قُدسية الملائكة (3-3)- خالد علوكة / ج3 والاخير :

والاكويني يقول في ج/5  من كتابه الخلاصة اللاهوتية : (لم يكن في حال الانسان او الملاك الاول ظلمة الذنب والعقاب )  وعند غريغوريوس في خط 34على الانجيل ( فالملائكة يرسلون ويقفون بين يدي الله . والشيطان يقف بين يدي الله كقوله في ايوب 6:1( لما وقف بنو الله امام الرب قام الشيطان ايضا بينهم ) .. ويبدوا هنا قال كلمة – قام – بين الواقفين لانه (( وإن فقد السعادة لم يفقد مع ذلك الطبيعة المماثلة للملائكة )) هنا التماثل يعنى انه من الملائكة !!! ونجد تغرب الخير في 1يو 5-9  بالقول ( العالم كله تحت حكم الشرير ) وعن الملاك ايضا يقول في [ يو 11:4( في ملائكته وجد نقيصة فكيف الذي يأوون بيوتا من طين ٍ!!! ]..

ونقرأ عند توما الاكويني في كتابه الخلاصة اللاهوتية ( لايجوز للملائكة خطيئة الكبرياء او الحسد من مخلوق غيرها كونها ستدخل عليها رذائل اخرى ) . ويقول يمتنع وجود شر الذنب عند الملائكة لان شر الذنب ليس يمكن وجوده الا في القوة كما في الوهيات ك9م19 –؟ رغم عارض ذلك في أيوب 4-8  في قوله  ( في ملائكته يجد أثما ) . و في 1 يونان 9:3 يقول( كل من هو مولود من الله لايعمل خطيئة لان زرعه ثابت فيه ) . وتزداد الخطيئة بزيادة عظمة الشخص الخاطئ . وربما الانسان العظيم لايناله ضَر من الخير الحاصل له بل من سوء استعماله . لكن نجد في (قول رو15:7 لاني لااعمل مااريده من الخير بل مااكرهه من الشر أياه أعمل . ) وديونسيوس يقلقنا بقوله ( الخير يحدث على نحو واحد وأما الشر فعلى انحاء متعددة ) .

واذا كانت الخطيئة واردة واذا كانت خليقة معصومة عن الخطيئة فانما حصل لها ذلك من اعتبار الملائكة لايشتهون الا ماهو خيرا في الحقيقة !! . وهم يسبحون ليل نهار بحمد الله وشكره  . بل نقرأ في نهج البلاغة للامام علي ص 358 شرح الشيخ محمد عبده ( بأن ابليس عَبد  الله 6 ألاف سنه لايدرى من سنى الدنيا ام من سنى الاخره ) فيما اوغسطينوس يقول( ليس احد يصرف الفضيلة الى الشر ) وفي يوحنا12/13- ابليس ( يدعى سيد هذا العالم ) !!.

واذا كانت الخطيئة واردة  فانما حصل لها ذلك من هبة النعمة لامن حال الطبيعة . ليقول (اوغسطينوس في مدينة الله ك11ب11و33 إن الله لم يفصل بين الملائكة قبل ارتداد بعضهم واهتداء البعض الاخر وانهم كانوا في حال النعمة ).

وذكر توما الاكويني في كتابه الخلاصة اللاهوتية ج/2 بين خلق المَلكُ وسقوطه تراخٍ ففي حزقيال 28-14-15 (تمشيت كامل انت في طُرقك يوم خلقت الى ان وجدت إثم ) فيما في يو8-44 ( لم يثبت على الحق … ) – وهذا يعنى انه كان على الحق ولم يثبت عليه – حسب اوغسطينوس – . ويقول توما الاكويني في ج2 من كتابه اعلاه  ( يظهر ان الملائكة الذي خطئوا أكثر من الذين ثبتوا!! لان الشر موجود في الاكثر والخير في الاقل !! ) فيما يقول الكاتب – هيبت بافي حلبجة – في مقاله على الحوار المتمدن ( إذا كان النص الإلهي قديماٌ ، فإن الشيطان يصبح واجب الوجود ، أي جزءاٌ متماهياٌ مع طبيعة إله الكون ، وهذا يخلق كارثة حقيقية في موضوع مأساة إبليس ، كارثة إله الكون ).

و يقول توما الاكويني في كتابه الخلاصة اللاهوتية (فلو خطئ الملاك الذي كان أعلى الملائكة لتعطل {الترتيب الالهي  } في اشرف المخلوقات وهذا باطل ، ولم تكن خطيئة احد الملائكة علة لخطيئة الاخرين  لو قدر كان قد جرهم الى الخضوع له بعدم السجود !! ولم يخطئوا بايثارهم الخضوع لأحد الملائكة الاعليين على الخضوع  لله …. ) .

ويستطرد الاكويني في عبارته : بان المتكبر عند تساوي سائر الامور لديه يؤثر الخضوع للاعلى على الخضوع للادنى اما اذا ادرك خضوعه للادنى رفعة لايدركها في خضوعه للاعلى فيؤثرالخضوع للادنى على الخضوع للاعلى .

رغم عدم رغبتي بفكرة الشيطان من اصله ولقطت السجود واراها شُركاً بالله فالسجود لغير الله مذلة وكل الاديان تنبذ الشُرك بشدة وتعلوا بالتوحيد ، ويذهب الكاتب السوري (نبيل الفياض ) ص 225 في كتابه( تاريخ الملائكة) ليقول (( بان الاديان الابراهيمية ليست توحيدية بالمطلق بدليل ثنائية وجود الشيطان عندها !! )) . وفي وحدة وصراع الاضداد نرى وجود مضادات طبيعية في الكون كالليل والنهار والحق والباطل والخير والشر وبلا الظلام  مثلا لانعرف النور – وفي سورة الزمر 62 نقرأ {الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل }.  ويقول فراس السواح في كتابه الرحمن والشيطان ( هناك جدلية تاريخية تقوم على صراع الخير والشر بانتصار الاول.. ومع زوال الشيطان ينتهي التاريخ لانه لاوجود لتاريخ بلا صراع وبلا تناقض وبلا أضداد!! ) ويتعمق النفرى توفى 354هج من قرية نفر في الديوانية عندما يقول ( إن لم ترني في الضدين رؤية واحدة لم تعرفني ) وفي الرد على ثنوية الاضداد نجد يوسف زيدان يقول ( النور والظلام انهما متساويان في القدم مختلفات في الجوهر والطبع والفعل ). وفي كل حال الضادان صالحان .

إستطراد :

 والايزيدية في نص ديني (قول مه رسوما جبيرة )  يقول من نورالله  انبثق {تاؤوس المَلَك } وفي قول شيخو بكر – من كتاب د. خليل جندي ج/1  ( نجد خلق الملائكة السبع بالصدق والحق استقروا بالمحبة والصبر ) ونجد فيه ( الهي سر في السماء قبل وجود اللوح والقلم ) ومن نور الله خلقوا الملائكة السبعة الى ملاك واحد الى ان اصبحوا سبعة  وفي كل يوم خلق ملَكَ لسبعة ايام من شمعة اثر شمعه . وفي قول {به دشاى – الله } وهو نص ديني ايزيدي  {ربي خلق الدنيا من جوهرة وسلمها بايدي الملائكة السبعة الخالدين وجعل تاووس المَلَك كبيرهم } كتاب سفر الايزيدية بير خدر سليمان ص31 .

