تعرف الاحزاب او الجهة السياسية بانها جهة منظمة وفق نظام داخلي تعمل جمع متطلبات الشعب و تطلعاته و تأطيرها بقوانين تلبي تلك المطالب وفضلا عن انضاجها و الرقي بمفاصل و حيثيات تلك القوانين ،اي ان الحزب او المكون السياسي هو حلقة الوصل بين الشعب و السلطة .لا يخفى ان الهدف من الحزب او المكون السياسي هو ممارسة السلطة السياسية أو المشاركة فيها على أقل تقدير. وتعد التعددية السياسية والروح التنافسية بين مختلف التشكيلات السياسية أحد الدعائم الرئيسية للديمقراطية وحرية الرأي.
العراق ما بعد عام 2003 شهد ساحته السياسية بزوغا للعديد من الاحزاب و التيارات السياسية منها ما هو مخضرم و هي التي شهدت نعومة اظافرها في العراق و اشتد ساعدها في الخارج و منها ما تشكل في الداخل حيث الظروف السياسية المعقدة التي شكلت حاضنة لاجنتها ….
واجهت الاحزاب و التيارات السياسية في الثلاث دورات البرلمانية الماضية ظروف ساسية معقدة نتيجة لتغير الظروف المناخية لسياسة الوضع الاقليمي في المنطقة فهي عادة ما تتأثر بالمحيط و بالهزات الترددية كونها مستقرة على نفس الصفيحة الجيلوجيا لدول الاقليم.
تلك هي سجية الاحزاب الحاكمة في جميع البلدان التي تشهد بلدانها قضايا ساخنة ,فأوربا شهدت العديد من الاحزاب المتطرفة نتيجة لاحداث الاخيرة من التفجيرات الامر الذي جعل من ممانعتها لاستقبال المهجرين شعارا منحها عدة مقاعد في الاتحاد الاوربي كحزب ألمانيا القومي الديمقراطي و حزب الجبهة القومية في فرنسا و حزب استقلال بريطانيا .
لعل اهم ما شهدته تلك الاحزاب في العراق هو التغيير من حيث الانقسام او الائتلاف و لا ينتهي بالانشطار .
و للجميع اسبابه ,لكن جلها يعود الى قناعة العضو نتيجة تضارب الرؤى او عدم استقرار النظام الداخلي للحزب او ان الحزب او التيار يرى من مقتضيات المرحلة ضرورة تجديد الدماء.
وانا بهذا الصدد اود اختيار التيار الصدري عينة لواحدة من تلك التيارات الساسية كمثال للظروف و لقرائة سيرته خلال الدورات الثلاث و الى ما انتهى اليه هذا اليوم فالتيار الصدري الذي تشكل في الداخل نتيجه واقع حال لقاعدة جماهيرية شعبية عقائدية من عامة الناس البسطاء و التي شهدتها الاروقه السياسة في الداخل كعنصر مفاجيء لحضوره الجماهيري و انتماءه العقائدي و المؤثر في خارطة و منحى العملية السياسية .
فمنذ بروزه كتيار سياسي فأنه تمثل بعدة شخصيات سياسية مؤثرة و على مختلف نماذج السلطة ابتداءا من الجمعية الوطنية عام 2005 و مجلس النواب 2006-2010 و مجلس النواب 2010-2014 و مجلس النواب 2014 -2018 و حتى اعلانه اليوم بتحالف سائرون نحو الاصلاح لأنتخابات 2018-2022 .
فلو تأملنا في هذه الشخصيات مثل فتاح الشيخ و بهاء الاعرجي في الجمعية الوطنية و نصير العيساوي أمير الكناني فوزي أكرم ترزي و قصي السهيل و امير الكناني و فلاح شنشل و نصار الربيعي و مها الدوري و غيرهم من الحمائم و الصقور فأن المشهد لا ينبأك بأن احد من هؤلاء استقر على ارضية تخلو من الرمال المتحركة و عملهم اشبه برياضة التزلج على البحر فاللاعب فيها بحاجة الى درجة حرارة معتدلة وسرعد رياح قوية و اخوار عميق ليواجه تلاطم الامواج السياسية التي شهدتها المرحلة السابقة.
وعلى مر جميع تلك الدورات فأن عدد المقاعد اشبه بالمستقر ولذلك سبب اساس هو ايمان الناخب الصدري بقيادته و هي صفة تتضائل عند الجهات الاخرى.
اليوم التيار الصدري شهد نقله في حضور فرسانه و مواقعهم من معركة الانتخابات و بدل من ان يخرج الى منافسية من الكتل الاخرى بنظرائهم من السياسيين فقد قرر الخوض بدماء جديدة و بلائحة محدثة.
التحالف تشكل بترجل العديد من فرسان التيار الصدري المخضرمين و بأجتماع سياسي ايدلوجي لم يلتقيا على الاقل في التاريخ العراقي المعاصر في اي حاضرة سياسية ليتمخض نموذج نتاجه التحالف هو ” تحالف سائرون نحو الاصلاح ” .
التحالف هو خطوة و نظرة جريئة في الفكر و المناورة السياسية في قراءة الواقع و هي كانت منسجمة مع مزاج الناخب العراقي الذي طالما يتطلع الى التغيير …..
هنالك كتل اخرى كانت لا تقل جرأة عن التيار الصدري مثل ” الحكمة ” في امتهان اللعبة السياسية و مجازفتها و لفظها لشيخوخة الشارع السياسي في نظرة منها الى نظامها يجب ان يكون مرخصا لدورة واحدة دون عقود من الزمن يتربع فيها السياسي على عروش عدة من المناصب,
و هنا اود تسليط الضوء على عدة نقاط في ما يخص الاستثناء في الشخصيات او تحديثها او انقسام الكتل بشكل عام
- من مقتضيات العمل السياسي لابد من ان يكون لكادره الماما بسايكلوجيا السياسي المناظر و قراءة فن اللعبة و المناورة في تحقيق الهدف و هذه صفات لا تأتي من خلال اشهر من تسلم السياسي عمله في البرلمان بل هي بحاجة الى عامل الخبرة و الدقة في قراءة تاريخ الكتل الاخرى .
- ان استبعاد العديد من الرجال سيؤدي الى التشضي و النزوع الداخلي لبعضهم وان لم يكن على الستوى القريب …… كما حصل للسيد لبهاء الاعرجي و غيرهم …..
- الاصلاح ليس بالضرورة ان يأتي بتغيير الوجوه عامة ….. بل يبدأ من تغيير مسودة النظام الداخلي و لا ينتهي بترجمة اهدافه الى قوانين عبر قبة البرلمان …..
لا اشك ان قيادات التيار لم تتذاكر الملاحظات اعلاه و هي اعمق فهما بقواعدها الجماهيرية .
لا شك ان المرحلة القادمة ستكون اعقد من سابقاتها و السؤال هنا هل يعمل النظام المحدث او الاجتماع السياسي لتحالف سائرون وفق رؤية قيادة التيار ام لا ؟
وهنا اود الاجابة ببساطة
نعم سيكون القرار السياسي لسائرون وفق الضوابط الداخلية للتحالف لان خلافه يعني انفراطه وهذا بحد ذاته نقلة نوعية داخل التيار الصدري بأتجاه العمل المؤسساتي.
رغم ان التحدي الاقليمي يفوق قدرات الجميع لان اسلاك دعم تشكيل الحكومة القادمة التي ستغذي مصابيح كابينتها الوزارية عادة ما تكون من الخارج .
فهل سيبقى السائرون سائرون؟
هذا ما يجب ان يضمنه المرشح في تحالف سائرون لناخبيه .