تتغير العادات وتبنى وتطور نفسها تبعا للمكان والزمان المتولدة فيه، يشاع في المطاع العراقية الشعبية
غالبا مصطلح “شيش عوازة” والمقصود بيه ان الزبونيقدم له الطعام وفقا للطلبه، وفيما اذا انهى طلبه
دون ان يسد جوعة يدعى له ببعض الطعام الذي لا يدرج ضمن قائمة الحساب فهو بمثابة الكرم لزبون من
قبلصاحب المطعم، الغاية منه سد حاجة الوافد حتى الاشباع، غالبا مايتميز هذا الطلب بقلته وعدم الاعتناء به،
من ناحيته
تقديمه وترتيبه في الاناء قد يكون بسببمجانيته، وعلى الاغلب يستخدم مصطلح شيش عوازة مع طبق الكباب
المشهور بكثرة في المطاعم العراقية.
يشابه مسمى شيش عوازة الى الدرجة الوظيفية التي اطلقتها وزارة التربية العراقية منذ فترة قريبة بعنوان
“محاضر بدون اجر” ففي طياته تحمل معنى شيشعوازة، فجميع الوظائف بالعالم ليس بالعراق فحسب، يلاقي
موظفيها اجرا يتقاضوه مقابل عملهم قد يتباين مقدار المرتب بحسب الوظيفة و قدرة الشخص، عانتالتعينات
في عراق الحاضرة وبلد سومر واشور منذ عام 2003 من شحة الوظائف المتوفرة لطلبة الخريجين بصورة بشعة،
قد يعود السبب في ذلك لزخم حامليالشهادات وتوجه غالبية الشعب لاكمال تعليمهم، فقد حرموا الاغلب منهم
من فرصة التعليم ايان الحكم الصدامي لسوء الوضع المعيشي وترديه، فترك البعضمدارسهم والتحقوا بسلك السوق
الحر لتوفير لقمة عيش لهم ولعوائلهم.
(شر البرية مايضحك) يشاع هذا القول بين شعبنا العراقي لدرجة اصبح تغيره شي واجب فنقول ( شر العراق مايضحك)
ان توفير فرص عمل هو شي غيرعقلاني قد يعجر عن تفسيره رواد التصوف والفلسفة امثال “عين القضاة” والتبريزي
فاين منهم لايجد تعليلا واضحا لهذا العمل الذي اطلقه مجلس الوزراء قبلفترة ونحن على علم، ان غالبية القرارات
الصادرة من الوزارة هي بموافقة معالي وزير التعليم العالي والبحث العملي وكذلك السيد رئيس الوزراء، ساحدثكم
بماهو ادهى من هذا، فهناك بعض الخريجي يبحثون عمن يسهل لهم قبولهم في مثل هذا الوظيفة، على امل ان
تتغير بتغير الزمن وتتحول ل”محاضر مع اجر” فياجل غير مسمى.
مايزيد الطين بلة في بلد العجائب عدة امور اهما تسلط الاحزاب الحاكمة واحتكارها للتوظيف والتعين في اغلب الوزارات
لا بل جميعها، جعل ممن احتفظوابوطنيتهم واستقلالية انتمائهم يعانون الامرين في امكانية توفر فرصة عمل لهم في
القطاع الحكومي، وهناك من امسك زمام الامور في التعيينات واخذ يضع المبالغالخيالية للحصول على وظيفة براتب
قد يحتاج المتوظف فيها الى عدة سنوات لسد هذه المبالغ.
لكل داء دواء كما سمعنا، وان الخروج من هذه الازمة لا تحمل عدة خيارات سوى خيار واحد فقط، هي التحرك
من دائرة السكون والتخبط بالوعود الكاذبة،والتملص من المسؤولية والاتكال على الغير، وانتظار المنقذ ” سوبر
تعين مان” وهو يحلق في سماء الخريجين العاطلين عن العمل، مزيح هذه الغمة عن هذاالامة! كأن الشاعر
“محمود البارودي” قد نعى هذا الشريحة منذ قديم قدم بقوله؛ كذي جرب يلتذ بالحك جلده يرى الضيم يغشاه
فيلتذ وقعه