لقد نفذت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تهديداتها، وشنوا سويآ هجوما صاروخيآ مشتركآ بالصواريخ على مواقع داخل دمشق وخارجها فجر اليوم السبت. مستخدمين فيه صواريخ متنوعة، وعلى رأسها صواريخ توماهوك وكروز. واستهدفت تلك الصورايخ بعض المواقع العسكرية والعلمية التابع لقوات النظام السوري في دمشق ومحيطها. ومن أهم الأهداف التي تم قصفها: هو مركز البحوث العلمية في منطقة البرزة، ومقر الفرقة الرابعة في نفس الحي، وموقع الحرس الجمهوري في جبل قاسيون، ومركز البحوث في منطقة جمرايا.
وفي إعلان بثه التليفزيون، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: إنه أصدر أوامره بشن ضربات دقيقة على أهداف سورية مرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيماوية، وذلك بالتنسيق مع كل من بريطانيا وفرنسا.
وجاء توجيه الضربات ردا على الهجوم الكيماوي، الذي أقدم النظام في نهاية الأسبوع الماضي على بلدة دوما، الواقعة في ضواحي العاصمة دمشق. وفي نفس السياق قال: أنه يرغب في إقامة رادع مهم، ضد أي استخدام للأسلحة الكيماوية، وأشار أيضآ إلى
أن الولايات المتحدة وحلفائها على استعداد، “لمواصلة الضربات الجوية ضد النظام السوري حتى يتوقف عن استخدام غاز الأعصاب المحظور دوليآ“.
وتابع ترامب قائلآ: ” لدي رسالة الليلة، للحكومتين الروسية والإيرانية،ا المسؤولتين عن دعم وتجهيز وتمويل نظام الأسد المجرم متسأل: ما نوع هذه الأمة، التي تريد أن ترتبط بالقتل الجماعي للرجال والنساء والأطفال الأبرياء؟”.
من جانبه، قال الجنرال جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، في واشنطن للصحفيين، إن الضربات التي نفذت في سورية استهدفت ثلاث منشآت مرتبطة ببرنامج الأسلحة الكيماوية الحكومي.
وتابع إن الهدف الأول كان مركز أبحاث علمية خارج دمش. الثاني هو منشأة لتخزين الأسلحة الكيماوية خارج مدينة حمص. وأوضح إن الهدف الثالث يقع بالقرب من الهدف الثاني، وكان منشأة لتخزين الاسلحة الكيماوية ومركز قيادة مهم. وأضاف دانفورد قائلآ: أن الموجة الحالية من الغارات الجوية، التي ستؤدي الى “تدهور طويل الأمد” في قدرة سورية على البحث وانتاج أسلحة كيماوية، انتهت الان.
وفي لندن، قالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مؤتمر صحفي: “إنه لا يوجد بديل عملي لاستخدام القوة” لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل الحكومة السورية.
وقالت ماي:
هذه الضربات لا تعني التدخل في حرب أهلية. ولم يكن الهدف منها تغيرالنظام السوري ووصفت الرد العسكري بأنه ضربة محدودة وموجهة.
كما أكدت أن الضربة إشارة واضحة إلى أي شخص آخر يعتقد بأن باستطاعته أستخدام السلالاح الكيماوي مع الإفلات من العقاب.
وأضافت ماي: لا يمكننا السماح باستخدام الأسلحة الكيماوية لتصبح أمرا عاديا داخل سورية، أو في شوارع المملكة المتحدة، أو في أي مكان آخر في عالمنا.
وفي باريس، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الخط الأحمر الذي حددته فرنسا في أيار 2017 قد تم تجاوزه، وذلك لدى إعلانه عن انضمام بلده فرنسا إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في شن هجمات على سورية.
وأكد في بيان “لا يمكننا تحمل التساهل في استخدام الاسلحة الكيماوية التي تمثل خطرا مباشرا على الشعب السوري وعلى أمننا الجماعي.”
وتابع قائلآ: تم توجيه الضربات ردا على هجوم الأسبوع الماضي على دوما، حيث قتل العشرات بالأسلحة الكيماوية، في انتهاك كامل للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن الدولي. وتابع قائلآ: لا توجد شكوك حول الحقائق ومسؤولية النظام السوري.
هذا ما حدث ليلة البارحة حسب القائمين على الضربة، ولكن ماذا عن الخطوة التالية؟
لأن أعمل عسكري، لا يتبعه عمل سياسي ذات أهداف مواضحة المعالم فهو فاشل بكل ولا جدوى منه.
وقبل الدخول في الإجابة على هذا التساؤل المشروع، لا بد لنا من التوقف عند حجم الضربة، ومدتها، وإعلام الروس وذلك يعني النظام، والأتراك والإسرائليين بالضربة مسبقآ.
من بديهات أي عمل عسكري جاد ضد طرف أخر يعتبر خصم وعدو، هو عنصر، والمفاجأة أن الممثل رونالد ترامب كشف على نيته بضرب قوات النظام السوري، قبل عشرة أيام من تنفيذها.
الذي فعله ترامب يمكن التعبير عنه بالتالي: في إحدى المدن الكبرى تحدى أحد الأفراد القوانيين، وأخذ يقتل الناس فراد وجماعة كل يوم. ولم تلاحقه الشرت والقاء القبض عليه ومحاكمته ووضعه في السجن، وبدلآ عنه، قامت الشرطة بتحذيره والطلب منه الإلتزام بالقانون، وعدم إستخدام الأسلحة الأوتوماتكية والرشاشة، في قلته للمواطنين
ضمن المدينة.
