هل كان من الأفضل لأوكرانيا أن تكون جارة صديقة لروسيا؟ نجاح محمد علي

بالتأكيد، لو تمكنت أوكرانيا من تحقيق توازن في علاقاتها بين روسيا من جهة وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى، لكان ذلك أفضل بكثير لمستقبلها. هذا التوازن كان يمكن أن يحميها من الوقوع في صراعات مسلحة مدمرة، ويسمح لها باستغلال موقعها الجغرافي كجسر بين الشرق والغرب لتحقيق مصالحها الوطنية.

لكن للأسف، السياسات الغربية التي دعمت الانقلاب في عام 2014، وسعي النخب الأوكرانية المدعومة من الغرب إلى فرض نموذج غربي كامل دون مراعاة للحساسيات الروسية، أدى إلى تفاقم التوترات. النتيجة كانت حربًا مدمرة بدأت في شرق أوكرانيا (دونباس) واستمرت حتى الغزو الروسي الشامل في عام 2022. الآن، أوكرانيا تعاني من دمار هائل، واقتصادها منهار، وجزء كبير من أراضيها تحت السيطرة الروسية أو مهدد بها، وهي تعتمد بشكل شبه كامل على المساعدات الغربية.

ما هي الدروس المستفادة بالنسبة للعراق؟

يواجه العراق تحديات مشابهة لما تواجهه أوكرانيا ، وإن كانت مختلفة في السياق والتأريخ. بعد الغزو الأمريكي في عام 2003، أصبح العراق ساحة للصراعات الإقليمية والدولية، حيث تتنافس فيه قوى إقليمية مثل إيران وتركيا والسعودية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وروسيا. هذه الديناميكيات المعقدة تجعل من الصعب على العراق تحقيق استقرار حقيقي دون اتباع استراتيجية متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالحه الوطنية أولاً.

. أهمية التوازن في العلاقات الخارجية:

  • العراق يجب أن يتعلم من تجربة أوكرانيا أنه لا يمكن الاعتماد بشكل كامل على طرف واحد ضد الآخر. على سبيل المثال، الاعتماد الكامل على إيران أو الولايات المتحدة قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الداخلية والخارجية.
  • الحل الأمثل هو بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف الفاعلة، بما يخدم المصالح الوطنية العراقية فقط.
  • ضرورة الاستقلال في القرار السياسي:
  • العراق يجب أن يتجنب الوقوع في فخ “الوكيل” لطرف ضد آخر، كما حدث مع أوكرانيا التي أصبحت أداة في أيدي الغرب ضد روسيا.
  • يجب أن يكون القرار العراقي مستقلًا، وأن يعتمد على الحوار الوطني لتحديد الأولويات الوطنية بدلاً من الانحياز إلى أجندات خارجية.

دور الإعلام والقنوات الفضائية:

  • القنوات الفضائية العراقية والمنصات الإعلامية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل الرأي العام. إذا كانت هذه المنصات تروج لخطابات متشنجة أو تستهدف “المقاومة” فقط كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات بدلاً من حلها.
  • يجب أن يكون هناك تركيز على تعزيز خطاب الوحدة الوطنية والسلام، وتوجيه النقاش نحو كيفية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من التركيز على الصراعات.

المقاومة كوسيلة لتحقيق السلام:

  • المقاومة السياسية أو العسكرية قد تكون ضرورية في بعض الحالات لمواجهة الاحتلال أو الهيمنة الأجنبية، لكنها ليست الحل الوحيد دائمًا. إذا لم تكن المقاومة جزءًا من استراتيجية شاملة لتحقيق السلام والاستقرار، فقد تؤدي إلى المزيد من العنف والفوضى.
  • العراق يحتاج إلى بناء مؤسساته الوطنية بشكل قوي، والاستثمار في التعليم والصحة والبنية التحتية، لضمان أن يكون الشعب العراقي قادرًا على مقاومة أي شكل من أشكال الهيمنة من خلال قوة الدولة نفسها وليس فقط من خلال القوة المسلحة.

الخلاصة:

تجربة أوكرانيا تقدم درسًا واضحًا: الوقوع في فخ الصراعات الدولية وعدم تحقيق التوازن في العلاقات الخارجية يؤدي إلى دمار البلاد واستنزاف مواردها. العراق، الذي يعاني بالفعل من تركة ثقيلة من الحروب والعقوبات، يجب أن يستفيد من هذا الدرس. عليه أن يعمل على بناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، وأن يركز على تحقيق الاستقرار الداخلي والتنمية الاقتصادية بعيدًا عن الأجندات الخارجية. و يمكن أن يكون الإعلام العراقي والقنوات الفضائية أدوات إيجابية إذا ركزت على تعزيز الوحدة الوطنية وتحقيق السلام بدلاً من تأجيج الصراعات.

3 Comments on “هل كان من الأفضل لأوكرانيا أن تكون جارة صديقة لروسيا؟ نجاح محمد علي”

  1. ** من ألأخر { سبحان مغير الاحوال والأفكار والاتجاهات ، ومع ذلك نقول كلامك صحيح وأن الآن جعل العراق أولا ، سلام

  2. السيد نجاح محمد علي المحترم.
    تحية.
    للاطلاع:
    “هل كان من الأفضل لأوكرانيا أن تكون جارة صديقة لروسيا؟”. سؤال وارد والجواب سهل وهو نعم بالتأكيد. وليس تهديد الدب الروسي بتحريض من دول الحلف العسكري (ناتو). انهم حميعا لم يتعلموا درسا من التاريخ الحديث، محاولة النازي الألماني هتلر الذي بدوره لم يتعلم من محاولة الامبراطور الفرنسي نابليون بونبارت.
    محمد توفيق علي

  3. مقالة جيدة من حيث ما جاءت فيها من افكار معتدلة وتقديم مصالح العراق اولا وعدم الاعتماد كليا على دولة معينة (ايران او امريكا) في بناء علاقاته الدولية. ولم اتوقع ان يكون كاتبها نجاح محمد علي المعروف عنه عبر مشاركاته في القنوات الاخبارية حرصه الشديد على خدمة المصالح الاستعمارية لايران في المنطقة عموما وفي العراق خصوصا، فما عدا مما بدا؟ هل بدا يرتب أوراقه المستقبلية مع ظهور بوادر بداية النهاية للدور الإيراني الشرير في المنطقة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *