ما هي العبر الواجب الاستفادة منها من انتفاضة آذار عام 2004 في روزآفا كوردستان؟ – سيف دين عرفات

 

لا شك بأن الاستفادة من تاريخ الشعوب والدروس المستقاة منها تتعلق كثيرا بالظروف الذاتية والموضوعية لأي شعب ولكن الشيء المؤسف هو أن لايستعبر الشعب الكوردي من التاريخ ويضيع الفرص التاريخية واحدة تلو الاخرى لاسباب لست بصددها الآن.

في مثل هذااليوم اي بتاريخ 12 / 3 / 2004 م انتفض الشعب الكوردي عن بكرة أبيه وأمه اعتبارا من ديركا حمكو ومرورا بالرميلان وجلاغا وتربسبيي وقامشلو وعامودا والدرباسية وسريكانية وكوباني وئافرين وحلب ووصولا الى زورآفا في ضواحي دمشق العاصمة، وكانت شرارة تلك الهبة او الانتفاضة او الثورة سمها ما تشاء الاحداث العنصرية التي جرت اثناء مبارة فريق دير الزور ضد فريق الجهاد المتألف من مكونات المنطقة في قامشلو ومحافظة الحسكة، حيث جرى الاعتداء بمساندة النظام من قبل اهالي دير الزور على جمهور فريق الجهاد بكل الوسائل وأطلقت السلطة الحاكمة المجرمة النار والرصاص الحي بدون سابق انذار على المواطنين الابرياء في ساحة الملعب مما ادى الى استشهاد العشرات من المواطنين الكورد في هذا اليوم واليوم الذي تم فيه دفن جنازات الشهداء.

لنتذكر الهجرة المليونية في الباشور عام 1991 التي أعقبها حظر الطيران الجوي على سماء باشوري كوردستان، حينها تعاطف المجتمع الدولي مع الكورد وكانت الفرصة سانحة لإعلان استقلال كوردستان إلا ان القادة قاموا بتمميع الانتفاضة وكان بعضهم يظهرون على الإعلام ويطلبون الأغطية والبطانيات والأكل وغيرها من الامور المعيشية وكأن الشعب الكوردي كان في مجاعة وهذه المجاعة هي سبب المأساة والهجرة المليونية هكذا نشروا تلك المأساة الكبيرة للعالم، والأنكى من ذلك هو تسابق القادة للذهاب الى حضن المجرم المشنوق صدام رغم جرائم صدام متناسين التعاطف الدولي الكبير الذي تحقق للكورد على المستوى العالمي ، انها فعلا كانت فرصة ذهبية ضائعة قد لا تتكرر بسرعة ولعدة عقود أو ربما لقرن كامل، علما بأن تلك الفرصة تكررت أيضا عقب سقوط صدام عام  واحتلال امريكا للعراق عام  2003 وأيضا تم اضاعة فرصة اعلان استقلال كوردستان حيتها في الباشور.

 

في انتفاضة او هبة او ثورة آذار قبل خمسة عشرة عاما في روژئاڤا اي بتاريخ 12 آذار من عام 2004 خسر الكورد ايضا فرصة تاريخية للحصول على مكاسب كثيرة في روژئاڤا نتيجة لأخطاء القادة الكورد هناك ، تذكرت الآن مطالب الكورد من الفرنسيين اثناء اجتماعهم برؤوساء العشائر الكوردية في روژئاڤا في عامودا حيث انهم طلبوا أشياء تافهة من قبيل إلغاء ضريبة المواشي ولَم يطلبوا مكاسب او مطالب قومية .

 

في انتفاضة 2004 حدث أسوأ مما في عامودا اثناء الاحتلال الفرنسي لسوريا وروزئافا حيث ان رؤوساء معظم الأحزاب كانوا يلقون الماء على نار الثورة المشتعلة  لاطفائها من عين ديوار وحتى قامشلو وعامودا والدرباسية وسري كانيي وكوباني وئافرين وحلب وحتى زوراڤا بدمشق ، وكان هؤلاء القادة يطلبون الهدوء من الشعب الكوردي بل ان بعضهم ممَن قضى جُلّ عمره في السياسة اطلقوا على تلك الإنتفاضة بالفتنة معربين عن قربهم ومجاملتهم للسلطة البعثية الشوفينية.

 

من الجدير بالذكر هنا بأنه لم تقم اية مدينة عربية بمساندة الكورد ولم تجري مظاهرة واحدة من قبل المكونات الاخرى لمساندة الكورد المظلومين وكل قادة المعارضة الحاليين كانوا في صف البعث وبشار الأسد آنذاك ويتهمون الآن كذبا وجذافا بأن الكورد هم حلفاء وشبيحة النظام، انها فعلا مفارقة تاريخية يجب ان يستعبر منها.

 

وهنا وفي تلك الهبة فقد الكورد ايضا فرصة ثمينة لإنتزاع بعض المكاسب من سلطة البعث والسبب الرئيسي كان قادة الاحزاب الكوردية وممارساتهم الخاطئة ودعمهم للنظام ولو بشكل غير مباشر.

 

بعد مرور 15 عشرة سنة على الانتفاضة المجيدة واعتبارا من عام 2014 وثورة 19 حزيران تكونت الإدارة الذاتية الديموقراطية الكوردية بعد تحرير المدن الكوردية اعتبارا من الرميلان وحتى ئافرين المحتلة وهذه الإدارة التي تحاربها معظم الاحزاب الكوردية معنويا واعلاميا وعسكريا واعني هنا احزاب الانكسة المتحالفة مع الإئتلاف العروبي العنصري هذه الإدارة الحالية هي فرصة كبيرة للكورد لتحقيق اهدافهم عندما تعترف المجتمع الدولي بها.

أعتقد بأن معظم الكورد يتمنون ان يتعاون جميع الكورد ويدعموا الادارة الذاتية المتكونة في روزئافا لكي لا يضيعوا هذه الفرصة التاريخية ايضا التي سوف لن تعود بنظري لقرن كامل ان تم ضياعها وفشلها وفقدانها.

انظروا الآن ماذا يحدث في روژئاڤا خذوا ديرالزور مثالا حيث كان هجومهم على الكورد في ملعب قامشلو والآن مَن يحكم ويدير ديرالزور؟!  وقس على ذلك ، وأخيرا ورغم كل شيء أتمنى ان يجتمع الكورد جميعهم بهذه المناسبة ويتفقوا على أضعف الإيمان أقلها عدم محاربتهم للبعض أعلاميا وعدم تحالفهم مع اعداء الكورد وإنشاء منظمة تتكلم باسم الكورد على المستوى الخارجي على غرار منظمة التحرير الفلسطينية مثلا وتكوين قوة عسكرية واحدة غير تابعة للأحزاب .

بهذه المناسبة اتذكر شهداء الثورة وتلك الإنتفاضة وشهداء الثورة الحالية بإجلال واحترام والرحمة والمجد والخلود لهم وأتمنى أن يتحقق اهدافهم التي قدموا الغالي والنفيس في سبيل تحقيقها.

سيف دين عرفات – ألمانيا – في 12 / 3 / 2019 م.