[ سامحني … سامحني ].
إستيقظت الملكة على وقع هذه الكلمة التي كان زوجها الملك يرددها أثناء نومه.
ليدفعها فضول ممزوج بالقلق عليه لإيقاظه، فلعله كابوس مزعج.
لكنها سرعان ما تمالكت نفسها، وقررت تركه لِئلا تُفسد عليه حُلمه.
فالأحلام غير المكتملة وكما نعلم، قد لا تعود إلى الذاكرة بتفاصيلها الصغيرة.
صباحاً وعلى مائدة الإفطار، سألت الملكة زوجها مازحة عن الشخص الذي كان يطلب منه السماح أثناء النوم.
تفاجأ الملك وبدا عليه الإرتباك بعض الشيء، وكأنَّ شيئاً مهماً للغاية قد غاب عنه.
فوراً، توجه إلى مكتبه وأبلغ سكرتيره الخاص بأن يُلغي كل مواعيد هذا اليوم، وأن لا يَسمح لأحد بالدخول عليه.
كما اعتذر من زوجته الملكة أيضا، وطلب منها أن تتركه لوحده بعض الوقت على أمل أن يتمكن من تدوين ما قد رآه بالأمس.
دخل المكتب، وشرع بالتفكير لكتابة حلمه، فكتب يقول :
[ كنتُ جالسا لوحدي على ساحل البحيرة أمام القصر أتأمل جمال الطبيعة.
فجأة شعرت وكأن يداً تتلمس كتفي بحنان، إلتفتتُ إلى الوراء فإذا جَدّي الملك … واقفاً خلفي.
حاولت القيام للسلام عليه، لكنه طلب مني البقاء في مكاني، والإصغاء لما سيقوله لي من دون مقاطعته.
قال :
هل تعلم يا بني أن البلاد اليوم ليست كما الأمس ؟!!…
بالأمس، كانت بلادنا تتربع عرش الصناعة والتطور، الشعب كان في قمة الرفاهية، المستوى المعيشي للمواطن كان حلم أكثر شعوب العالم، الفساد المالي والإداري كان حالة شاذة، الكلام عن السلاح والمخدرات كان محصورا في الأفلام والمسلسلات، وليس في نشرة الأخبار الرسمية، وأخيرا، كان هناك وجوداً لشيء إسمه العائلة، فلقد كانت متماسكة إلى حد ما.
أما اليوم، فقد لا ابالغ، لو قلت لك أن كل ما تقدم أعلاه، قد فقد جزءاً كبيرا منه كَمّاً وكَيفاً.
إرتفاع الضرائب والأسعار، انخفاض فرص العمل، تدهور الوضع الأمني، ذوبان كيان العائلة، تفشي الرشاوى كنتيجة حتمية للفساد المالي والإداري ومن اعلى المستويات نزولا و …
وباختصار، فإن الكثير مما كان يعتبر حقوقاً بالأمس القريب، أصبح اليوم حُلماً صعب المنال بالنسبة للمواطن البسيط.
والسبب في كل ما تقدم أعلاه، يلخصه المفكر الكبير نعوم تشومسكي بجملة واحدة، حيث يقول :
[ لا يوجد شيء اسمه بلد فقير، يوجد فقط نظام فاشل في إدارة موارد البلد ].
كلي أمل أن ألمَسَ في لقائي القادم معك تغييرات جذرية على أرض الواقع، وذلك طبعا لصالح المواطن على حساب السياسي الفاشل الفاسد.
محبتي القلبية لك وإلى اللقاء ………
………… إلى هنا إنتهى كلام جدّي الملك.
وبينما أنا بصدد الالتفات إلى الوراء للاعتذار منه.
وجدتُ نفسي وحيداً ثانية … فلقد غاب عن الأنظار ].
هذا كل ما إستطعتُ إقتِناصه من حلم الامس مما قاله لي جَدّي الملك غوستاف السادس أدولف = Gustaf IV Adolf
/ التوقيع
كارل السادس عشر غوستاف = Carl XVI Gustaf / ملك مملكة السويد.
ستوكهولم
=======
بهزاد بامرني
٢٤ / ١٠ / ٢٠٢١