مرت ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد ، لكن سوريا ما زالت تُنزف. فبدل أن تكون هذه الفترة مرحلة انتقال نحو استقرار وبناء دولة مدنية جديدة، تحولت إلى مصدر رعب جديد للشعب السوري ، حيث قُتل خلالها 7670 شخصاً في مختلف المحافظات ، وفقاً لتقرير حديث أعدّه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويوثق التقرير الانتهاكات التي طالت المدنيين والعسكريين والسياسيين والدينيين منذ 8 كانون الثاني 2024 وحتى 6 حزيران 2025 ، مؤكداً أن “الثورة لم تُنتج بعد دولة، بل أفرزت فراغاً سياسياً وأمنياً استفادت منه الجماعات المسلحة، وأعادت إنتاج العنف الطائفي والمذهبي تحت غطاء الثورة أو الإسلام السياسي أو حتى المصالح الخارجية “.
الضحايا: 7670 قتيلاً.. ومعدلات العنف لا تنخفض
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن “القتلى المدنيين بلغ عددهم 5784 شخصاً، من بينهم 306 أطفال و422 امرأة “، وهو رقم يُظهر أن “الفئات الأكثر ضعفاً هي الضحية الرئيسية لانفلات الأمن وتزايد عمليات القتل العشوائي والتصفية السياسية والدينية “.
وبحسب التحليل الوارد في التقرير، فإن “ما يقارب 75% من الضحايا هم من المدنيين، أي أن الحرب لم تعد فقط بين الفصائل، بل أصبحت تستهدف السكان العزل بشكل متعمد “.
تصاعد العنف.. وغياب الدولة الجديدة
ورغم التغيّر السياسي الذي جرى، فإن “سوريا ما زالت بدون دولة حقيقية، وبدون جيش واحد حقيقي يمثل كل السوريين، وبدون مشروع وطني شامل يضم الكرد والعلويين والدروز والسنة المعتدلين والأقليات الدينية كافة “.
ويضيف التقرير أن “الانقسامات الداخلية بدأت تتسع، خاصة مع تصاعد التوتر بين الحكومة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع، وسكان السويداء وجبل العرب، الذين رفضوا تسليم سلاحهم دون ضمانات حقيقية لحقوقهم ضمن الدستور الجديد “.
هل بدأت سوريا مرحلة “الإبادة المجتمعية”؟
يرى الخبراء أن “ما يحدث في سوريا ليس مجرد انفلات أمني، بل هو إعادة تشكيل للمجتمع السوري، عبر خطاب إقصائي يستخدم أدوات القتل والتشريد والتحريض، بدلاً من الحوار والعدالة والشراكة “.
ويحذر التقرير من أن “الانقسامات المجتمعية قد تتحول إلى حرب أهلية جديدة، إذا لم تُتخذ خطوات عاجلة لإعادة بناء الثقة بين المكونات، ووقف عمليات التصفية والاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية ودينية وعسكرية “.
كما يدعو إلى “ضرورة إطلاق مؤتمر وطني جامع، يضم جميع السوريين، لوضع أسس الدولة المدنية الحديثة، ورسم خريطة جديدة للتشارك السياسي والاجتماعي، بعيداً عن الإملاءات الخارجية أو النفوذ التركي – الأمريكي – الإيراني – الإسرائيلي “.