” أبادة الدروز بعد مجازر العلويين : سوريا تتحول إلى مسرح للتطهير العرقي تحت راية الدين والسلطة”

ما جرى في الساحل السوري من مجازر التطهير العرقي بحق العلويين ، حيث تم القتل والسبي والإبادة الجماعية تحت ذريعة “مطاردة فلول النظام”، بدأ يتكرر اليوم بنسخة جديدة تستهدف الطائفة الدرزية في مناطق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا وصحنايا و السويداء . الفرق الوحيد بين الحالتين هو تبريرات الجولاني لتنفيذ المذابح: إذا كانت حجة استهداف العلويين هي “محاربة فلول الاسد”، فإن حجة استهداف الدروز هي “القضاء على الخارجين عن القانون”. ولكن في الحقيقة، الهدف واحد: القضاء على الهويات المختلفة التي لا تنسجم مع مشروع “وطنية الجولاني” الذي يسعى نظام (الجولاني) لفرضه.

مشروع “تصحيح العقيدة”: إعلان الحرب على الهويات

قبل أكثر من عقد، كان الجولاني قد أعلن بصراحة أن “الدروز والعلويين خرجوا عن وحدة الدين و الدولة”، وأن “شرع المتطرفين يأمر بضرورة تصحيح عقيدتهم وإعادتهم إلى الإسلام الصحيح”. هذه الكلمات لم تكن مجرد تصريحات عابرة بل كانت تمهيدًا لما يحدث اليوم: قتل ممنهج وهدم متعمد لهويات دينية وثقافية مختلفة. ما نراه الآن من عمليات قتل وتهجير واستهداف للدروز ليس سوى ترجمة فعلية لهذا الفكر الاسلامي المتطرف.

في الواقع، المشروع الذي يقوده الجولاني ليس سوى إعادة إنتاج لنفس النهج الذي اتبعه تنظيماته السابقة، ولكنه يرتدي الآن ثوباً سياسياً باسم “سوريا الجديدة”. ومع ذلك،  مهما غير الأفعى من جلده لكنه يبقى أفعى.

جرائم التطهير العرقي: واقع مرير

العلويون: مجزرة الساحل السوري

في الساحل السوري، شهدنا أحد أبشع فصول الصراع السوري، حيث تعرض العلويون لمجازر جماعية تضمنت القتل والسبي والتدمير الممنهج للقرى والمدن. هذه المجازر لم تكن فقط نتيجة صراع سياسي أو عسكري، بل كانت جزءًا من مشروع أيديولوجي يستهدف القضاء على كل من يُعتبر “خارجًا عن الدين الصحيح”.

الدروز: بداية المجزرة في جرمانا وأشرفية صحنايا

اليوم، بدأت نفس السياسة بالتوسع نحو الطائفة الدرزية. الاشتباكات الدامية التي شهدتها مناطق مثل جرمانا  و السويداء وأشرفية صحنايا خلال الأيام الماضية ليست سوى بداية لهذه الحملة. القوات الحكومية والإسلاميون المتطرفون الموالون لنظام الجولاني يستخدمون ذريعة “الخروج عن نظام الجولاني المفروض” لتبرير الهجمات الوحشية ضد المدنيين.

“قوات الحكومة السورية” نفسها كانوا ضمن الجماعات الارهابية و هيئة تحرير الشام كانت و مازالت أكبر منظمة ارهابية،  و بينهم هناك الكثير من الميليشيات الإسلامية المتطرفة التي تعمل تحت غطاء وزراة دفاع الجولاني، وهي المسؤولة بشكل مباشر عن هذه الجرائم. هذه القوات لا تختلف في أساليبها عن التنظيمات الإرهابية الأخرى، فهي تمارس نفس الأساليب الوحشية من القتل والتهجير والقمع.

بيان الشيخ حكمت الهجري: صرخة اليائسين

في ظل هذا الواقع المرير، جاء بيان الرئيس الروحي للدروز في السويداء، الشيخ حكمت الهجري ، ليؤكد أن الدروز فقدوا الثقة تمامًا بالحكومة السورية . وقال الهجري بصراحة:
“لم يعد لدينا ثقة بحكومة تقتل شعبها” ، مضيفًا أن الدروز “معرضون لعمليات قتل جماعية كما حصل في الساحل السوري” .

طالب الهجري المجتمع الدولي بالتدخل لحماية الدروز، وهو طلب يعكس حالة اليأس التي وصل إليها أبناء هذه الطائفة. فالدروز، مثلهم مثل العلويين، يرون أنفسهم مستهدفين بشكل مباشر من قبل نظام يدعي تمثيل الإسلام، بينما هو في الواقع يمثل مشروعًا أيديولوجيًا متطرفًا يسعى لإلغاء كل ما هو مختلف.

سوريا الجديدة: هل هي أفغانستان جديدة؟

مشروع الجولاني في سوريا ليس مشروع بناء دولة، بل هو مشروع بناء “إرهاب الدولة” بموجبه تحولت هيئة تحرير الشام من منظمة أرهابية الى دولة ارهابية. هذا المشروع يعتمد على ثلاثة محاور رئيسية:

  • إرهاب المجتمع بالمجتمع : استخدام بعض الطوائف أو الفئات ضد الأخرى، مما يؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي.
  • إعادة إنتاج الإرهاب : تحويل سوريا إلى “دولة إرهاب بالأمر الواقع”، مشابهة لأفغانستان تحت حكم طالبان.
  • تكرير الأيديولوجيا المتطرفة : تقديم المشروع تحت شعار “دولة المواطن”، بينما هو في الحقيقة مشروع للهيمنة والاستبداد المتطرف.

نداء لليقظة: لا للتكرار التاريخي

على السوريين جميعًا، بمن فيهم السنة المعتدلون، أن يفهموا أن مشروع الجولاني ليس مشروعًا وطنيًا أو دينيًا حقيقيًا، بل هو مشروع تخريبي يهدف إلى السيطرة الكاملة على سوريا دكتاتورية لا تقبل بالرأي و الرأي الاخر و لا بالمساوات و التعددية. إن لم يتم التصدي لهذا المشروع الآن، فإن سوريا ستتحول إلى دولة جديدة للإرهاب والتطهير العرقي.

كما أن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويتدخل لوقف هذه المجازر. فالدروس السابقة واضحة: عندما يتم تجاهل المجازر، فإنها تستمر وتتسع دائرة ضحاياها. من هنا، كان طلب الشيخ حكمت الهجري بالحماية الدولية أمرًا ضروريًا وملحًا.

الخلاصة: سوريا تتجه الى أرهاب دولة و سيطرة المتطرفين

سوريا، بعد أكثر من نصف قرن من الخراب على يد الأسد، أمام تحول ارهابي كبير: فهي و تحت ظل حكم الجولاني سوف لن تكون دولة لكل السوريين بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم  و مشروع الجولاني هو مشروع سوف لن يبقى ضمن الحدود السورية بل سيتحول الى دولة بديلة عن ايران يهدف إلى بناء دولة إرهابية تعيد إنتاج الافكار الاسلامية المتطرفة السنية بدل الشيعية.

السؤال الآن: هل سيستيقظ السوريون ويفهمون خطورة هذا المشروع؟ وهل سيتحرك المجتمع الدولي لمنع سوريا من أن تصبح “أفغانستان جديدة” أو أيران سنية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *