وحدها ووحدها طفلة المدرسة في العاشرة من عمرها جلست في الباص بجانبي وغفت على الكرسي بكل أناقتها وبراءتها وأنا قلت لنفسي : كيف ستعرف منطقة نزولها وهي نائمة . لكني أنا وصديقي إكتشفنا أنها تعلّق تلفونا في رقبتها ووضعته على ( الجي بي أس) لمعرفة الخرائط والأماكن وهو وحده يرن حين وصولها المنطقة . وبالفعل رنّ التلفون واستيقظت من نومها وغادرت الباص بعد ان كانت أميرة نائمة وحالمة . فضحكتُ وقلت مع النفس ( دلول يالولد يبني دللول ، عدوك عليل وساكن الجول) . هذه الطفلة بكل تأكيد حين تكبر ستكون بمنتهى الذكاء ولربما ستقود شريحة إجتماعية أو في منصب ما ، لأن النقش في الصغر كما النقش على الحجر . وبنفس الوقت هذا يعطي إنطباعاً على الأمن والأمان في الصين والّا كيف لطفلة بهذا العمر تصعد وتغادر الباص لوحدها . هذه هي طفولتهم وتلك طفولتنا المشردة والضائعة بين الجوع والعنف والخوف من الله والناس والنزوح من الحروب . وأيضا كنا أيام زمان مضى نردد الأغنية الثورية :
يطفال كل العالم ياحلوين
يطفال شيلي الثائرة وفلسطين
بينما نرى اليوم أطفال غزة وفلسطين مازالوا في بؤس الحياة وظلمها بسبب تخلف وجبن حكامنا على كافة المستويات . وحتى أطفال تشيلي اليوم منعمين بالرخاء بحكم الديمقراطية ورئاسة المرأة الإشتراكية ( ميشيل ) بعد سقوط المجرم بينوشيت منذ سنين وسنين . فأولئك أطفالهم وهنا أطفالنا البائسين .
ملاحظة .. للآسف لم التقط صورة لهذه لطفلة في الباص كتوثيق للمقال .
هاتف بشبوش / شاعر وناقد عراقي