ومهما كان امر الملائكة وأن كان ابليس منهم او من الجن فالشر موجود اسوة بالخير لان مصدرهم الخالق ، وكان النبي سليمان بن داؤد قد استخدم الشياطين والجن في قضاء بعض اعماله ، و عند الايزيدية ( طاؤوس ألمَلَكُ ) باضافة – َ فتحتين على الميم والكاف وضمة على ك – جعله الله سيد ورئيس فوق كل الملائكة ، ويأتي في التاريخ الديني اسم رؤساء ملائكة اخرين مثل ألملائكة جبرائيل وميخائيل ، وفي كتاب تاريخ الملائكة ل نبيل الفياض ( نجد في سفر أخنوخ الاثيوبي حيث ترد اسماء سبعة ملائكة وهم –ميكائيل- جبرائيل – رفائيل – اورئيل – راغوئيل – زراحئيل – ميئل ) . ولم نجد اسم عزازيل بينهم ويعنى عزازيل (الله القوي او قوة ألله او المعز بالله ) !! .

 ويوجد قول خاص باسم طاووس ألمَلَكَ في النص الدينى الايزيدي وقد اتخذت الايزيدية الملاك قائدأ وملاكا طاهر لها دون غيره كالانبياء لدى بقية الاديان ولهم الاولياء الصالحين الذين لاتنقطع لهم مثال الشيوخ والابيار واولياء اجلاء وصلت عندهم الكرامات مراتب عليا من جراء عبادتهم لله وحده كما الانبياء جلهم لهم موقعة خاصة لدى الايزيدية .. ول (طاووس ألمَلَكُ ) إعتبارات خاصة جلها  : القدم بالخلق الاولي الابدي من جوهرة نور الله – الذى لايفنى او يموت ،وكما انه خلق العالم بواسطة النور  والنور الاولى ليس هو الضياء لنور الشمس والقمر لانهم خلقى في اليوم الرابع من خلق الكون والنور الاولى يمكنه رؤية العالم من اقصاه الى اقصاه .

وخلق يوم الاربعاء المقدس (الذي هو يوم خلق الملائكة ) والذي يعتبرعيد رأس السنة الايزيدية ( سه رى سال ) تحتفل به الايزيدية سنويا في اول يوم اربعاء بعد حساب 13 يوم من الحساب الشرقي من بدء شهر نيشان اي علامة بدء خلق الكون وخص البابليون شهر نيسان بالالهة ويوافق عيد أكيتو . ويقول المستشرق الفرنسي فرنسوا نو في كتابه – النصوص والبراهين على المله اليزيدية – {{ ان تاووس الملك هو الاله السامي الذي قبل كل الموجودات ، ولانهاية له ، ويسود كل الخلائق ، وهو موجود في كل مكان ،ويرسل خدمه الى العالم لكي يفرقوا بين الضلالة والايمان }} – نص من كتاب اليزيدية بين الاسلام والمانوية – .

و( لاسجود ولاوجود ملاك ساقط  في الديانة الايزيدية ) كما يقول الكاتب شمدين باراني في كتابه حبات ذهبية ايزيدية – . وربما مغزى وجود القصه  في باق الاديان لاعتبارات الشريعة ولا الحقيقة وكون المَلَك معفى من الشريعة ، وان الملائكة هم رسل الله خيرون وليسوا باشرار كما يقول بير خدر في كتابه – سفر الايزيدية – ..

آخر الكلام :