وعندما تمادى القاتل في إجرامه، قامت بتوجيه عدة لكمات له، وتركوه في حال سبيله
وسط سخط الناس وإحتجاجهم وإستغرابهم، من طريقة تصرف الشرطة مع هذا القاتل المحترف، الذي يعيش على الدماء.
ثم إن حجم الضربة الغربية فعلآ مسار للسخرية، فهل يعقل أن تلك الضربة ستردع المجرم بشار الأسد من التوقف عن استخدام الأسلحة الكيماوية، والثقيلة والصواريخ والطيران ضد المدنيين السوريين.
لو كان الغرب حقآ يريد إزاحة بشار الأسد من الحكم، لفعلوا ذلك من زمان، ولما أعطوا المجال لأنن يلعبوا أي دور عسكري وأمني تخربي وإجرامي في سوريا. الضربة كان من المفترض أن تشمل جميع مقرات القيادة السياسية، العسكرية الأمنية، قيادة الأركان، شبكات الإتصال، وزارة الدفاع، وقيادة الفرقة الرابعة، الحرس الجمهوري، وشبكات الإعلام والقضاء عليهل بشكل تام.
كل هذا لم يحدث لثلاثة أسباب:
السبب الأول، إن ومنذ بداية الثورة لم يكن متحمسآ لرحيل نظام الأسد المدعوم من اسرائيل. وتخوف الغرب من وصول الإصوليين للسلطة، وهذا أمر مخيف بالنسبة للغرب والإسرائليين على حدٍ سواء.
السبب الثاني، خلاء سوريا من البترول والثروات الطبيعية الإخرى كالغاز والذهب واليورانيوم.
السبب الثالث، تجنب التورط في أي نزاع مسلح مع القوات الروسية، لم له من مخاطر جدية على العالم بأجمعه.
برأي الضربة الغربية، كانت موجهة للروس أكثر منها لنظام الأسد، وأكدت الضربة رغم محدوديتها، بأن روسيا دولة محدودة الإمكانيات، وليس بإستطاعتها الوقوف بوجه الغرب الأمريكي، صاحب القوة الأقوى في التاريخ البشري على الإطلاق. ولا يمكن للروسي رد الصفعة التي تلقاها من العم سام فجر اليوم. وأدكت الضربة الأمريكية أيضآ بأن الروس ليس بإستطاعتهم حماية النظام السوري، وهذه الرسالة وصلت الى الطاغية بشار الأسد، وملالي قم وبشكل لا لبس فيه.
أنا واثق بأن بشار وزبانيته سعداء للغاية اليوم، كون الأمريكان لم يقتربوا من قصره المنيف، وأعلنوا صراحةً، أنهم لم يهدفوا الى زعزعة وتغير نظامه، ولا المليشيات الشيعية الطائفية الناشطة على الأراضي السورية.
التسأول الأخر:
هل كان بإستطاعة أمريكا فعل أكثر من مما فعلت، دون تداعيات خطرة على السلم العالمي؟ والسؤال الأخر: لو أقدمت أمريكا على زعزعة النظام السوري وإسقاطه، مَن يضمن عدم وصول حلفاء المجرم اردوغان وقطر من ارهابي جبهة النصرة وتنظيم داعش للحكم في دمشق؟
الحل في رأي يكمن في فرض حل سياسي على الفرقاء السوريين، على أن يشمل النقاط التالية:
1- أن تكون سوريا المستقبل دولة فدرالية تتألف من ثلاثة أقاليم هي: الأقليم الكردي، الإقليم السني، الإقليم العلوي. ولا ضير تسمية تلك الأقاليم بمسميات أخرى. (إقليم غرب كردستان، اقليم الوسط، اقليم الساحل).
2- الإعتراف بالشعب الكردي كقومية ثانية في البلاد، وتثبيت ذلك في الدستور السوري القادم. ورفع أثار الحزام العربي، وإعادة عرب الغمر الى ديارهم من حيث أتوا، وإعادة الدور والأراضي للكرد، الذين تم تهجيرهم من مناطقهم بالقوة من ستينات القرن الماضي.
3- تبني الجمهورية السورية، كإسم للدولة القادمة، والإتفاق على علم لدولة الوحدة، يرمز للعرب والكرد.
4- تبني النظام البرلماني، المؤلف من غرفتين: غرفة الشعوب، وتكون مناصفة بين الكرد والعرب. غرفة للتمثيل الشعبي.
5- إنهاء حكم عائلة الأسد، وتقديم المسؤولين عن اعمال القتل الجماعي، والتهجير الطائفي لمحكمة عادلة.
6- إخراج كافة المليشيات المسلحة، والقوات الأجنبية المتعددة من سوريا.
7- جمع السلاح من جميع الفرقاء السوريين، وبناء جيش وطني يمثل جميع السوريين، ونفس الشيئ ينطبق على الأجهزة الأمنية.
وهذا بحاجة الى توافق روسي- أمريكي في البداية، ثم جمع السوريين تحت خيمة واحدة
ومن فرض ذلك عليهم.
14 – 04 – 2018