تركيا مستغلّة صَمتَ العالم، تتحدى وتهدّد العالَم.. فهل سيدوم صَمت العالم؟- بقلم: فرياد ابراهيم

 

غزت اوربا بطوفان اللاجئين حتى عدّ الخبراء بالحروب والكوارث انها اخطر تهديد لأوربا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى دبّت الخلافات والانشقاقات بين الدول الاوربية من جراء ذلك وهددت بانهيار الاتحاد الاوربي

استغلت تركيا الصراع الروسي -الامريكي على سوريا ولعب على الحبلين فانضمت الى اكثرهم تأثيرا هناك : روسيا رغم كونها عضوا في حلف الناتو فتحالفت معها فغزت عفرين

وقبل ذلك استغلت تركيا الضعف الامريكي برآسة دونالد ترَمب -والذي وبشهادة الامريكان انفسهم – اقرب الى التجار منهم الى رئيس دولة عظمى

ومن ثم ذكاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودهائه وحنكته السياسة في ادارة المعارك في سوريا وفرض سيطرته هناك كليا مستغلا هو بدوره الضعف الأمريكي وصمت الحلف الأطلسي، يساعده في كل ذلك تحالفاته الستراتيجية مع النظام الايراني والنظام السوري وحزب الله ، فصار هو القوة العظمى المهيمنة على المنطقة

وصارت تركيا بذلك عضوا في حلفين متضادين في نفس الوقت:

الحلف الأطلسي الأمريكي والمحور الروسي الإيراني ، وحلف الزلاطة اقرب الى المعنى

وقبل ذلك تحالفت تركيا مع كوردستان باشوور ليتفرغ لكوردستان باكور- وكوردستان روزآفا ، ليعود الى باشور ولو بعد حين لضربهم الضربة القاضية

وعادت مستغلة ومستفيدة الاستفتاء فوجهت بذلك طعنة قاتلة لصاحبها الوالي بالتحالف مع العراق وايران وذلك من أجل القضاء على اية مقاومة كوردية وحصرهم حصرا وقتلهم جوعا

ولما تمّ لها ذلك تفرغت للشأن السوري.. وتم لها هناك ما أرادت ، وعفرين-للعلم- لن تكون الأخيرة

كل ذلك مستفيدة من الخلاف الكوردي الكوردي والروسي الامريكي ، فصارت بين عشية وضحاها سيدة الموقف بلا منازع

ولاتنسوا سكوت إسرائيل عمّا يجري في سوريا والمنطقة ولو انه أمر منطقي، فإسرائيل لا تدخل فيما لا يعنيها ولا يمس بأمنها وسيادتها الوطنية، رغم ذلك يلاحظ ان هناك تواطئا وقبولا خفيا لما يجري في عفرين خاصة والشأن الكوردي عامة، فتركيا تنفذ- عن قصد او لا قصد- مهمة اساسية فيما يخص الأمن القومي الإسرائيلي. فإنشاء منطقة عازلة سنيّة بين ايران والأسد وحزب الله هو من اولى أولويات السياسة الأمنية للدولة العبرية  ، ليس هذا فحسب بل من اولويات السياسة الخارجية الأمنية الإستخباراتية السعودية.

وها هم الترك والروس يأكلون ثمرتها والعالم يتفرج ازاء ما يعملون ويعبثون صامتين متفرجين

وكلما تصاعد احتجاج من دولة اوربية هددتهم تركيا بطوفان الملايين وجيش من الدواعش-تركيا في الحقيقة غزت اوربا قبل ان تغزو عفرين وذلك عن طريق الجالية التركية الكثيفة وعناصرههم الاستخباراتية المنتشرة في كل مكان،  والعناصر الإرهابية المتنكرين في زي الجالية التركية والمهاجرين الترك الشرعيين وغير  الشرعيين- بصراحة اوربا تخشى من مكرهم وبطشهم وعنصريتهم

وناهيك عن الغزو الثقافي عن طريق المسلسات التركية السخيفة والمدارس التركية التعليمية وهي بالأساس تمجد المنهج العثماني البغيض.

كل هذه العوامل الموضوعية : من ضعف ترامب ووزير خارجيته السابق وقوة الروس وتنافسها في امتلاك المنطقة ، مضافا اليها العامل الذاتي التركي الخبيث المراوغ واللاعب على كل الحبال، كل ذلك سهّل لتركيا مهمة تنفيذ مطامعها الاستعمارية العثمانية في المنطقة، وهناك احتمالات توسعها على اراضي شاسعة من سوريا والعراق ، وكل ذلك على حساب الكورد وكوردستان ، وكل ذلك تحت ذريعة محاربة حزب العمال الكوردستاني الذي ما بقي لهم وجود سوى بالاسم

وهل سيبقى العالم الحر متفرجا على جرائمه بحق الانسانية؟ وهل ستستمر الامم المتحدة في صمتها او تتحرك؟ انها لا تتحرك ، عاجزة عن اتخاذ اي قرار لأنها مشلولة بوجود الفيتو الروسي