ولكن قبل الاسلام من اين جاءت فكرة السجود لادم – ورفض ابليس وتكبره وكيف طُرد  ؟  ولم اشير الى اليهود في ذلك مع هذا نقرأ في كتاب أساطير اليهود تاليف لويس جنزبرج وترجمة الاستاذ حسن حمدي مصر / ج/1 ص 75 تحت عنوان – سقوط الشيطان – ( وبعدما انعم على ادم بروح دعا الرب جميع الملائكة للمجئ وتعظيم آدم وتكريمه ، وقد رفض الشيطان وكان اعظم الملائكة في السماء له إثنا عشر جناحا بدلا من سته مثل الاخرين ان يذعن لأمر الرب وقال : لقد خلقت الملائكة من بهاء السكينه* وها أنت ألآن تأمرنا بأن نخر ساجدين لهذا المخلوق الذي صنعته من تراب الارض ) ويكمل في سبب الطرد والهبوط وفي ( الحال طرد الرب الشيطان واتباعه من السماء واهبطهم الى الارض ) …  ونقرأ للشاعر امية ابي السلط مايلي : ( لان قال ربي للملائكة اسجدوا لادم لما كمل الله خلقه ) ويكمل ابى السلط ( وبأذنه سجدوا لآدم كلهم إلا لعينا خاطئا مدحورا ) وفي الطرد نقرأ له ( وقال رب العباد لابليس ان اخرج لعينا دحيرا مذوما فاخرجه العصيان من خير منزل فذاك الذي سالف الدهر يحقدُ ) . – المصدر كتاب الزهرة لابي داؤد الاصبهاني وباب 51  وقصيدة للسلط بعنوان – لك الحمد – السلط مات في  630 م في الطائف اي 5 هج… فيما بعض المصادر المسيحية تقول ان السجود حصل سماعي كون السجود حصل لادم الثاني وهو المسيح وليس آدم الاول !!.

 وماذا كان يفعل ابليس قبل خلق آدم ؟ قال عبدالله بن عباس (أسكن الله الارض الجن فجعله من مارج من نار وأبليس فيهم وكان اكثر الملائكة توحيدا لله فجعله الله على سماء الدنيا خازنا وعلى الملائكة مشرفا ..فوقع في نفسه الحسد والكبر برفض السجود لآدم ) كتاب الديانة الايزيدية بين الاسلام والمانوية – محمد عبدالحميد حمد – وقال المؤلف ايضا ان ابليس ربما لم يعص ربه ولم يغدر بآدم وكان نورا بسيطا خاليا من الشر مما يجعلنا نتذكر قول الجاحظ (إن الجني إذا طهر ونظف صار خيرا كله فهو ملك ) وفي نفس الكتاب يقارن ظهورات اسماء الملائكة باسماء مايعادله من خاسين الايزيدية مثال ملك دردائيل هو ملك شيخ سن وملك اسرافيل هو ملك شيخ شمس وهكذا البقية .

ان خلق الله سوي بِعدل الله لاشك فيه ولاغبار عليه ولا اعوجاج في خلقه اواعادة اختباره ولاشك في خلقه بعد ان وضع بصمة الكون الثابتة بقوانين صارمه كالجاذبية واي خلل او شائبة من السماء فيها يقلب الكون ، والله لايستشير أحد ويفعل مايريد كما في خلق الملائكة من نوره وخلق آدم من روحه دون الرجوع لغيره رأي مخلوق في مخلوق ، ومن يعرف الله حق معرفته لايعبد ويصلي ويسجد لغيره

 

التعريفات :-

*توما الأكويني (راهب دومينيكاني) (بالإيطالية: Tommaso d’Aquino) (1225 – 1274) قسيس وقديس كاثوليكي إيطالي من الرهبانية الدومينيكانية،

* أوغسطينوس : 354- 430 قديس مواليد الجزائر امازيغي امه مسيحية وابوه وثني .

* يوحنا الدمشقي : 676-749م مواليد دمشق مسيحي مات في القدس .

* ديونيسوس  : بحسب الميثولوچى اليونانى, كان ابن زيوس من ست بشريه اسمها سيملى.

* أوريجانوس (أوريجانس) (Ὠριγένης Ōrigénēs,) (185 – 254)) كان من ابرز أوائل آباء الكنيسة المسيحية.توفي في كايساريا 254.

*غريغوريوس الرابع حداد (1 تموز 1859 – 12 كانون الأول 1928)، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس منذ عام 1906 حتى عام 1928. هو ثاني بطريرك عربي يعتلي سدة الكرسي البطريركي الأنطاكي.

* سكينة / هو اسم علم مؤنث من أصل عربي، ومعناه هو التي تسهر في الليل، والقمر والأرض.حسب ويكيبديا .

 

يناير – 2021م