الشعار الذي رفعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تكون أمريكا دولة عظيمة هو نفس الشعار الذي رفعه الرئيس الصيني أن تكون الصين دولة عظيمة ونفس الشعار الذي رفعه الرئيس الروسي أن تكون روسيا دولة عظيمة ، وهو نفس الشعار الذي يرفعه قائد ورئيس كل بلد يحب بلده ويريد أن يرفع من شأن بلده ، وكل رئيس يجتهد بالطريقة التي تجعل من دولته عظيمة ، بشكل عام معظم قادة الدول في عصرنا الحالي يجتمعون على معنى العظمة أو عظمة الدولة هي بناء القوة الاقتصادية والقوة العسكرية والتفوق التكنلوجي والرخاء المعيشي للمواطن والتماسك الأمني للبلد والأمان وهيبة الدولة بين الأمم . . على الأرض ليس كل من أدعى العظمة لبلده حقق ذلك قد يصيب وقد يخيب وتبقى الكلمة الأخيرة للصدق والأخلاص والإرادة ، الشعار شيء والواقع شيء أخر . طبعاً هذا الشعار لا يمت ببلداننا صلة فأننا بعيدين عنه لأن القائد عندنا يبحث أن يكون هو العظيم وليس بلده ، هو القائد التأريخي ، هو عنتر زمانه . ولكن كيف يكون عظيماً ؟ كما هو معروف تأريخياً عندنا القادة العظام هم الذي خاضوا حروباً وانتصروا فيها ، لذلك فمفهوم القائد العظيم في موروثنا التأريخي والاجتماعي هو الدخول في مجموعة حروب قاسية وغالباً ما تكون هذه الحروب من أجل شبر من الأرض أو من أجل قضية تأريخية مختلف عليها أو من أجل حقد ديني أو قومي أو مشاكل حدودية يجعل من خلالها هذا القائد بلده رهان الخراب والدمار و يسكن شعبه المقابر وآخرين يأملون العثور على رفاة أبنائهم وأحبتهم إضافة للتخلف العلمي والانهيار الاقتصادي والفساد والجوع لكن بنفس الوقت هناك تمجيد واحتفالات للإنتصارات ( أكثرها وهمية ) وتتم طباعة الاف الكتب والمجلدات بحق هذا القائد العظيم تتحدث عن عظمته ودوره التأريخي في رد العدوان وإفشال مؤامرات الأعداء وقدرته على تحشيد الملايين من الناس في سبيل اهداف الأمة ، هذا هو المهم لأن البلد وما فيه فداء لعيون القائد حامل راية الأمة ، وأي قائد يأتي من بعده يسلك نفس المسلك ونفس السيناريو ونفس القرابين ، بمعنى أدق لا يصبح القائد عظيماً الإ بعد أن يجعل بلده حطاماً ، هذا الفارق لنوعية العظمة التي ينشدها قادة احبوا بلدانهم وأرادوها عظيمة مقابل قادة يوهمون الناس بأنهم عظماء هو نفس الفارق لنوعية الحياة التي يعيشها المواطن في تلك المجتمعات التي تبحث عن المجد بين الأمم عن المواطن في المجتمعات التي قادتها يريدون العلو لأنفسهم ، فالمواطن الذي يعيش من أجل قوت يومه ويحلم بالكهرباء وبالخدمات ويحلم بفرصة للعمل ليعيل عائلته ويحلم بقدرته على دفع فاتورة علاج زوجته وأطفاله من الأمراض التي تحيط به هو غير المواطن الذي ينتظر نهاية الأسبوع ليخرج ليلاً للنوادي ونهاراً للمطاعم والمناطق السياحية وفي نهاية الشهر يتبرع بملابسه المستعملة على شكل ( بالات لنگة ) ترسل كتبرعات لشعوب القائد المحرر لتباع بأسعار تنافسية في أسواق هذه الدول كي تغطي عري الناس وتستر عوراتهم لأن قائدهم شغلهم بالمبادىء والحروب والمشاكل . كنا نحلم وندعوا الله أن يبعد عنا القادة الذين يبحثون عن العظمة لأنفسهم فقد أتعبونا واستنزفوا دماء شبابنا وكنا نتمنى أن نحظى بقادة همهم أن تكون بلدانهم عظيمة كباقي رؤوساء الدول وقادتهم ، فياليتنا لم نحلم ولم نتمنى ولم نفكر لأن احلامنا تحولت كوابيس عندما حل علينا قادة يبحثون عن العظمة بطريقة أكثر سوءاً من سابقيهم يبحثون عن الحروب والجهاد وعن السرقات ، أجتمعت فيهم اللصوصية والأجرام والفساد عاقبوا شعوبهم أشد العقاب لأن هذه الشعوب سمحت لأنفسها أن تحلم بشكل صحيح ، تلك الالام التي شهدتها بعض شعوب منطقتنا اضطرّتهم للندم والإعتراف بأنهم أخطأوا باحلامهم فراحوا يرددون قول الله تعالى أن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي للتعبير عن سوء ما سولت لهم أنفسهم بالتفكير الصحيح ، عسى أن يعفوا القادة عنهم ويتركونهم في سبيل حالهم ويرفعون اياديهم الملوثة عنهم ويبعدوا وسلاح مليشياتهم من فوق رؤوسهم . وختاماً نقول بأن القادة الذين يسعون لجعل بلدانهم عظيمة وراءهم شعوب عظيمة هي التي تعاقب قادتها إذا لم يوفوا بعهودهم وليس العكس !