متطلبات المرحلة الراهنة (سوريا-كردياً) – مروان سليمان

 

من أهم القضايا الشائكة في المجتمعات الشرقية هو التطرف العنيف الذي يعمل بها أناس ليل نهار من أجل شق وحدة الصف و أنقسامات داخل المجتمع و إنعدام حقوق الإنسان و من هنا كان لزاماً على الطبقات المثقفة و التي تحمل هموم شعوبها أن تعمل من أجل الحوارات المجتمعية و تقديم المبادرات السلمية و تحافظ على حقوق الإنسان و إعتماد اليات لمكافحة هذه الظواهر من خلال فتح المسافات و فضاءات تساعد على فهم هذه القضايا و إشكالياتها لوضع الحلول المناسبة لها في إطار العمل المشترك.

مسؤولية ما يحدث على الساحة السورية تقع على عاتق الجميع  من كتاب و مثقفين و لذلك فإن الأجيال المستقبلية سوف تضع المسؤولية الكاملة لكل ما حدث و يحدث على الجيل الذي يتعايش مع الوقائع على الأرض و لذلك فإن لم نهتم بهذه الوقائع و الأحداث و نبحث عن السبل للخروج من هذه الأزمة و نستخدم العقل و الحكمة فإننا لن نتحرر من الطغاة و أدواتهم القمعية الذين يتدخلون في حياتنا اليومية بكل شاردة و واردة و يحددون مسيرة حياتنا المستقلية كما يحلو لهم و لهذا فإننا معنيين بتحصين ذواتنا داخلياً من أجل مواجهة القلق الذي نعيشه بسبب الأحداث و المستجدات التي تدور حولنا

عند مزاولة القادة للسياسة و الدمج ما بين المصالح بالأدوات الإعلامية التي تخدم أجنداتهم و تبقى في خدمة شخوصهم فتختلط السياسة بالمصالح و لكن يجب أن يبقى العمل السياسي هو الأساس في العمل كما أنه يجب عليهم أن يجمعوا ما بين المهمة التي كلفوا بها من قبل و بين طموحاتهم الشخصية و عندما تتقدم الطموحات على المهمة السياسية تضيع الرسالة و يفشل المؤدي في إيصالها و هذا يعني الفشل في أداء المهمة و هذا يسئ للأدوار التي تم تكليفهم بها من قبل الجماهير التي تنتظر ثمار تضحياتها.

إن الإرهابيين ليسوا فقط بالمظهر المتعارف عليه من الثياب القصيرة و العمامة و لكن أيضاً يعتبر إرهابياً من يعمل على إقصاء الآخرين و ينكث بوعوده للجماهير المتأملة و هم ينتظرون الإيفاء بالإلتزامات و الإعتراف بالحقوق و كل من لا يفي بإلتزاماته و لا يعترف بحقوق غيره و يحلل كل شئ لنفسه و يحرمه على الآخرين فهو إرهابي و عنصري لا يستطيع أن يتعايش مع الآخرين لا بل و يقدم وطنه و شعبه هدية للأعداء الذين يتربصون بهم من جميع النواحي على حساب الأبرياء و العزل و دمائهم كل هذا فقط من أجل خدمة مصالحه الشخصية و تقوية شوكته و بقائه على الكرسي و التمسك بمنصبه و هذا حال جميع المجتمعات الشرقية منذ اليوم الأول لتشكيل هذه الدويلات اللقيطة و حتى يومنا هذا حيث الحروب و المعارك و القتل و الدمار و الخراب و التهجير على وقع ما يجري من الأحداث  مما إزدادت حالات الكره و الحقد و العنصرية و التطرف نتيجة الخطابات الكاذبة و الشعارات الزائفة و الإبتعاد عن العقلانية و الحوار و التماسك الإجتماعي و عدم العمل و التفكير من أجل خلق أرضية مشتركة للحوار الوطني الجاد لكي يعرف كل طرف حقوقه و واجباته المترتبة عليه في دستور عصري لا يظلم فيه أحد.

إن منطقة الشرق الأوسط تشهد تطرفاً غير مسبوق و هذا ينبع من معتقدات و أفعال لأناس يستخدمون العنف لتحقيق غايات أيديولوجية أو دينية أو سياسية و تعمل إلى جانبهم أيضاً مجموعات و منظمات و متطرفين من نفس المجتمعات الذين لهم مصالح مشتركة تمارس العمل الإرهابي ضد طوائف و قوميات أخرى لا بل و تهددها بالإبادة الجماعية.

القيادة السورية الجديدة و المعارضة السورية القديمة سلمت جميع أوراقها منذ اليوم الاول إلى تركيا و أخذت تأخذ أوامرها من الأجهزة الأمنية التركية و تهاجم القرى و البلدات الآمنة و تنشر الخراب و الدمار و ترتكب المجازر على أساس عرقي و طائفي كما حدث في الساحل السوري مع إطلاق الشعارات العنصرية و الطائفية و هذا إن دل على شئ إنما يدل على الشعور بالنقص حتى لو امتلكوا المناصب لأن خلفياتهم تشهد لهم من السرقات و السلب و النهب و الإجرام و لكنهم يبقون عاجزين عن تغيير سلوكياتهم التي تعلموا في مدرستهم الإرهابية و الإقصائية و سوف يبقون بيادق بيد من تحركهم كما يشاؤون و تنفيذ ما يطلبون منهم.

و لذا فإن الكورد هم اليوم بحاجة ماسة إلى نوع من التوحيد في الصف ليست للأحزاب و الحركات فقط و إنما للجميع لأن الجميع يتحمل مسؤولية التشرذم، و التو حيد يجب أن يكون على أساس وطني و تقاس فيه الوطنية من يعمل لصالح القضية الكوردية العادلة و الذي يحافظ على الحق الكوردي و يحفظه و يطالب به من خلال الطرق المشروعة و النضالات النابعة من مشروعية حقوق الشعب الكردي و قضيته العادلة.

اليوم من الصعب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء و نحن بحاجة إلى إعادة النظر في العلاقات المتأزمة التي أصبحت تعاني منها معظم الأحزاب الكوردية و خاصة في التركيبة السكانية الجديدة بسبب هجرة الكورد من موطنهم إلى خارج الوطن و النزوح الداخلي من المناطق العربية من حمص و دير الزور و الرقة و غيرها بإتجاه المناطق الكوردية  مما أسفر بالتغيير الديمغرافي  و خلق مشكلة وجودية و سكانية  كبيرة للشعب الكوردي في سوريا في الظرف الحالي و مستقبلاً و في هذه الحالة يتطلب منا في هذه المرحلة التركيز على سياسة إعادة التضامن الكوردي و التي يجب أن تكون من الأولويات على الأجندة الكوردية و بالطبع يقع العاتق الأكبر من المسؤولية في حالة الفشل أو عدم إنجاز المشروع على القائمين في إدارة دفة القيادة على أرض الواقع.

مروان سليمان

السلك التربوي- المانيا

06.04.2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *