المسيحية تعود الى جذورها الميثرائية (اليزدانية)- د. مهدي كاكه يي

 

كما هو معروف أنّ الديانة الميثرائية المُتجسّدة في الديانة اليزدانية، تؤمن بِتناسخ الأرواح وليس للموت وجودٌ في هذا الدين والإله (يزدان) لا يُعقاب البشر، بل خلال إستمرارية الدورة الحياتية للإنسان من خلال تناسخ الأرواح، تتطهّر الروح الخيّرة للإنسان من خطاياها وترتقي وتصبح في النهاية خالدةً وجزءاً من الذات الإلهية، بينما الإنسان السئ سيصبح عَدَماً، حيث ينقطع عن الإستمرارية في الحياة ويخت

يوم الخميس المصادف 29 آذار/مارس 2018، نشر الصُحفي الإيطالي الشهير (أوجينيو سكالفاري) مقالاً في صحيفة (لا روبوبليكا) الإيطالية التي هو مؤسسها، يذكر فيها بأنه سأل پاپا الڤاتيكان (بينيدكت) السادس عشر (Pop Benedict XVI) عن المكان الذي تذهب “الأرواح الشرّيرة” إليه في النهاية لِتنال العِقاب. ينقل هذا الصحفي نص جواب الپاپا عن سؤاله ما يلي:

” الأرواح الشرّيرة لا تُعاقَب. تلك التي تتوب، تحصل على مغفرة الرب وتأخذ مكانها مع مَن يُجلّونه.. لكن تلك التي لا تتوب ولا يمكن الغفران لها، تختفي. لا يوجد جحيم لكن اختفاء الأرواح الشرّيرة موجود”.

پاپا الڤاتيكان يقرّ بِعدم وجود جهنم وليس هناك عِقاب بعد الموت. هكذا بمرور الزمن تعود الديانة المسيحية تدريجياً الى جذورها الأصلية (الميثرائية) التي تؤمن بِتناسخ الأرواح، حيث كانت جميع الأقوام الآرية تعتنق الميثرائية قبل ظهور المسيحية. بعد إنسلاخ مُعظم الآريين عن الميثرائية وإعتناقهم الديانة المسيحية، بقي الكثير من المعتقدات والطقوس الميثرائية حيّة في الدين المسيحي، مثل تبنّي المسيحيين لِيوم ولادة ميثرا (25 ديسمبر/كانون الأول) وجعله يوم عيد ميلاد المسيح. كما نرى، فأن تاريخ ميلاد المسيح يصادف نفس تاريخ ميلاد (ميثرا)، حيث أنه بعد إنتشار الدين المسيحي في أوروپا، وخاصة في روما، قام المسيحيون بِجعل تاريخ ولادة الإله‌ (ميثرا) تاريخاً لولادة السيد المسيح1.

لم تكتفِ المسيحية بِجعل ميلاد ميثرا يوم ميلاد المسيح، بل تبنّت يوم قيامة (ميثرا) يوماً لِقيامة المسيح، حيث سمّوه (ِعيد الفُصح) الذي يبدأ بعد يوم الحادي عشر من آذار/مارس (يوم نوروز، رأس السنة الكوردية)، يستذكرون فيه قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته كما هو مذكور في كتاب العهد الجديد. عيد الفصح المسيحي هو أيضاً إمتداد لعيد (أكيتو Ákitu) السومري.

طقوس إشعال النار الميثرائية بقيت في المسيحية. لا يزال المسيحيون يُشعِلون النيران في إحتفالات رأس السنة الميلادية، حيث أنّ النار ترمز إلى دحر الظلام المتمثّل في الليل، والإبقاء على شُعلة الإله النورانية المتمثلة في الشمس (ميثرا).

