “السياسيين الكرد في الإقليم يندفعون في جعل الغالبية والغلبة للكرد في مناطق التماس السياسي الحاد (الكردية العربية) ذات الخلاف لتحقيق تلك المآرب، لكن الحقيقة ان التعداد السكاني المقرر إقامته سوف يكون القشة لعدم إدراك الكرد منظومة الحراك التعدادي، وغاياته عكس ما يطمحون اليه وفق الرؤية الكردية”.
وأضاف أن “الأسئلة الـ 70 دقيقة وهامة في إطار التفتيش الاحصائي ليس فقط عن عدد الساكنين، إنما يتعدى ذلك الى خيارات المستوى المعاشي وتاليا ينعكس على ميزانية الإقليم في دائرة الموازنة الاتحادية العامة العراقية والتي تصل الى 12 % وفق المعطيات وتنقص أحيانا لكنها لم تعطى الى الإقليم بشكل كلي لغاية الآن بغض النظر عن رواتب الموظفين بطريقة (التقطير) وهي لم تروي من عطش ولا تسمن من جوع وسد حاجة المواطن الكردي في الإقليم”.
وأشار إلى أن “هنالك مخاوف من أن التعداد السكاني سيفرز النسبة الحقيقية لسكان الإقليم، كما حصل في الاحصائيات السابقة منذ العهد البريطاني والملكي العراقي وفي عهد النظام السابق، وهي إحصاءات لم تلامس العدد الحقيقي للمناطق والقوميات”.
وكان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد حسين، كشف الاحد (17 تشرين الثاني 2024)، عن أبرز المخاوف الكردية من تأثيرات التعداد السكاني على اقتصاد الإقليم.
وقال حسين لـ “بغداد اليوم” إن “هناك خشية لدى حكومة الإقليم من تأثيرات الإحصاء على حصة كردستان في الموازنة المقبلة”.
وأضاف أنه “يجب مراعاة نقطة مهمة في التعداد، وهي ان هنالك الكثير من المواطنين الكرد يعيشون خارج البلد، ويجب مراعاة هذا الأمر، لآن هذا التعداد هو تنموي اقتصادي، لهذا يجب أن لايؤثر على وضع الإقليم وتقليل حصته من الموازنة”.
وأشار إلى أنه “يجب التعامل بشكل مهني، وعدم تجيير الأمور سياسيا، وحل جميع المشاكل الفنية”.
وفي السياق ذاته، أثار التعداد العام للسكان في كركوك والمناطق المتنازع عليها موجة اعتراضات من قبل المكون الكردي، الذي اعتبر الإحصاء “غير عادل” ومخالفاً لمطالبهم باعتماد سجلات تاريخية محددة.
وعلق عضو الاتحاد الوطني الكردستاني إدريس حاج عادل، السبت (16 تشرين الثاني 2024)، حول أسباب هذا الامتعاض، مشيراً إلى أن التعداد السكاني يمثل قضية حساسة تتجاوز كونه مجرد إجراء تنموي.
وقال حاج عادل في تصريح لـ”بغداد اليوم”: “هذا الإحصاء سيكون بمثابة هوية لكل سكان كركوك، ومرجعاً رسمياً لهم في القضايا الحكومية ودوائر الطابو والتسجيل العقاري”.
وأوضح أن “رفض الكرد ينطلق من التخوف من اعتماد سجلات إحصاء عام 1997، الذي أُجري في عهد نظام صدام حسين، حيث تم تسجيل آلاف العوائل العربية القادمة من محافظة صلاح الدين، ما تسبب بتغيير ديموغرافي واضح”.
وطالب عضو الاتحاد الوطني بـ”الاعتماد على سجلات عام 1957 فقط، لأنها تمثل النفوس الحقيقية لسكان كركوك قبل أي تغييرات ديموغرافية متعمدة”، مؤكداً أن “المنطقة شهدت نزوحاً كبيراً في فترات لاحقة”، مستدلا، بمنطقة داقوق قائلاً، إنه “من أصل 30 قرية، لم يبقَ سوى 100 عائلة، ما يعكس حجم التغيير الديموغرافي الذي شهدته كركوك”.
والتعداد السكاني لعام 2024، ليس تعدادا يخص السكان وعددهم وجنسهم وأعمارهم وتوزيعهم الجغرافي فحسب، وإنما عملية ضخمة وكبيرة كرست لها العديد من التحضيرات والإمكانيات بعد سلسلة من التأجيلات بمختلف الأعذار.
ووفقا لخبراء، فإن للتعداد السكاني أهداف استكشافية شاملة يتم من خلالها نقل صورة الواقع السكاني في العراق من جوانب متعددة، منها الاجتماعي والاقتصادي وما يرتبط بها من تفاصيل، وهي أمور تضمنتها استمارة التعداد السكاني.
تحية من القلب وبعد.
لقد بدأ التغيير الديمغرافي في منطقة كركوك والمناطق الغنية بالنفط في سنة 1920 ومع الإنتداب البريطاني و استمر على موجات بإجبار العشائر والعائلات الكوردية بمغادرة ضواحي و قرى كركوك وأراضي شاسعة بحجة إعتبارها مناطق أملاك دولة لوجود ثروات طبيعية فيها يعود إستثمارها لحكومة بغداد.
وإستمرت إجراءات إبعاد السكان الأصليين الكورد مع توالي الأنظمة المتعاقبة من ملكية إلى قاسمية وثم بعثية وبعدها صدامية إلى أن جاءت جحافل الحشد الشعبي والمالكية التي فاق جشعها في الإستيلاء على أملاك الكورد جملة وتفصيلا جميع عقود الأنظمة السالفة.
ولذلك لايمكن جعل إحصاء أي سنة كانت سواء في الخمسينات أو ماتلاها من أعمال تزوير للواقع وتغيير للحقيقة تحت مسميات الإحصاء مرجعا لسكان العراق وتحديد أماكن سكناهم الأصلية.
ومن المفترض الرجوع إلى معلومات عهد ماقبل الإنتداب البريطاني المتوفرة في محفوطات حكومة المملكة المتحدة وأيضا إلى المراجع التي رافقت إعلان العراق مملكة بعد ضم ولاية الموصل إليه وأهمها هي مؤلفات المحامي الأستاذ معروف جياووك في أربعينات وخمسينات القرن العشرين.
ولن تسامح الأجيال الكوردية أية تنازلات عن الحقيقة.
ولابد من توعية شعبنا.