فتحتُ عيني ووجدت نفسي زعيماً. فكرت ملياً بالمنصب الجديد وفرحت به كثيراً وأخذني الحلم بعيدا ورأيت نفسي فوق الجميع وأنا أجلس على كرسي السلطة والملائكة تحوم من حولي والحوريات ترقصن امامي، وجبال الذهب والياقوت على مرأى البصر وانهار الخمر تجري لمستقرها و ما لذ وطاب من الطعام يزيين الموائد وكل هذه الفواكه التي لم أذقها يوماً وكل هؤلاء الغلمان كاللؤلؤِ المنثور من حولي و…
لكن اللحظات الجميلة لم تَدُمْ طويلاً، حتى سمعت الصرخات من حولي ورأيت أنهار الدم تجري من تحتي و دعوات المظلومين تنهال علي من كل صوب وحدب، فشجب عني صوت الموسيقى. فَجِعتُ من هول ما سمعت ورأيت. أهذه هي مملكتي وأرضي، وهل هؤلاء هم من أخلفتهم عليها؟؟ وهل خلقت كل هذا الكون من أجل هؤلاء؟؟ كيف لم أعرف ما سيقومون به وأنا الإلٰه العظيم. من المسؤول عن كل هذا، أين إبن اللعينة التي يغوي الناس ويجعلهم يفعلون كل هذه؟ اجلبوه لي الان… وفور حضوره، أقسَمَ بأنه لم يتوجه لهذه المنطقة منذ الاف السنين، وأنتقل للغرب وهو يعيش هناك منذ ذلك الحين وترك مهنته القديمة، لان العالم لا يحتاج اليه، لانهم لن يصبحوا اسوء مما هم عليه. وتكفيهم تلك الكلمات التي ارسلتها لهم، فهي تفعل فعلها العظيم بهم.
لم أعرف كيف أتصرف وماذا اقول، فالكل ينادي بأسمي والكل يقتل بإسمي ولم أعرف أيهم يمثلني وإيهم يستغل إسمي… وبقيت في حيرتي وفكرت بجميع الحلولِ، الاعاصير والامطار والزلازل والبراكينِ والاحجار والنيازكِ… وأستعد الملائكة للحرب والتطهيرِ… فأمرت جبريل وميكائيل واسرافيل طيروا وأقتلوا ودمروا وأحرقوا كل شئ ماعدا شعبي المختار والفرقة الفائزة…
فوقف الجميع لوهلة، وقال جبريل وهو يرتعد خوفاً: أيهم هو شعبك المختار يا سيدي، ومن هي الفرقة الناجية؟؟
فثار غضبي وصرختُ فيه، ألا تعرفهم. ألم تكن تأخذ رسائلي وكتبي وشرائعي لهم، هل نسيت من هم؟؟
تراجع بعض الخطوات وهو يرتعد: عفوا يا سيدي ولكنني لم أخذ منك اية رسائل وشرائع يوماً لاحدٍ هناك!!
هل جننت، هل وصل اليك إبن اللعينة وأغواك ايضاً.. أخرج من هنا فوراً، لا اريد رؤيتك بعد الان.. أين أنت يا ملك الموت؟
لم يأتي أحد ولم يتكلم أحد!! فصرخت اين ملك الموت؟ والصمت ما زال يعم الحاضرين، وتجرأ أحدهم وقال: ليس هناك ملك للموت يا سيدي!!
توقفت لوهلة وجمعت أفكاري، ولم أعرف ما الذي يحدث. ولكنني استجمعت قواي وصرخت فيهم وأخبرتهم بأنني أحكم عليهم بجهنم وبئس المصير كل من سبب ويسبب في هذا الهلاك في ممتلكاتي.
ساد الصمت وبدأ الملائكة يتهامسون فيما بينهم وينظرون إلي بشئ من الغرابة، وتقدم كبيرهم وقال: هل أنت بخير يا سيدي، إننا لا نفهم شيئاً مما تقوله، ماذا تعني بجهنم وما هو؟؟
فقلت: ماذا دهاكم، أنسيتم العبادة والصلاة والصوم والجهاد والشهداء ويوم الحساب و عذاب القبر والجسر الذي يشبه الشعرة والجنة والنار والحوريات والغلمان وعبادي الصالحين و..
فسمعت همسات و قهقهات من حولي وبدأ الجميع يشيرون الي بإصابعهم وهم يقتربون وعَلَت ضحكاتهم وأصبحت أكثر حدةً وسمعتهم يقولون بصوت واحد العبيط أهو العبيط أهو، وبدأ الجميع يركلني ورأيت نفسي أطير في الهواء وأنا ما زلت أتمسك بكرسيي.. حتى وقعت أرضاً وأنا أتمسك والمخدة في حضني وأنا أتَأوه من الوجع، فسريري عالي والوقوع منه موجعُ وخاصة أذا كان الوقوع مباشرة من السماء… فرجعت لسريري وعرفت بأنني ما زلت بشرياً ولا حول ولا قوة لي، وغطيت نفسي وأغمضت عيني وتمنيت لو أعطاني القدر فرصةً ثانية كي أكون إلٰهاً من جديد…
نوزاد ئاميدى
لارڤیك
01.12.2024