أسرائيل و أمريكا نجحتا في أخضاع”التطرف السني” و تحويلهم الى عملاء، ماذا لو نجحتا مع التطرف الشيعي ايضا؟ هشام عقراوي

في ظل التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة في سوريا والعراق، وسط تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، وتكرار الضربات الصاروخية الجوية من الطرفين، يطرح السؤال التالي:

ماذا لو نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل في إخضاع الإسلام السياسي الشيعي أيضا، كما فعلت سابقاً مع الإسلام السياسي السني، عبر شبكة من التحالفات الاستخبارية، وتحويل بعض القوى الإسلامية إلى أدوات تخدم المصالح الغربية والإسرائيلية؟ وهل هذا يعني نهاية للصراعات الطائفية، أم أن الخلاف سيبقى مفتوحاً، لكنه سيكون تحت رعاية خارجية جديدة؟


التجربة التاريخية: كيف استخدمت أمريكا الخلاف الصيني – السوفيتي لخدمة مشروعها؟

خلال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية استغلال الخلاف العميق بين الصين الماوية والاتحاد السوفيتي الستاليني ، الذي كان يُعد آنذاك صراعاً أيديولوجياً داخلياً داخل المعسكر الاشتراكي، لتُضعف الجانبين دون أن تُنهي وجودهما.

  • دعم واشنطن للصين في سبعينيات القرن الماضي، عبر زيارة نيكسون التاريخية، لم يكن فقط لإضعاف الاتحاد السوفيتي، بل لـ”إعادة ترتيب العلاقات الإقليمية بما يخدم السياسة الأمريكية في آسيا “.
  • الخلاف بين بكين وموسكو لم يُدمَّر عبر هذه الخطوة، بل استمر ضمن حدود محددة، بينما بدأت “الصين تتحول إلى شريك اقتصادي محتمل، بينما بقي الاتحاد السوفيتي مستهدفاً حتى سقوطه عام 1991 “.

لكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، “بدأت واشنطن بالتخوف من عودة روسيا والصين إلى علاقة متينة مرة أخرى، خاصة مع تصاعد التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين اليوم “، وهو ما يُظهر أن “الخلافات العميقة لا يمكن الحفاظ عليها إذا لم تكن هناك مصلحة استراتيجية مستمرة “.


سوريا والعراق اليوم.. هل تستطيع أمريكا وإسرائيل استخدام الإسلام السياسي كأداة في لعبة أكثر تعقيداً؟
البند
الشرح
الإسلام السياسي السني المتطرف
تم “إعادة تدويره” عبر شخصيات مثل أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، الذي قاد تنظيم “جبهة النصرة” سابقاً، وانقلب على القاعدة، ثم حكم دمشق باسم الثورة، وهو الآن يُعتبر أحد أبرز العملاء المحتملين لأمريكا وتركيا وإسرائيل في إعادة تشكيل المنطقة.
الإسلام السياسي الشيعي المتطرف
يمثله اليوم إيران وفصائلها المسلحة في العراق ولبنان واليمن، وهي تواجه ضغوطاً كبيرة، سواءً عبر العقوبات أو الهجمات الإسرائيلية أو الانقسامات الداخلية، مما يفتح المجال أمام احتمالية تكرار نفس النموذج، حيث يتم “استخدام الخصوم كعملاء”، بعد أن يُعاد تشكيل خطابهم السياسي أو الأيديولوجي ليتماشى مع المصالح الأمريكية – الإسرائيلية**”.
السيناريوهات المحتملة في حال إرضاخ الإسلام السياسي الشيعي
السيناريو الأول: إضعاف إيران واستبدال نظامها الإسلامي الشيعي بنظام ليبرالي موالي
  • النتيجة:
    • إضعاف الدور الإيراني في المنطقة.
    • انحسار النفوذ الشيعي في لبنان والعراق وسوريا.
    • تراجع التمثيل الثقافي والسياسي للأقلية الكردية والبلوشية والأذرية داخل إيران.
    • الكورد والدروز لن يكونوا الرابحين هنا، بل سيتم استخدامهم كأطراف ثانوية في لعبة أكبر منهم .
السيناريو الثاني: تقسيم فئات الإسلام السياسي الشيعي وبناء شراكات مع البعض
  • النتيجة:
    • تكوين شبكة استخبارية داخل إيران، تضم بعض الشخصيات الشيعية المعارضة.
    • تحويل هذه الفئة إلى أداة ضغط على النظام الإيراني.
    • استمرار التوتر مع باقي القوى الشيعية المتطرفة.
    • الكورد الإيرانيون قد يصبحون مرة أخرى أدوات في الحرب الأمريكية – التركية – الإسرائيلية ضد إيران، دون أن يحصلوا على أي ضمانات حقيقية لحقوقهم .
السيناريو الثالث: تسوية شاملة بين الإسلام السياسي الشيعي والسنة تحت غطاء أمريكي – إسرائيلي
  • النتيجة:
    • إنهاء الخلافات الطائفية بين الجهادية السنية والشيعية.
    • إعادة تشكيل العلاقة بين هذه الجماعات والدولة في سوريا والعراق.
    • إدخال هذه الجماعات في إطار جديد يُعيد تعريف العلاقة مع الغرب.
    • الخطر الحقيقي هنا هو أن هذا النوع من التسوية لن يشمل المكونات غير العربية أو غير الإسلامية، مثل الكرد والدروز، الذين سيجدون أنفسهم خارج المعادلة السياسية مرة أخرى .
هل تستطيع أمريكا وإسرائيل السيطرة على الاثنين معاً؟

