ماذا يحدث لو فسدة الدولة بإدارتها وكوادر سلطتها ؟ إليكم بعض النتائج المؤكدة والتي أفرزتها تجارب الدول والشعوب التي عانت الفساد ومنها العراق ، ما يجذب الإنتباه أن النتائج عند جميع المجتمعات في حال فساد الدولة تكاد تكون متشابهة بنسبة كبيرة رغم إختلاف الثقافات والعادات والظروف عند المجتمعات . الدولة لا يمكن لها أن تتوغل بالفساد إلا وهناك قوة أمنية مسلحة كبيرة تحميها وتلك القوة الأمنية تصبح جزءاً من منظومة الفساد ، في بعض الدول توجد قوة أمنية إضافة إلى عصابات مسلحة مدعومة من رجالات الدولة ، وفي دول أخرى يتم تأسيس مليشيات مسلحة تمثل الذراع الطويل للدولة ضد من تسول له نفسه الأعتراض على الفساد ، فوق كل ذلك هنالك منظومة إعلامية واسعة تتستر على فعاليات الفساد وتسند الدولة بأساليب إعلامية مسموعة ومرئية وبشكل إحترافي كبير بمعنى أدق إعلام فاسد ، نفهم من ذلك لا توجد دولة فاسدة مالم يكن خلفها قوة أمنية فاسدة وعصابات قتل وإعلام فاسد ، هذه الثلاثية تكمل بعضها البعض .
أن أول النتائج التي تفرزها عملية فساد الدولة ظهور طبقة من الفقراء والمحرومين تمثل الغالبية العظمى من أبناء المجتمع ، هذه الطبقة تصبح محرومة من كل ضرورات الحياة وعلى رأسها التعليم والثقافة ، هذه الطبقة تعمل بشتى الطرق والأساليب لتوفير قوت يومها مما يضطرها أحياناً إلى أتباع أساليب الكذب والسرقة والحيلة لكي تعيش فيصبح عندنا غالبية مجتمعية فاسدة غير متعلمة وهي بالأساس غير مستفيدة تتصارع فيما بينها من أجل البقاء فتصبح سمة هذه الطبقة ضعف وإنحلال أخلاقي مما يؤدي إلى إنتشار الجريمة في هذا الوسط ويزداد الغش وتبرز الطبيعة العدوانية والاعتداءات غير المسؤولة ومنها الاعتداءات الجنسية والإغتصاب ، هذه التداعيات تدفع المحرومين في البحث عن مصادر القوة والحماية فتلجأ إلى العشائرية لتحصن نفسها و لتقوية كياناتها فتكون المحصلة النهائية تمزق مجتمعي .
النتيجة الثانية التي تفرزها عملية فساد الدولة ظهور طبقة الإنتهازيين والمتزلفين الذين يتقربون من رجالات الدولة للحصول على بعض الفتات والأمتيازات والإستفادة من بقايا الفساد ، هذه الطبقة تعتبر أفسد الطبقات وأكثرها خسة ودناءة لأنها تضطر أن تتخلى عن الأخلاق والشرف بشكل مطلق كي تستطيع ممارسة دورها وتحقيق غاياتها .
النتيجة الثالثة من نتائج عملية فساد الدولة ظهور طبقة النساء العاهرات لتلبية أحتياجات رجال السلطة وأتباعهم جنسياً وترفيهياً فتكثر بيوت الدعارة العامة والخاصة وتكثر صالونات التجميل لتهيئة تلك النساء للخدمة المستمرة ، وكما هو معروف فأن النساء المومسات هن من إفرازات الحرمان والإغتصاب وقلة الوعي .
النتيجة الرابعة المذهلة الصادمة ظهور طبقة رجال الدين الذين في ظاهرهم برزوا لنقد حالات الفساد وتردي احوال المجتمع ، فهم الطبقة الوحيدة القادرة على مداعبة مشاعر المحرومين و تأليبهم ضد الظلم والفساد ولكن سرعان ما تتحول هذه الطبقة إلى طبقة مستفيدة هي الأخرى من خلال إستغلال و إستثمار كبير لحالة المجتمع فتصبح هذه الطبقة طبقة برجوازية ( شرعية ) مقابل تخفيف لهجة التهجم على الفساد ، فتصبح مهمتها هو أن تصبر المحرومين وتواسيهم وتوعدهم بالجنة مع أولياء الله الصالحين وتحاول جهد إمكانها إبعاد الناس عن شؤون الدولة بربطهم بالدين وباليوم الأخر و بالسلف الصالح مقابل أموال سخية يدفعها الفاسدون بحجة تزكية الأموال المسروقة غير الشرعية وكذلك يقوم رجال الدين بمطالبة الفاسدين وتشجيعهم على دعم المناسبات الدينية لتخفيف الشعور بالذنب وفرصة لمشاغلة طبقة المحرومين .
هذه النتائج مجتمعة تخلق لنا دولة بلا إنتاج صناعي ولا زراعي ولا تطور علمي ولا خدمات ولا أمان إضافة إلى أن الناس الذين تأبى أنفسهم الفساد والرذيلة يكونوا ساكتين عاكفين منعزلين أو مهاجرين إلى بلاد الأغتراب باحثين عن حياة ثانية تعيد لهم جزءاً مما أفتقدوه في بلدهم ، ينظرون إلى بلدهم بحسرة وألم وهم يشاهدون بلدهم مستباح لمن هب ودب ، يرون الأعادي يتلاعبون بمقدرات بلدهم دون أن يردعهم رادع ، فهذا العدو يقطع مجاري الأنهار وذاك يستقطع أجزاء من أراضيه وثالث يرسل قواته داخل الحدود بحجة الدفاع عن أمنه القومي ورابع يطالبهم بمستحقات مصطنعة وخامس يبتزهم بسرقة خيراتهم وسادس وسابع . هكذا يفعل الفساد بأهله .
لو فسدت الدولة وليس فسدة الدولة ارجو التصحيح.
أحسنت التصحيح ، تحياتي