صبحة بغورة تكتب : سياســة الســلام عبرالقوة

 صارت القضية الفلسطينية وأزمات دول الشرق الأوسط وغيرها الكثير مثارا للتأمل ومجالا خصبا يدعو للبحث في طبيعة تقلب العلاقات الدولية بين التطور والتدهور في ظلال حالات الحرب والسلام .
يصعب الاعتقاد ان المذاهب والثقافات والأديان يمكن أن تتطابق ، ولكنها على الأقل قد تتوافق في الكثير من جوانب الحياة ، أوقد يؤدي اختلاف نظرتها إلى بعض المسائل الاقتصادية والاجتماعية إلى تعميق التباين في مواقف أطرافها إذا ارتبط الأمر ببعض القضايا الدولية خاصة التي تمثل درجة كبيرة من الحساسية ذات الخطورة العالية، حيث يؤدي هذا إلى بروز ما بينها من تناقضات كان مسكوتا عنها على سطح العلاقات وغالبا ما ستفرض سريعا حدتها لشدة تعلقها بمصالح حيوية.
المصالح الحيوية للدول مرتبطة بالأهداف المأمولة وبالنتائج المرجوة المراد تحقيقها لتمرير مبادرة معينة أو مشروع محدد ، ومجرد تعرض هذه المصالح لأي أسباب يمكن أن تسوّفها أو لظروف قد تلغيها يثير مباشرة حالة من الاعتراض السريع والامتعاض الشديد، ثم لا يلبث أن يتحول إلى مواقف عدائية حادة يحدث في الكثير من الأحيان أن تفشل الجهود السياسية لاحتوائها وتصبح الأمور على شفا حفرة من نار الحرب .
في ظروف الأمن والاستقرار يغلب على الحديث السياسي بحث سبل تدعيم علاقات التعاون الدولي وإرساء آليات تعزيز التنسيق والتشاور، أما في حالات النزاع المسلح فطبيعي أن تتجه الجهود إلى محاولة فك الاشتباك ووقف إطلاق النار، ولكن قد يتبصر الطرف الأقوى مصلحة في إدامة القتال لتحقيق المزيد من المكاسب يمكن أن يتخذها أوراق ضغط ومساومة خلال مفاوضات مرتقبة في قادم الأيام ،وإدامة القتال غالبا ما تكون غير محددة وتكون محملة بالمزيد من الخسائر، والطامة الكبرى أن ينطلق الطرف الأقوى في صراعه على أساس ظالم وعدواني غاشم ومخالف للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني فغالبا يميل نحو المغالاة في ارتكاب أفعال الترهيب التي تلامس جرائم الحرب كالتنكيل بالمدنيين، والإبادة الجماعية .. وأمام عجز المجموعة الدولية عن كبح جماحه ووقف اعتداءاته يصبح بلوغ حالة السلام للأسف بيده وحسب إرادته، وفق شروطه.. ويبقى على الطرف الآخر أن يحدد موقفه بمقدار ما يتمتع به من صلابة وتماسك واستعداد للتضحية لمواصلة المقاومة.
الحرب رهيبة وقاسية على الذين ركنوا واطمأنوا حتى لانت عزيمتهم وفترت إرادتهم وغفلوا عن حقيقة أن من يريد السلام عليه دائما أن يكون مستعدا للحرب ..الاطمئنان المضلل مدعاة للتراخي وسببا في التخاذل السريع امام أي تقلبات في العلاقات الدولية ، وكما يقال أن المصالح تتصالح فهي كذلك قد تتخاصم وتتضارب عندما تتناقض، ومن يغفل عن هذه الحقائق يرهن إرادته وسيادته لعدوه، وسيكون مضطرا لقبول تسويات مجحفة وقبول مبادرات غير عادلة، وهذا أمر منتظر عندما تتفاقم الأزمة إلى حد العجز عن ومواصلة المقاومة،إذ سيكون حينها الطرف الضعيف في المعادلة مجبور على مواجهة سيناريو قديم متجدد يرمي إلى إخضاعه لضمان تجنب احتمالات الخطرمنه، وضمان الأمن عن طريق فرض سياسة أقرب إلى فرض الاستسلام، إنها سياسة السلام عبر القوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *