إيران والصراع مع إسرائيل: ماذا جنت إيران والشيعة من هذا التورط؟ أليس من الافضل لهم الانسحاب من هذه المواجهة؟ هشام عقراوي

مقدمة: الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كقضية قومية:
الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو في جوهره صراع قومي، يهدف إلى تحرير الأرض العربية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس. هذا الصراع ليس صراعًا دينيًا بحتًا، بل هو قضية عربية قومية تعبر عن حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير. ومع ذلك، فإن إيران التي تتبنى سياسات قائمة على “تصدير الثورة الإسلامية” وفقًا لولاية الفقيه، اختارت أن تكون طرفًا رئيسيًا في هذا الصراع منذ ثورة 1979 و تطرح نفسها الحامي و الراعي للقدس و للحرب العربية الاسرائيلية. لكن السؤال المطروح: ماذا جنت إيران والشيعة عمومًا من هذا التورط؟ وهل من الأفضل لهم الانسحاب من هذه المواجهة؟

  1. تدخل إيران في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كان مدفوعًا بعدة عوامل:

الأيديولوجيا الثورية: بعد ثورة 1979، سعت إيران إلى تصدير نموذجها الإسلامي الثوري إلى العالم العربي والإسلامي، واستخدمت القضية الفلسطينية كأداة للترويج لهذه الأيديولوجيا.
معاداة الولايات المتحدة: إيران تعتبر إسرائيل حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، وبالتالي فإن معارضة إسرائيل كانت جزءًا من استراتيجية إيران لمواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
التعاطف الشعبي: القضية الفلسطينية تحظى بدعم شعبي كبير في العالم الإسلامي، وإيران استغلت هذا الدعم لتعزيز مكانتها الإقليمية. هذا التعاطف كان في بداية الثورة الاسلامية الايرانية و لكن الان لم يبقى هذا التعاطف الشعبي لأستمرار أيران في معادات أسرائيل.

2. ماذا خسرت إيران من الصراع؟
عزلة إقليمية: معظم الدول العربية والإسلامية، بما في ذلك السعودية ومصر، لا تعترف بإيران كلاعب إقليمي شرعي بسبب سياساتها الطائفية وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى.
خسائر اقتصادية: العقوبات الأمريكية والأوروبية على إيران، والتي تمثل جزءًا كبيرًا منها رد فعل على موقفها المناهض لإسرائيل، أضرت باقتصادها بشدة.
توتر العلاقات حتى مع السنة المسلمين: العديد من المسلمين السنة يعتبرون إيران طائفية وتسعى لنشر نفوذها الشيعي في العالم العربي، مما أدى إلى تفاقم الانقسامات الطائفية.
استنزاف موارد: دعم إيران لحركات مثل حزب الله وحماس والحوثيين يتطلب موارد كبيرة، بينما يمكن استخدام هذه الموارد لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي داخل إيران.

3. هل من مصلحة إيران الانسحاب من الصراع؟
نعم، من المنطقي أن يكون من مصلحة إيران الانسحاب من الصراع مع إسرائيل لأسباب متعددة:

تحسين العلاقات الإقليمية: الانسحاب قد يفتح الباب أمام تحسين العلاقات مع الدول العربية، كما حدث مع السعودية في اتفاقيات التطبيع الأخيرة.
رفع العقوبات: تخفيف التوتر مع إسرائيل قد يؤدي إلى تخفيف الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية على إيران.
تركيز الجهود الداخلية: يمكن لإيران أن تركز على حل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من الانخراط في صراعات خارجية لا تخدم مصالحها المباشرة.
تجنب الاستنزاف العسكري: الحروب بالوكالة، مثل تلك التي تخوضها إيران في اليمن ولبنان، تستنزف مواردها دون تحقيق نتائج ملموسة.
4. ماذا عن الحوثيين وحزب الله؟
الحوثيون في اليمن: الحوثيون، الذين يعتمدون بشكل كبير على دعم إيران، يخوضون حربًا ضد تحالف قادته السعودية المسلمة ضدهم،و السعودية و دول الخليج في تقارب مستمر مع إسرائيل. و الحوثيين يجدون أنفسهم في موقف ضعيف وغير مدعوم دوليًا. فلماذا يخوضون حربا ضد أسرائيل في الوقت الذي جميع الدول العربية و حتى سوريا الحالية يحاولون متحالفون مع أسرائيل؟
حزب الله في لبنان: حزب الله يواجه ضغوطًا متزايدة داخل لبنان بسبب سياساته المناهضة لإسرائيل، والتي أدت إلى عزلة لبنان اقتصاديًا وسياسيًا. ليس فقط هذا بل تركهم العرب المسلمين و حيدين في حربهم ضد اسرائيل حتى الفلسطينيين تخلوا عنهم. فهل هم فلسطينيون أكثر من الفلسطينيين أنفسهم.  الجنة طريقها ليس القدس.
السؤال هنا: هل يستحق الأمر أن يواصل هؤلاء القتال من أجل قضية ليست أساسًا قضيتهم؟