كما أنّ المسيحيين يحتفظون بِمصابيح مُشتعِلة في بيوتهم، إحتفاءً بِميلاد المسيح، يضعونها بالقُرب من شبابيك بيوتهم من الداخل لتكون مرئية للمارّة ويُبقون المصابيح مُضاءة الى مرور 13 يوماً على تاريخ ميلاد المسيح. الإحتفاظ بالمصابيح لليوم الثالث عشر بعد ميلاد المسيح، هو من بقايا طقوس إحتفال أسلاف الكورد السومريين بِعيد (أكيتو Ákitu)، حيث كان الإله السومري يُقيم مرة واحدة في مكانٍ خاص قبل إختيار مدينته التي يُقيم فيها بشكلٍ دائم. لذلك كان يُقام المهرجان للاحتفال بالوقت الذي إختاره الإله السومري (نانا) لتحديد مدينته. إستغراق المهرجان لمدة إثنا عشر يوماً هو الفترة التي خلالها يتم تمكين القمر من الإنتهاء من تشمّعه في السماء أي هي المدة التي كانت تستغرقه رحلة الإله (نانا) من بيته المؤقت المُسمى “بيت أكيتي” إلى مدينته الدائمية (أور)2. هكذا تنتهي رحلة الإله (نانا) في اليوم الثالث عشر وهذه المدة كما نرى لا تزال باقية في الديانة المسيحية.

لا يقتصر إمتداد عيد (أكيتو) عند المسيحيين فقط، بل أن الشعب الكوردي والشعوب الآريانية الأخرى التي تحتفل بِعيد رأس السنة (نوروز)، يقومون في اليوم الثالث عشر من السنة الجديدة بالخروج الى خارج بيوتهم والسفر الى حيث الطبيعة الخضراء والجو المعتدل، حامِلين معهم طعامهم، فيتناولون طعامهم وشرابهم في الهواء الطلق، في الطبيعة مع أنغام الموسيقى والغناء والدبكات الكوردية. يُسمّى هذا اليوم (سێزدە بەدەر) باللغة الكوردية والتي ما معناه (الخروج في اليوم الثالث عشر).

أخذ الدين المسيحي شعار الصليب أيضاً من أسلاف الكورد السومريين والميتانيين. لقد تمّ العثور في الموقع الأثري في (تل خيبر) في أور، على صور لأول إستخدام لرمز الصليب من قِبل السومريين. يُعتقد بأن عُمر أحد المباني في هذا الموقع هو حوالي 4000 سنة، وهذا يعني  أن السومريين إستخدموا شعار الصليب قبل حوالي 2000 سنة من ظهور المسيحية. الصليب السومري المُكتشَف يشبه الصليب المُستخدَم في صُلب السيد المسيح3. هكذا فأنّ مُعتقداتٍ وطقوسٍ دينية قديمة (سومرية وخورية) لا تزال نراها في الديانة المسيحية وبِمرور الزمن تقوم المرجعية الدينية المسيحية بالعودة الى أحضان الديانة الميثرائية المُتجسدة في اليزدانية التي الأيزيدية والهلاوية واليارسانية هي الفروع الرئيسية لها.

المصادر

  1. 1. http://www.iranchamber.com/religions/articles/mithraism_influence_on_christianity.php
  2. http://www.gatewaystobabylon.com/religion/sumerianakitu.htm
  3. 3. “Ur Region Archaeology Project”

One Comment on “المسيحية تعود الى جذورها الميثرائية (اليزدانية)- د. مهدي كاكه يي”

  1. تحية طيبة
    المثرائية هي الديانة الشمسانية ، والعنصر السامي لم يُمجّد الشمس بالدرجة الأولى أبداً كان القمر هو المتقدم ، لكن الآشوريين بعد تقدمهم في شمال العراق وإختلاطهم بالميديين مجدوا الشمس أيضاً والثور ، ولم يعتنقو اليزدانية (( المزداسنية المثرائية )) أبداً ،حمو رابي هو السامي الوحيد الذي عبد الشمس مقتبساً إيمانه بها من شعبه الكيشي البابلي , حتى في العهد الأخميني والأشكاني لم يُفرض عليهم الدين الكوردي الميثرائي أبداً وحالما ظهر السيد المسيح إعتنقوا المسيحية فوراً ودون مانع في الدولة الأشكانية الزرادشتية المتسامحة ، والمسيحيين العراقيين يشهدون ذلك أنهم أول من تنصروا ، أرجو أن أسمع رداً من أحد الإخوة المسيحيين العارفين وشكراً

Comments are closed.