مَن أعدَم عزّت عبد العزيزعبد الإله أم الحُكومة البريطانية؟ – إبراهيم شتلو

    في الذكرى الثالثة والسبعين الأليمة وَالمُشرّفة لإعدام المُناضل عزت عبد العزيز وَ رفاقه الأبطال على يَد النظام العراقي المجرم وبإيعاز من الحكومة البريطانية أود أن أنقل جزءا – قَد لايكون قد كتب عنه أحد من قبل  – عن حقيقة تفاصيل هذه الفاجعة.

   : رَوى لي الأخ الفاضل السّيد عصام الدين محمد علي عَوني مايلي

    في صَيف عام 1946 كُنت في سن الثانية عشر وصادف أن كنت لوحدي في دارنا –  الطابق الخامس من عمارة في حَي العباسية بمدينة القاهرة -، قُرع الباب وَعندما فتحته رَأيت رجلا وسيما لم أراه من قبل يقف أمام الباب وَ قدّم نفسه لي وَ دَخل البَيت بثقة وَ لطف يَكّن عن معرفة حميمة له بوالدي وَعائلتي.

وَعندما سألني عن والدي أخبرتُه أنه وَ والدتي خارج القاهرة وَقد يَطول غيابهما لعدة أيام.

 فبقي وَ قررالإقامة معي في بيتنا.

وفي البيت أجرى إتصالا هاتفيا مَع مَكتب المَندوب السّامي البريطاني حَيث قيل لَه بأنّ مَوعده مع المَندوب السّامي سَيكون بَعد يَومَين.

    قُمت بما أستطيع تجاهه من واجب الضّيافة ، وَعندما حلّ الليل لم أستطع أن أجهّز أو أختار لَه غُرفة مُناسبة أو مكانا للنوم يليق به.

فقام بنفسه في إعداد فراش بسيط على البَلكونة وَ نام أربعة ليال،وأبدى أرتياحه لهذا الإختيار.

    وَعندما حان مَوعد إجتماعه مع المَندوب السامي البريطاني في القاهرة – الذي كان مَسؤولا أيضا عن شؤون العراق –  إصطحبني مَعه إلى مَقرالإجتماع حيث بقيت أقضي وقتي باللعب في حديقة المبنى – في حين كان هو داخل مكتب المندوب البريطاني ينقل رسالة الملا مصطفى البارزاني للحكومة البريطانية للتفاوض ويتناقش معه لإيقاف العمليات الحربية وفي سبيل حل المشكلة الكردية بطريقة سلمية.

    وبعد أن إنتهى من لقائه خرجنا من مكان الإجتماع وَفهمتُ منه آن المباحثات مع المندوب السامي البريطاني لم تفضي إلى نتيجة إيجابية ، بمعنى أنها فشلت لأن المندوب السامي لَم يُوافق على المبادئ التي نقلها له من القائد مصطفى البارزاني.

    وَبعد عَودته إلى الوطن شَن الجَيش العراقي مدعوما بالمَدفعية والطيران الإنكليزي على كردستان هجوما وحشيا أصيب فيه عزت عبد العزيز بجرح بليغ في كتفه إذ نقل على أثرها إلى مستشفى بمدينة السليمانية للعلاج، وعندما وصل الخبر إلى الأمير عبد الإله – كان وصيا على العرش الملكي العراقي نظرا لصغر سن الملك – سافر خصيصا إلى السّليمانية و َزار الجّريح عزت عبد العزيز في المستشفى وَأبدى تَعاطُفه مَعه حيث كانت تَربُطهما عَلاقة زمالة لكون الأمير عبد الإله والضابط الكوردي عزت عبد العزيز كانا قد أديا سوية دَورة تدريب عسكرية في الأكاديمية الملكية البريطانية في إنكلترا وَعرض الأمير عَليه أن يَتم نقله إلى مُستشفى أفضل في بغداد وَ طمأنه بأنه سَيكون تحت إشرافه لمُتابعة علاجه بشكل أفضل وَ يَكون تَحت رعايته وَ لذلك وافق عزت على عَرض الأمير عبد الأله.

    وَ بالفعل وَبعد العَهد الذي قَطعه الأمير على نفسه وافق على عَرض الأمير وَ تَم نقل المُناضل الجريح عزت عبد العزيز من مستشفى السليمانية إلى مدينة بغداد. وَ لكن بَدلا من أن تَتجه سيارة الإسعاف به إلى المُستشفى كمت وعده الأمير عبد الإله نُقل بجُرحه إلى السّجن حيث جَرى إعدامه.

وَكان ذلك اليَوم هُو الخميس التاسع عَشر من شهر حزيران عام 1947

 وإلى هنا أود أن أترك الإجابة على سؤال: مَن أعدم عزت عبد العزيز للرأي العام العربي على أمل أن يَستيقظ العَرب من سُباتهم وَ يَكفوا عن مُعاداة الكورد وكوردستان وَ يفهموا أخيرا أنّ تَحالفهم مَع الكورد هُو خَلاصهم وَ ضَمانُهم الوَحيد للتّخلص من الفتن والأطماع الخارجية.

إبراهيم شتلو

دراسات كوردية – إسلامية

بون – ألمانيا 20 حزيران / 2020