5. لماذا يجب ترك الصراع للعرب؟ هذا أن كان العرب مستعدين لخوض هذا الصراع. 
الصراع قومي وليس طائفي: القضية الفلسطينية هي قضية عربية قومية، ولا يوجد أي دور تاريخي أو سياسي للشيعة في تشكيل دولة فلسطينية. العرب الفلسطينيون هم من الطائفة السنية، وبالتالي فإن أي محاولة لإيران أو الشيعة لقيادة هذا الصراع ستكون غير مقبولة و هي أصلا غير مقبولة و يقابلهم تحالف عربي أسرائيلي ضد ايران.
القدس مدينة لكل الأديان: القدس ليست قضية إسلامية فقط، بل هي مدينة مقدسة لليهود والمسيحيين أيضًا. التركيز على “تحرير القدس” كشعار طائفي يزيد من تعقيد الصراع. القدس دائما كانت مركزا لكل الاديان و مسألة أولى القبلتين و غيرها هي فقط شعارات كانت دينية لأعطاء الاهمية الدينية للقدس و بعدها تم أستغلالها لقضايا سياسية.
6. هل يمكن لإيران أن تكون قوية بدون الصراع؟
بالتأكيد. إيران لديها مقومات قوة كبيرة، بما في ذلك موقعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية، وشعبها المتعلم. إذا تبنت سياسة خارجية براغماتية، يمكنها أن تحقق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة دون الحاجة إلى الانخراط في صراعات لا تخدم مصالحها.

 الخروج من الصراع خيار استراتيجي
على إيران أن تعيد النظر في سياساتها الخارجية وأن تترك الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي للعرب، لأنه صراع قومي وليس طائفي. الانسحاب من هذا الصراع سيسمح لإيران بتحسين علاقاتها الإقليمية، رفع العقوبات، وتركيز جهودها على التنمية الداخلية. أما بالنسبة للحوثيين وحزب الله، فإن الاستمرار في هذه الحرب الخاسرة سيؤدي فقط إلى مزيد من الخسائر دون تحقيق أي مكاسب حقيقية و لربما ستكون نهايتهم في هذا الصراع الذي لا ناقة لهم فيها و لا جمل.

3 Comments on “إيران والصراع مع إسرائيل: ماذا جنت إيران والشيعة من هذا التورط؟ أليس من الافضل لهم الانسحاب من هذه المواجهة؟ هشام عقراوي”

  1. الأخ المبدع هشام عقراوي تحية طيبة ، مقالك وتحليلك رائع ، الكورد والدول العربية سوف يرحبون بأي قرار إيراني للإنكفاء إلى الداخل لأنهم لا حول ولا قوة لهم لكن بالنسبة لإسرائيل وأمريكا فهذا غير كافي ، عليها ( أي إيران ) أن تدفع الثمن ، ثمن تورطها وسيكون الثمن كبيراً فلا تغرنك المفاوضات والسكوت الإسرائيلي فهؤلاء يعرفون كيف ومتى ينتقمون ، فلن ينفع الإنسحاب ولا المهادنة ولا بعض التنازلات الإيرانية وكما يقول المثل العراقي ( أصبحت مثل بلاع الموس ) ، والأيام القادمة ستثبت ذلك

    1. تحياتي لأخينا العزيز الدكتور كامل المحترم
      نعم أخي العزيز أيران ورطت نفسها في أزمات و حروب كثيرة هي ليست من مهامها أبدا. و حتى الاطراف التي تعمل أيران من أجلهم لا يعيرون لأيران أية أهمية. باكستان الاسلامية حصلت على السلاح النووي لأنها تحت الجناح الامريكي. كان بأمكان أيران أيضا التمتع بالكثير من أنواع الاسلحة لو لم تحمل شعار الشيطان الاكبر و الحرب ضد أسرائيل. بأعتقادي المصالح هي التي تدير الدول و العلاقات الدولية. أسرائيل عقدت أتفاقيات سلام مع أعتى أعدائها من الدول العربية التي حاربت أسرائيل و قتلت الالاف من الاسرائيليين. بأعتقادي لو تنازلت أيران بشكل جدي و كانت مستعدة لعقد أتفاقية سلام نهائية مع أسرائيل فأن ترامب بذبذباته سوف يفرح بذلك. و الاتفاقية يجب أن تشكل حزب الله و الحوثيين أيضا و عليهم فتح السفارات الاسرائيلية في دولهم عندها ستتغير المعادلة. على العكس فأن العرب السنة المسلمون سوف ينجبرون أما بالتنازل لأسرائيل أو خوض الحرب بأنفسهم ضد أسرائيل. الان جميع جهود أيران و حربها ضد أسرائيل تذهب الى جيوب شيوخ الخليج و باقي الدول العربية التي هي قامت بتطبيع العلاقة مع أسرائيل.
      تقبل أحترامي و شكرا لمروركن الكريم.
      أخوكم
      هشام عقراوي

  2. الشجرة التي لا تنمو على أصلها لا تنتج ثمراً أبداً, هكذا هم إيران وكل الشيعة المستعربة ، فقضيتهم هي ضد أهدافهم وهم في المصير مع إسرائيل لكنهم يُعادزنها ويكون الفشل نصيبهم في جميع الصفقات , تماماً حالهم حال الكورد , وفي بداية ثورات الربيع العربي قلنا أن الحرب في الشرق الأوسط هما جبهتان : كتلة المحور وهم إسرائيل وإيران(بضمنهم جميع شيعة الشرق الأوسط ) والكورد وكتلة الحلفاء وهم تركيا وجميع العرب, كتلة الحلفاء متماسكة ومتناسقة ومتعاونة ويكون النصر حليفها, أماكتلة المحور فهم أعداء لبعضهم والفشل مصيرهم لكن إسرائيل معتمدة على نفسها وقنبلتها النووية قد تحتفظ بوجودها لمدة غير قصيرة إلا أن حلفاؤها الأغبياء فلهم الموت الزؤام طال الزمن أو قصر وشكراً

Comments are closed.