والجدير بالذكر ان ضعف الدور الامريكي- ترامب في المنطقة هو العامل الأول لتدخل الدول الاقليمية الكبيرة في شؤون الدول الصغيرة. ترَمب الذي جاء الى الحكم نتيجة التزوير في أصوات الانتخابات الامريكية من قبل الإستخبارات الروسية وذلك بالتلاعب في اجهزة الانترنت وشبكاتها العالمية- فضيحة لا تزال شبه مطوية  وستطفوا الحقائق الى السطح بعد حين بصورة أوضح- وهذا ما أراده بوتين الداهية: رئيس مهرِّج للدولة العظمى

واخيرا..ماذا سيردع العنف والغزو التركي بعد كل ما حدث؟

أين المخرج من كابوس العثمانية الجديدة وتعنتها وتحديها للإرادة الدولية؟

ومتى سيصحو الأكراد؟

ومتى ستصحو أوربا؟

كورديا الصحوة المثالية تعني: تشكيل جيش نظامي تنضم اليه كل القوات الكوردية المسلحة من الجهات الأربعة وتحت قيادة مشتركة موحدة تتخذ لها مقرا سريّا على المثلث الحدودي..

أما اوربيا- فبيدها المفتاح السحري – فلا يهم التاجر الأمريكي ترامب سوى مص المليارات من شيوخ الخليج – فقط اوربا قادرة على قصم المعتدي المستعمرالداعشي المهدّد للأمن العالمي، هذا إن أرادت ذلك،  أوبالأحرى إن أضطرت إلى ذلك.

هولندة قطعت علاقتها الدبلوماسية مع تركيا ودانمارك قد تكون الثانية وقد ساءت العلاقة بين بريطانيا وروسيا مؤخرا

وألمانيا وفرنسا وباقي الدول ستنضم او انضمت فعلا الى الحلف الأوربي لمواجهة التعدي والتحدي التركي التي فاقت عراق-صدام في جرائمها بحق الإنسانية وبتهديد الأمن العالمي

 وهناك احتمال ان تعيد امريكا -وبعد تعيين وزير خارجيتها  الجديد – ان تعيد النظر في سياستها وعلاقتها تجاه كوردستان ..

وكل ذلك قد يواجه برد روسي- لكن هذ الأخير قد تعيد سياستها في المنطقة ان رأت ان وقوفها بجانب طاغية تضر بإقتصادها، وهي تعلم جيدا مدى تذبذب الجانب التركي في مواقفه وتكتيكاته ومراوغاته وأكاذيبه..

هناك اجتماع قريب بين الثلاثي الروسي والتركي والإيراني

فإن تمخض هذا الاجتماع عن إجماع في اعادة رسم خارطة المنطقة ، فهذا يعني أن المنطقة والعالم سيشهدان وضعا دوليا جديدا وحلفا دوليا ثلاثيا جديدا ستقف على النقيض والضد من حلف شمال الأطلسي؟

وحينها سيسقط دور تركيا في الناتو والذي تم قبولها في الإنضمام الى الحلف أصلا للحيلولة دون انضمامها الى المعسكر الروسي…

وإن لم تطرد تركيا من الحلف، فهذا يعني بما لا يقبل الشك انّ الحلف متواطئ معها

فهل المواجهة القادمة ستكون بين حلف الأطلسي والعضو المتمرد على أعرافه وقوانينه والقوانين الدولية – تركيا؟

المستقبل القريب سيجيب على هذا السؤال.

***

فرياد

18- آذار-2018

One Comment on “تركيا مستغلّة صَمتَ العالم، تتحدى وتهدّد العالَم.. فهل سيدوم صَمت العالم؟- بقلم: فرياد ابراهيم”

  1. ١: ليست العبرة أن تتسلق جبلاً ، بل العبرة أن تبقى على قمته أو تنزل منه سالماً ؟

    ٢: صدقني كل ما يجري ليس أكثر من أنتقام للماضي بادوات الحاضر ، فإيران تنقم من القادسيتين ، وكذالك الامر غداً مع الترك والروس ولو بعد حين ، أما الامريكان فلقد ذاقوا غدر شيعة العراق وقبلهم شيعة ايران ، ولا يهمهم من يموت شهيداً أو فطيساً ، وكذالك الامر مع قادة كورد العراق ، فلقد طغوا وفسدوا واستأسدوا ، ونصفهم صار عبداً لملالي قم وطهران ، والنسف الاخر صارو ذيول للملا المزيف أردوغان ؟

    ٣: وأخيراً…؟
    صدق من قال { من لا يعرف تدابيره ، بغلة تأكل حنطة وهم شعيرة } وما بقى من شعب والعراق وسوريا لا يستحق تسعيرة ، سلام ؟

Comments are closed.