لا شك أن “الإدارة الأمريكية وإسرائيل تمتلكان الخبرة الكافية في إدارة الصراعات بين التيارات الإسلامية “، وقد استخدما “القاعدة وداعش والنصرة وتحرير الشام ” كأدوات في مرحلة واحدة، ثم حوّلتها إلى “أعداء استراتيجيين ” في مرحلة أخرى، حسب الحاجة.

لكن في الوقت الحالي، يبدو أن “الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان على تحويل الإسلام السياسي من أداة صراع إلى أداة شراكة “، حيث:

  • أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) يُعامل كشريك استراتيجي في دمشق .
  • الجماعات الشيعية الموالية لإيران تُعامل كخصوم مؤقتين، يمكن استبدالهم أو إدارتهم عبر وكلاء موالين .
هل سيستمر الخلاف بين الإسلام السياسي السني والشيعي؟

قد يبدو أن “الخلاف بين الإسلام السياسي السني والشيعي عميق جداً، ويحمل بُعده التاريخي منذ 1500 سنة “، لكن الواقع يقول إن “الصراعات الطائفية لا تُنتج فقط عن الدين، بل عن السياسة أيضا، وعن استخدام الدين كأداة للهيمنة أو للتمرد “. و في حالة وجود دعم أمريكي أسرائيلي لأدامة الخلافات الدينية و السياسية بين الشيعة و السنة فأن الطرفان مستعدان لأادامة هذا الخلاف بل و حتى الحرب الطائفية لعقود أخرى.

ماذا سيحصل في حالة سقوط نظام ولاية الفقية الايراني؟

في حال سقوط نظام و لاية الفقية الايراني فأن النزعة الانفصالية للكورد و عرب الاحواز و الازريين و اليلوش  و غيرها من القوميات المتواجدة في أيران ستظهر الى العلن لفترة قصيرة جدا و خاصة القوميات الغير شيعية في أيران. ألا ان التوازنات الدولية ستجعل مرة أخرى من أمريكا و أسرائيل تحاول الابقاء على الحدود الايرانية الحالية من أجل منع أنشاء دولة شيعية صرفة على غالبية الاراضي الايرانية. لأن ضم بعض السنة الى الاراضي الايرانية يأتي أيضا من سياسات أضغاف الشيعة في أيران و العراق و  منع حصولهم على دول شيعية المذهب و بالتالي تمتع المنطقة بالاستقرار السياسي و الديني فخارطة العراق و تركيا و دول المنطقة قد تم رسمها بدقة بحيث يكون عدم الاستقرار العامل المشترك بين الجميع و يعطي للدول الكبرى فرصة التدخل متى ما أرادوا.

الخلاصة:

اسرائيل و أمريكا حتى لو عملتا على أسقاط نظام ولاية الفقية الايراني الشيعي فأن أيران يجب أن تبقى شيعية المذهب و الحكومة. فالحكم الصفوي لم يتم الاطاحة به حتى قبل نشوء أسرائيل. أذن تقسيم المنطقة الى مناطق نفوذ شيعية و سنية هي ليست ولادة اليوم بل أنها مسألة توازنات دولية و تأريخية.

طموح أمريكا و أسرائيل قد يكون فقط أنشاء نظام حكم حليف لأمريكا و أسرائيل في أيران دون المساس بخارطة المنطقة تماما كما حصل في سوريا التي بمرور الزمن ستتحول الى دولة عميلة لأمريكا و سيتم أنهاء جميع التنظيمات الاسلامية السنية المتطرفة في العراق و سوريا. تلك المنظمات لم تظهر أصلا الا بدعم دول تابعة للناتو و وصلوا الى سوريا و العراق عبر الحدود التركية و الايرانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *